م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
م ن ت د ى ال ع ش ر ة

جمعية مغربية سوسيوثقافية 22 غشت 2007


    امرأة الليل

    avatar
    رضا السمين2


    الجنس : ذكر
    عدد الرسائل : 6
    العمر : 59
    تاريخ التسجيل : 01/03/2009

    امرأة الليل Empty امرأة الليل

    مُساهمة من طرف رضا السمين2 الثلاثاء 24 مارس - 11:27

    امرأة الليل
    قصة رضا السمين





    أحبّ النساء جائعة العيون. ممتدّة كالنار.. بلباس أبيض يواري/يكشف في حميمة عبقة. هبّت واقفة وخلعت بموجة واحدة رداءها... ووقفت منتصبة تهزّ الكون والأشياء بنفور جسدها النابض... ثمّ جذبت بعنف غطاء الطاولة وراحت تكشف وتخفي في لعب ناريّ... البياض والظلّ في تتابع خاطف، جاذب، عنيف... ورحت أتبعها أحاول إيقاف رقصة الإخفاء والكشف!! دون أن أوفّق. فجلست على الأرض وتمدّدت... وراحت هي واقفة نابضة تراقص ظلّي... وتحيطني كما الماء بكلّ شيء محيط... ثمّ وهبت عيناي رؤى... دفعة واحدة انكشفت لي الحقيقة والحريق. دفعة واحدة وهبتني السرّ الكوني... ثمّ نزلت من عمق عليائها... وقرّبت الشيء الأعظم من شفتيّ... دفعة واحدة وهبتني تقبيل سرّ الظلام.



    ليلتها مسستُ الحدّ وشارفتُ المستحيل. اهتزّ عالمي الدّفين... واحتجتُ كلّ سلاح علم النفس كي أهدّئ فوضاي وأرتّب عالمي النفسي والجسدي. أن أحاول عقلنة الأشياء. لقد عانقتُ الحدّ فصرت انشطارا.



    تتدافع الكلمات وأجهد في ترتيبها أو هي الصّرخة... زمن هو ليلة بحساب البشر، وهو فضاء... وخرق لكياني. عشتُ انفجارا سأحاول أن أقطره كتابة، ستحمل فراغات بقدر ثقوب الذاكرة. لستُ بريئا ولم أكن. هو اختلاط رغبة وهمّ وعقل وامرأة وقضيّة وآخر، أو هو البحر بلا شاطئ.



    جسد حاضر، وذاكرة تحاول استرجاع الأقاصي. أن تكون كلّ اللحظات في لحظة! تلك مفارَقة. وقد كانت.. بألم توحّد الشظايا أو تشظي الكيان. كنتُ نزيفا يتدفّق من كلّ الأمكنة جروحا.

    وكنتُ ساعتها أغرف من الأبعاد السّحيقة في الذات، ولم أعد أستطيع لمّ الشتات ولا إيقاف انجذابه.

    هل يستطيع الجنس أن يلامس كلّ الأصقاع المهملة في الإنسان؟ وقد عشتُ لحظات الانبعاث تلك، انبعاث الرّفات والبقايا المهشّمة لذات أهلكها الهمّ والحزن والأسئلة والإجهاضات المستمرّة. وانقذف ـ عند المضاجعة ـ الكيان شظايا وبدا تحوّل مخيف.

    كنت اتساعا وسع التاريخ والذاكرة وكان الفراش ضيّقا وكانت نصف الأمكنة. كان التاريخ كثيفا في حضوره تلك الليلة، فلم أستطع أن أعيش معها بياض اللحظة، وإذا العسل المتقاطر من شفتيها حبرا يروي... وحين ارتحلنا كنّا نتلمّس شفة المجهول فينا.



    احتضنتني كما الجرحُ يعانق الجرحَ.



    داعبتْني حتى ارتخيت لوهم الحنين... وأنا اليتيم. هي الكون وأنا الامتداد. عبرت بي إلى فضاء اللامكان، وكنتُ انسيابا سابحا في أعماق الذات والصمت والهزيمة. وكان تساؤل الغيم. تتأوّهين من حريق الشفتين وأشعر بحنوّ حضورك في كياني.



    معانقة الإنسان للإنسان في وِحشة الأرض البِكر والزمن البدائي.



