مونودراما
معكم انتصفت أزمنتي
تأليف
إهداء
إلى أمي التي سارعت في الرحيل، قبل أن أجهش بالبكاء على ركبتيها، معتذرا عن جرح الغربة والفراق، أهديك محبتي وشوقي واعتذاري
الشخصيات
الرجل
من وسط المسرح نسمع صوت محرك سيارة معطل،يحاول تشغيل السيارة،بقعة ضوء على وجه السائق الذي يبدو عليه التعب والضجر والذي يحاول ثانية وثالثة تشغيل سيارته الواقفة في طريق عام،حيث يتم الكشف عنها وعن الكرفان الذي تجره خلفها وفيه العديد من النوافذ والستائر الشفافة،وهي متوقفة على شارع طويل وخلفه مجموعة من الأشجار الكثيفة على طول الطريق التي تشغل الجزرة الوسطية بين الشارعين،ومن خلف الأشجار نلمح شارع آخر خالي من السيارات إلا من أعمدة الإضاءة الخافتة
الرجل:
يا لهذا النحس"ينزل من سيارته ويغلق الباب ماسكا بيده مفاتيح السيارة"ما الذي افعله الآن، لا اعرف كم تبعد اقرب نقطة مساعدة وأين هي الآن، والسيارة متوقفة" يفتح باب السيارة ويدخل ليشاهد مؤشر البنزين"أنا على يقين تام، فيها الكثير من البنزين والمشكلة ميكانيكية، وخوفي أن يكون المحرك قد توقف"فترة صمت قصيرة"لا خيار أمامي سوى الانتظار عسى أن يمر سائق ويمكنه مساعدتي،ولكن وبعد قليل سيعم الظلام المكان كله"يذهب إلى الكرفان..يفتح الباب الخلفي..يدخل وبعد لحظات يخرج ومعه كرسي صغير وصحيفة.يجلس على الكرسي قبالة الجمهور وظهره إلى الكرفان..يطالع الصحيفة. يتوقف عند الصفحة الأخيرة"رجل في مثل حالي لا تثيره الصفحة الأولى وهموم السياسة فان همي كبير أنا أيضا،الصفحة الأخيرة ربما فيها ما يسعدني في هذه اللحظة أو ينسني المشكلة بعض الوقت"يطالع.. ثم يقرأ"
- فرق الإسعاف تقتل المرضى لبيع جثثهم"ينظر إلى الأمام بعد أن يتوقف عن القراءة"هذا موضوع مسلي"يتابع قراءته "
- تقول السلطات في مدينة لودز البولندية إنها حصلت على أدلة وافية تثبت بان فرق الإسعاف فيها تعمدت التعجيل بموت المرضى لتسليم جثثهم إلى متعهدي الدفن لقاء رشاوى"يضع الصحيفة جانبا..ينظر إلى الجمهور لنصف دقيقة وبصوت منخفض "يا لخيبتي، انتظر المساعدة في هذه القفرة،ما لذي حصل للإنسان،هل يوجد قلبا بهذه القسوة،لماذا لا استوعب العالم علـــى حقيـــقته،"يعود إلى طبقة صوته الأولى" الموضوع مهم أريد معرفة المزيد"يقرأ "
-وكانت تقارير صحفية محلية قد قالت أن فرق الإسعاف قد حقنت المرضى بعقار بافولون المرخي للعضلات لتسريع موتهم"يأتي ومن بعيد صوت سيارة إسعاف،حتى يضاء الشارع الخلفي لمضي السيارة في طريها ويختفي الصوت تدريجيا..يصمت الرجل بعد أن يتملكه الخوف ويكمل قراءته بصوت شبه مكتوم"وقامت بعد ذلك بإخطار متعهدي الدفن الذيـــن استلموا الجثث لقـــاء اجـــر"يتوقف عن القراءة وبصوت منخفض أيضا..يكون الصوت قد اختفى نهائيا وكأنه يحدث شخصا جالسا إلى جانبه"إذا جاءتك سيارة الإسعاف وعرضت عليك المساعدة،امتنع أيها الرجل وقل لهم انك تنتظر صديق حميم هنا"يعود إلى قراءة الصحيفة "
- وأكد الناطق باسم شرطة مدينة لودز ما جاءت به الصحف المحلية"يتوقف عن القراءة"الخبر صحيح ولم ينفه الناطق باسم الشرطة "برهة.. يحدث نفسه"لو انك طالعت الصفحة الأولى وغرقت بهموم السياسة لكان خيرا لك من هذه الأخبار المفرحة في صـــفحتك الأخيـرة"برهة"لكن فضولي يجعلني اجري وراء معرفة ما جرى في مدينة لودز البولندية"يقرأ"
