ليلى ناسيمي كتب:انا العرافة...
من يلوم الخرافة ان هي يوما صدقتني؟؟
أنا العرافة أشهرت عتقي لعفاريت
الشوق تهدهد صغار الطائر الخرافي
على برج من دخان منافض السجائر
وتعقر الزمن لمن كان فينا الخاسرالبائر
من يلوم الخرافة ان هي يوما صدقتني؟؟
وأنا العرافة مذ لفظتني بطن أمي
سقطت عند قدمي أستار الحقيقة,
وعمني ظلام اللام فرأيت ذات فجر
روحي تتسلق خيوط النور خلف الشجرة.
أنا العرافة..
لاأزال منذ بدء تاريخ الهبوط معلقة خلف باب موصد والسماء وراءه,
تغريني بأوبة الطيور المهاجرة الى دواليها.
فمتى..متى..صدقتني الخرافة من يلومها؟؟
.................................................. .
تنبأت الريح بسقوط النوارس تباعا
أسدلت سجاح خبائها وتوسد المدعي زنارها..
سقط فرض...
وكان مهر سقوطها وجعا معمدا بنار السادن يلهبها..
أي مساء من مساآت الفوضى آتيك به...
وعجائن "البيتزا" تعطن خميرها..
وسجاح لم تؤت برهانها؟؟ .....أن
ا العرافة أقول :
عند مذبح اليقين أعتليت مكنستي, هيجت طواحين الألم,
ووقفت ألم أشلاء أحلامكم
لما بعثرتها يمين تاجر الرمال
وذرتها في العراء رياح الشمال
أنا العرافة متى.. متى.. صدقتني الخرافة ..
من يلومها؟؟
منذ أن لامست حلمة أذني بطن الأرض,
وأصغت السمع لهدير الدم .. يجري مجرى النهر..
نهشت الغربة كبدي, واعتراني الرحيل ....
مرة بعد أخرى أتلاشى .. وأرحل بعضي ..يجر بعضي..
وخرير الدم لا يمضي..
فليكن ...
غوايـــة البـدايــات بخواتمهــا, يجلــو مـا شـاب عقـل الفتـى من لبـس
لمـا ادعـى ..
أن الهـم كالأرض بيضـاوي الشـكل ..
ضبابي المعنـى ..
وأن الحـزن علم يطاول المدى
من يلوم الخرافة ان هي يوما صدقتني؟؟ انا العرافة الآن أدخل طقس الدهشة وأقول: من بات منكم بلا حلم أو ألم حلت به لعنة الصمت وطوقته الظنون
د.مصطفى عراقي على عتبات نص انا العرافة
ليلى:
من أية مجرة من المجرات الكونية حشدت جيش الحروف لتحتشد ، كقوافل شهب ؟
مداخلة أولى:
يقول أمل دنقل:
"أيتها العرافة المقدسة
جئت إليك مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقاء
عن فمك الياقوت عن نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع .. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكسة
عن صور الأطفال في الخوذات... ملقاة علي الصحراء
عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء
فيثقب الرصاص رأسه .. في لحظة الملامسة
عن الفم المحشو بالرمال والدماء
أسأل يا زرقاء
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدار
عن صرخة المرأة بين السبي والفرار
كيف حملت العار
ثم مشيت؟ دون أن أقتل نفسي؟ دون أن أنهار؟
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة؟
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي بالله باللعنة بالشيطان
لا تغمضي عينيك، فالجرذان
تلعق من دمي حساءها .. ولا أردها
تكلمي لشد ما أنا مهان
لا الليل يخفي عورتي .. ولا الجدران
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدها
ولا احتمائي في سحائب الدخان
.. تقفز حولي طفلة واسعة العينين.. عذبة المشاكسة
كان يقص عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادق
وحين مات عطشا في الصحراء المشمسة
رطب باسمك الشفاه اليابسة
وارتخت العينان
فأين أخفي وجهي المتهم المدان؟
والضحكة الطروب: ضحكته ..
