م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
م ن ت د ى ال ع ش ر ة

جمعية مغربية سوسيوثقافية 22 غشت 2007


    قاسم سعودي//فراديس الغياب عقيل علي .. صائد الحنطة الثائرة

    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    قاسم سعودي//فراديس الغياب عقيل علي .. صائد الحنطة الثائرة Empty قاسم سعودي//فراديس الغياب عقيل علي .. صائد الحنطة الثائرة

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي السبت 6 ديسمبر - 9:06

    قاسم سعودي فراديس الغياب

    هل كان عقيل علي حقاً لينظر تلك النهاية الدرامية الموجعة ،
    وهوة يتوارى وحيدا ًعلى أرصفة بغداد ، بعيدا ًعن كل انصهارات الروح ، تواريخ الذبول
    ودساتير فجيعته المغلقة وما ترتب عليها من خواء الجيب والقلب والأصدقاء ، ممارساً
    موته الحتمي ورحيله المعلن فوق حدود المتاهة وانغلاق بوابة
    الأمل..
    أم أنه ارتضى لطائر محنته الطويلة أن يكون قريباً من
    المركبة التي ستوصله إلى حيث الخلاص..

    الشاعر في رحلة البحث عن الموت أو الشاعر المنقب عن نفسه في
    طقس الهلاك وعن منحوتة الشعر حين تمتزج بدم الكتابة في تنور القصائد وموقد الخباز
    الحزين..

    وتلك الضحكة العنيدة الرمضاء التي ستتوارى خلف زكام الأيام
    السود ، مخلفة ورائها أنين ما هدهدته القصائد على مرفأ الشعر الحديدي ، لتتمرى
    وحيدة في تطوافها المر على أرصفة شارع السعدون ومحطة( باص الكرنتينة) في رصافة
    بغداد التي كانت ملاذه الأخير ، بعيداً عن كل شروط ومعادلات اللعبة وأفئدة الأصدقاء
    وشهد بيوت الطين والقصب في أحياء أور القديمة في جنوب العراق حيث نشأته الأولى
    ..

    لاشك أن كل نبؤات الشعر و مناخات البوح وما يلازمها من ألم
    منزوع الدمع من فرط الحياة ، لا تستوعب ميتة واحدة استوطنت جسد الراحل قبيل تحليقه
    الأبدي من الحياة إلى الحياة أو من الموت الذي في الحياة ، إلى الحياة التي في
    الموت .

    تلك الحياة العنيدة ، الطيبة ، الساذجة ،المعطاءة ، الصابرة
    الخجلى التي تنفست عقيل علي ذات حرب أو ذات جوع وحب
    ..

    تساؤل يقودنا إلى ماهية التشرد والتمرد والعبث المسكوبة على
    نواعير الحرية المدببة وهي تطرق جغرافيا جسده المقوس ،ممارساً شغفه اليومي بالكتابة
    بالقلم الرصاص ومثلماً يردد دائماً ( حقاً ، كما يعتقد عظيم فنجان ، أن الشعر
    المدون بالقلم الرصاص ، هو الشعر الذي تدونه الملائكة ، لا نحن
    ...)

    قلم رصاص هرمت أحلامه البيض وأمسى مكدساً مثل صاحبه بحبر
    الفجيعة وهو يمليء عليه طقوس تلك الوقائع اليومية المسروقة من لحم صباحه المفتون
    بالتآكل والمهدور قرب مقصلة البقاء من جدول الوقت الذي سيعلنه على خاصرة المحبة ،
    رغيفاً صادقاً من عافية الممات ..

    نعم ، لقد كان عقيل علي متمرداً ،عابثاً ،بويهيمياً ،
    مخلصاً وفاضلاً من طراز فريد ، مخلصاً لنفسه الشغوفة الحائرة ولفينيق الشعر حين
    يلتصق بنبض روحه ، ليملأ تلك الأماكن الأكثر عنفاً والأكثر عتمة من ليل بنصوصه
    المضيئة الصارخة على ورق الكلام ، ليفترس من خلالها وعبر حنطة الغياب الكبير ،
    وعورة الذات والقلب والمنتهى ، متشظياً، ضائعاً ، حاملاً بين يديه المشتعلتين دمعة
    طازجة منزوعة الورد في زمن الخرائب ،وشهقة مصفدة باللوعة وهي تحشرج أغنيته الأخيرة
    التي لن ولم تتكلس بعد رغم بلاء العنف وشروخ المحطات النائية وهستيريا الأقنعة
    ...

    إنه لقاء القصيدة ، لقاء الموت ، أو لقاء الهناءة ، التي
    لتؤدي كلها إلى مضمار واحد ، هو مضمار عقيل علي ميتاً فوق قلوبنا أو كلماتنا
    المتأخرة إليه ..

    حين يكتب ، تزدحم الحياة به ، زنابق النعيم ، موروثات الطين
    وضجر الأمكنة .