    راودتنا الغابة عن بكارتها... فهششنا لرقصة تداعب الوعي واللاوعي، العشق والهوى، تفجّر الأحادية، ضدّا على كلّ نوع، تقذف الأسئلة، تحتضن الاختلاف، ترفض الكائن وتتبنّى الممكن، تخترق الجسد والذات والمجتمع. هل أنا أعيد تلك اللحظة الأسطوريّة، في البدء كانت، حين أدخل رجل الأسطورة رأسه في حرين حبيبته ليستكشف أو يبحث عن الخلق؟؟



    تتزاحم الآن بعض المشاهد، تقفز صورا تساءل كينونتها:

    لقاء كهفيّ، جلسة رمليّة قُرب قارب ليليّ، حديث ضاحك في قطار، تقلّب محموم على سرير ضيّق، عشاء مفعم بالأثر والدّمع، طفولة تهدي مكاننا الزمنيّ وردة أو تفّاحة، إطلالة متكرّرة على ذات تقرأ وحدتها، موسيقانا تتخلّل أصواتنا الحميميّة عبر هاتف من وراء البحر، وصال البندقيّة رفعنا عن الفراش في غيبة عسليّة وصرنا سباحة في فضاء النشوة البيضاء، ليلة الخمس عشرة لذة ولذّة...

    هذه اللحظات وغيرها الآتية من الذكرى تحيل إلى دفئ أخشى إن لم أتدبّره جيّدا أن يُغلق الحضن عليّ والسماء.



    لماذا رجفت ورقة التوت؟ وقعُ خطاكَ أم قطرة مطر لا تعنيك؟



    لم أجرّدها من ثيابها. هي جرّدتني من الفصحى. كانت تجسّم "أناي" في أقصاها. الأنا في الواقع... وكان الأنا مرعبا، أو ليس لهذا "الاجتماع". أكبر منه أو كنت طفلا! أسمع الآن في داخلي صدى انكسار عميق، ويكثّف هذا النُّواح المنبعث كالقطران من نفسي... قلق الافتقاد التاريخي. كما فقدتُ قضيّتي، وطني، أناي... فإذا مطلق الوحشة والرّعب الصقيع. صدى التكسّر، ضجيجه.. يزداد عنفا. فيُغرقني في صمت صاخب ونظرة تنضح قتامة. لقد تكثّف في "وجودي الفردي" انحطاط وانهيار خيار. لقد فشلنا ومات شيء ما. ضاجعتُ "أناي" فاستلذّ الكيان. وقبّلت الانحراف... عانقته، فغمرني الهتك النوراني.



    أبحث عن حقّي في الحقيقة.



    ...عمّا ينير هذا العنف فيّ.

    تلك اللذة القصوى أو ذاك الحفيف اللذيذ.



    إنّني كلّما أُحضر الفردي، الرّغبي، الخاصّ، لا أصادف إلاّ فتور الكائن ولا إغرائية الممكن وأصوات آليّة أو ضجيج المعلّبات. هل عليّ أن أبقى تلك "العقلانيّة" التي تنظر الواقع، وتنظّر تاريخ المنتصرين حيث لا يوجد إلاّ الكلّي والعامّ... وصقيع ما لم يتكوّن بعد!

    أتنكّب، الآن، جفول النوم والرّغبة في القهقهة، بصوت عال مخيف، يهزأ من ارتعاش أحلامي. هل أنا أسمع أصواتك حقا... منذ أسئلة الكهف حتى خرق المدينة وما بعد التوت؟ أيّ روح سريالية ترغبني أنا الملطّخ بكلّ هزائم القرن الماضي، من كرونشطاد (ميناء روسي شهد قمع أول تحرّك عمالي بعد انتصار ثورة العمال! في 1917) حتى غرينادا (بلد صغير من أمريكا الوسطى أحبطت الولايات المتحدة نهضته في الثمانينات) وبيروت (صيف 1982) والعراق (يناير1990 وما بعده) وإحباط حرّيات الجزائر (1992)...، مرورا بأزمة التحليل النفسي وعلوم الإنسان، وليس آخرا أفول "البروليتاريا" وطليعة المقاهي و"العالمثالثية" بعد ترنّح قوميّة "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"!!

    في البدء لم أكن إلاّ حنينا لنهد... وبعد لم أكن إلاّ اندفاعا في التحطيم... وفي الآخر لم أكن إلاّ سفرا ارتجاعيّا في الزمن، وسقوطا في هاوية الذاكرة.

    ثمّ في شهوة نونية نزلت على ركبتيها وفكّت عقالك...! عقلك الذي كنت تبارز به آل مكيافيللي كان سائلا مختلطا بما تخثر في جسمك وتقطره في الشوارع... وهي لم تكن لتكتفي بما تقطر، فأرادت أن تقذف فيها كلّ ما احتقن فيك... حتى أفرغت منك الأبيض والأحمر والأسود أي كلّ ألوانك.





    فجأة وجدتَ نفسك عاريا من الكلمات.


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 20 مايو - 14:22