والوجه .. والغمازتان
***
أيتها النبية المقدسة
لا تسكتي .. فقد سكت سنة فسنة لكي أنال فضلة الأمان
قيل لي اخرس
فخرست وعميت ائتممت بالخصيان
ظللت في عبيد عبس أحرس القطعان
أجتز صوفها
أرد نوقها
أنام في حظائر النسيان
طعامي الكسرة والماء وبعض التمرات اليابسة
وها أنا في ساعة الطعان
ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان
دعيت للميدان
أنا الذي ما ذقت لحم الضان
أنا الذي لا حول لي أو شأن
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان
أدعي الى الموت ولم أدعَ الى المجالسة
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي تكلمي
فها أنا علي التراب سائل دمي
وهو ظمئ يطلب المزيدا
أسائل الصمت الذي يخنقني
ما للجمال مشيها وئيدا
أجندلا يحملن أم حديدا
فمن تري يصدقني؟
أسائل الركع والسجودا
أسائل القيودا
ما للجمال مشيها ويدا
ما للجمال مشيها وئيدا؟
***
أيتها العرافة المقدسة
ماذا تفيد الكلمات البائسة؟
قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار
فاتهموا عينيك، يا زرقاء بالبوار
قلت لهم ما قلت عن مسيرة الأشجار
فاستضحكوا من وهمك الثرثار
وحين فوجئوا بحد السيف: قايضوا بنا
والتمسوا النجاة والفرار
ونحن جرحي القلب
جرحي الروح والفم
لم يبقي الا الموت
والحطام
والدمار
وصبية مشردون يعبرون آخر الأنهار
ونسوة يسقن في سلاسل الأسر
وفي ثياب العار
مطاطئات الرأس، لا يملكن الا الصرخات التاعسة ".
"من قصيدة للشاعرأمل دنقل بعنوان "العرافة المقدسة".
مداخلة ثانية :
ليلى:
"أيتها العرافة المدهشة
لم تعودي تعبثين بالودع الصغير والحصى الأصم لتقتنصي منه نبوءة شاردة، أو هجسة واعدة
وإنما بالحروف الناطقة الصادقة
توشوشينها بهمسك الحبيب
وتسمعينها بحسك العجيب
وتروين عن أصدائها ما باحت لك به من أسرار خبيئة
وألقت في ضميرك من أفكار مضيئة
أيتها العرافة البريئة
لن نلوم الخرافة المضيئة
كحكايات جدتي
حين تشهد لنا صادقةً أنك أنت عاتقة عفاريت الكلمات من قمقمها لتبوح وتحطم قيود الكتمان
لن نطاردها في وكناتها فنفزع قلوبها الحنونة تحتضن أسراب طيورالأساطير
فتجفل هاربة خائفة فلا تعود تهمس لنا بأشواقها السرمدية الأبدية
وتطل علينا بعيونها اللامعات بالبريق كنجمات ترصع سقفا من ظلام كثيف
كأن هذا الظلام غطاؤها الذي تلتف به وتحتمي
ظلام ليس كالظلام
إنه ظلام اللام يبشر بقرب الفجر ويشير إلى خيوط النور خلف شجرة المعرفة الوارفة
وما اللام يا عرافتنا؟
أهي لام اللغة المستحيلة؟
أم لام اللغز يداعب الأشواق
أم لام اللهفة إلى انعتاق ؟
ولوج عالم العرافة/الشاعرة
جميل هذا القناع في شخصية "العرافة" الأنثى، التي تحمل من الدلالات ما يعيدنا للفن الأصلي التي بدأ به الأدب العالمي والعربي فضاءاته. على أية حال، النص مفعم بالحيوية الشاعرية والفكرة التي تتنوع أغراضها ومراميها وتعبيرات تعبقها رمزية شاعرية تتوق للذوق العام والخاص على السواء. هنا صورة "العرافة" - ورغم تقمص الأديبة الشاعرة لها بكل تفاصيلها - إلا أننا نسبح في عالم "العرافة" نتوه أحياناً ونتشظى ونتماهى معها، واحياناً نجد ضالتنا في ركن قصي من الأمل في الخلاص من وهم الآخرين والنفس البشرية. وهي هنا تأتي بفعل الأسطورة التي عبقت نصوص أدبية عديدة وماتعة. وتصرح الشاعرة هنا بسبب تحولها ل"عرافة ماهرة" تقول ما بدا لها واختلج في باطنها ومن رحم التجربة الكونية التي خبرتها:
نهشت الغربة كبدي, واعتراني الرحيل ....
ولأن الفكرة هي إنسانية من الدرجة الأولى وتعني للنص وفي النص الكثير تسترسل "العرافة/الشاعرة" قولها المخنوق كما لو كان فو عنق زجاجة بيضاوية بحجم الكون:
أن الهـم كالأرض
بيضـاوي الشـكل
ضبابي المعنـى
ومن قبل هذا وذاك تصرح الشاعرة بسؤال يثير الدهشة والاستغراب حول حياة الانسان:
انا العرافة
الآن أدخل طقس الدهشة وأقول:
من بات منكم بلا حلم أو ألم
حلت به
لعنة الصمت
وطوقته الظنون
هي الحياة فيها هفوات وشكوك ومتاعب وكيد وضيم وتشظي وفيها كبوات جسام، كما فيها قفزات ولكن...
الأديبة/ ليلى
كوني بخير وألق .. أمتعتنا بجو النص وطقوسه "الخرافية" والشاعرية.!!
د. عبدالله حسين كراز