    وحين يموت ، يكتبه الموت ، جثة هائمة على رصيف تفوح منه
    رائحة الشعر والطمأنينة والهدوء.

    ولد عقيل علي ( 1949 - 2005) في مدينة الناصرية ، وما برح
    مقيماً فيها أو موزعاً بين بغداد وجنائن أور القديمة ،وبين كتابة الشعر وممارسة
    الأعمال اليدوية لكسب الرزق ( عمل عقيل علي خبازاً في أفران الناصرية ) صدرت له
    وبمباركة الشاعر المغربي محمد بنيس ،
    مجموعته الشعرية الأولى ( جنائن أدم) عن دار توبقال المغربية ‘ و( طائر آخر
    يتوارى) عن منشورات الجمل
    .

    وله دفاتر شعرية موزعة بين الأصدقاء
    .

    يقول الشاعر عقيل علي في جنائن
    أدم



    (( ولا هاوية
    لها نافذة يتسرب
    منها النور

    ليلغي
    كل هذا السأم

    وسط كل هذا
    النسيج

    ينتصر اللامرئي وسط ضجة
    الطبيعة

    الصمت يخترق ما
    يتعفن من الزمن

    ويصهر باب
    الوجود المترنح تحت غطاء الأبدية

    ما جدوى كلمة
    شجرة

    أن لم تكن شجرة
    بحق

    أعالي الشواطيء
    انكبت على ظهرها

    وتركتنا

    صرخة منزوعة ))

    وفي المنجز الشعري لتجربة الراحل عقيل علي ومن خلال قراءته النقدية يقول الناقد كريم ناصر
    ( انه شاعر يتفاعل مع نصه تفاعلاً جنونياً ، ويكرس كل وقته للمعرفي ،وهذه النتيجة
    هي في مجملها خلاصة طبيعية تتحقق فيها اصالته الشعرية وأشكاله التعبيرية ، مما
    أبرزته إلى الواقع كنموذج متطور ضمن صيرورة تتطور باستمرار بخطى واثقة وبرؤية تحقق
    وظيفتها ومغزاها الدلالي ، وبدافع من الحرص يؤسس عقيل علي نصاً بالغ الطموح مختزلا
    من الشوائب ، بعدّة قليلة دالة ، لمحاولة نهضة الشعر إنجازاً وتأهيلاً وفي إثبات
    كينوناته ، محاولة منه لإدانة الموقف فكرياً ، وإحالته على الملأ كتراجيديا مليئة بلحظات النواح وكثافة الألم
    وهنا تكمن قدرته الإبداعية ومما ساعد بشكل رئيسي على تطور بنية النص دأب الشاعر على
    خلق الجملة الشعرية ، وهو ما يمكن تسميتها
    الجملة التقنية المحكمة ذات دلالة شديدة الكثافة والاختزال )


    (( لقد كنت مأثرة
    وها أنتم صرتم
    نواحاً

    وصباحاً قاتماً
    للأوفياء

    صرتم
    شظايا محنطة

    تنقض بلا رحمة على الموتى
    الذين يتقدمون ))


    يكتب عقيل علي في لذة بعيدة عن أفق المصادرة وفضاءات النزوح
    ، قريبة من حقيقية الأشياء بلذة معرفية واعية تساعد على خلق عالمه الشعري ولا تحيله
    إلى ذلك الهتاف الواهن الذي يغلف عدداً لا بأس به من التجارب الشعرية
    .

    فأمام فتوحات الرؤية تبقى روح الشاعر تعانق كتابة
    البرزخ ، منطلقة من خصوصيات جمالية
    ومعرفية قبل أن تذوب في فضاء التجريب والمغامرة ، من خلال نصوص تحمل في بواطنها
    دساتير حية عن أزمة إنسان يشاطر وحيداً لحظات الرعب والرهبة والتمزق ، ملامساً
    أوراق فجيعته المرة وخرائط متاهته المعذبة تحت أفق الغياب
    ..

    ففي حياة غرائبية ، يغادرنا عقيل علي مشتعلاً في أزمنة
    عاطلة عن التوقد والابتسام ، متوهجاً بشوق خفي إلى مدائن أقل ضجة من دوي العيش وحطب
    البقاء ومحطات أقصر ألماً من شوارع تكحلت بالبارود والعنف
    والجنائز..

    وإلى سموات أكثر نضارة من قصيدة مضيئة توحدت مع جسده المقوس
    وهو يرتدي وجوه الشامخين هناك .. حيث الحزن عراقياً .. النخل عراقياً

    والموت عراقياً كذلك ... وداعاً
    عقيل .


    قاسم
    سعودي


    عدل سابقا من قبل ليلى ناسيمي في الأربعاء 24 ديسمبر - 4:20 عدل 1 مرات

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 11 مايو - 4:15