- تقول التقارير أيضا أن الأطباء في قسم الطوارئ بمستشفى لودز قتلوا عددا من المرضى في السنوات العشر الأخيرة،وذلك بحقنهم بجرعات مميتة من عقار يسبب الاختناق،عد أن وافقت أسرهم على استخدام شركات دفن معينة"يتوقف عن القراءة..ينظر يمينا ويسارا ثم إلى السماء “بدا الظلام يخيم عليّ ولم يمر أي سائق على هذه الطريق، سوى سيارة الموت هذه اعني سيارة الإسعاف أكمل الموضوع أيها الرجل قبل أن يلفك الظلام"يقرأ"
-وقالت أن شركات الدفن قامت بعد ذلك بدفع مبالغ تتراوح حول 300 دولار لهؤلاء الأطباء للجثة الـــواحدة "يتوقف عن القراءة "يا للخسة مقابل 300 دولار يقتل إنسان،من أين لكم هذه القسوة وهذه القلوب"يطوي صحيفته"أظن أني اطلعت بما فيه الكفاية على ما يسر القلوب"ينهض.. يدخل إلى الكرفان ليعيد الصحيفة ويحضر منضدة صغيرة ويضعها أمام الكرفان وهكذا يحضر كرسيا ويضعه إلى جانب الطاولة وخلال هذا المشهد يقول الحوارات التالية"كيّف نفسك أيها الرجل على هذا المكان،ما أنت فيه ليس جديدا عليك،الغربة علمتك كيف تهز الصعاب وتعيد ترتيب الأشياء"يخرج من الكرفان كيسا فيه علبة عصير وبعض الأكل..يضعه على الطاولة ويبدأ بتناول الأكل بعد أن يجلس قبالة الجمهور"وأخيرا عدت من حيث ابتدأت"فترة صمت قصيرة..يتذكر"قبل أكثر من عشرين عاما، بكيت كثيرا بعد أن احتضنت أخوتي وأمي وحقيبة سفري معلقة على ظهري لم اعد احتمل وجودهم وتحقيقاتهم معي، كل يوم علي الذهاب هناك لمشاهدة وجوههم التي كانت اسما للموت، كل يوم علي أن امضي على ورقة وااكد لهم وجودي وباني مازلت في المدينة ولم أغادر حدودها،ولست بعيدا عن عيونهم،كانوا يخافون مني وأخاف منهم ولا يربطنا ببعضنا سوى ذلك الخوف الذي فاحت رائحته وحول أيامي إلى بؤس مدقع"برهة"احتضنتك يا أمي وقد سقطت حقيبتي بعد ارتعاشي وتجهشي بالبكاء وقلت حينها
معكم انتصفت أزمنتي
تأليف
إهداء
إلى أمي التي سارعت في الرحيل، قبل أن أجهش بالبكاء على ركبتيها، معتذرا عن جرح الغربة والفراق، أهديك محبتي وشوقي واعتذاري
الشخصيات
الرجل
من وسط المسرح نسمع صوت محرك سيارة معطل،يحاول تشغيل السيارة،بقعة ضوء على وجه السائق الذي يبدو عليه التعب والضجر والذي يحاول ثانية وثالثة تشغيل سيارته الواقفة في طريق عام،حيث يتم الكشف عنها وعن الكرفان الذي تجره خلفها وفيه العديد من النوافذ والستائر الشفافة،وهي متوقفة على شارع طويل وخلفه مجموعة من الأشجار الكثيفة على طول الطريق التي تشغل الجزرة الوسطية بين الشارعين،ومن خلف الأشجار نلمح شارع آخر خالي من السيارات إلا من أعمدة الإضاءة الخافتة
الرجل:
يا لهذا النحس"ينزل من سيارته ويغلق الباب ماسكا بيده مفاتيح السيارة"ما الذي افعله الآن، لا اعرف كم تبعد اقرب نقطة مساعدة وأين هي الآن، والسيارة متوقفة" يفتح باب السيارة ويدخل ليشاهد مؤشر البنزين"أنا على يقين تام، فيها الكثير من البنزين والمشكلة ميكانيكية، وخوفي أن يكون المحرك قد توقف"فترة صمت قصيرة"لا خيار أمامي سوى الانتظار عسى أن يمر سائق ويمكنه مساعدتي،ولكن وبعد قليل سيعم الظلام المكان كله"يذهب إلى الكرفان..يفتح الباب الخلفي..يدخل وبعد لحظات يخرج ومعه كرسي صغير وصحيفة.يجلس على الكرسي قبالة الجمهور وظهره إلى الكرفان..يطالع الصحيفة. يتوقف عند الصفحة الأخيرة"رجل في مثل حالي لا تثيره الصفحة الأولى وهموم السياسة فان همي كبير أنا أيضا،الصفحة الأخيرة ربما فيها ما يسعدني في هذه اللحظة أو ينسني المشكلة بعض الوقت"يطالع.. ثم يقرأ"
- فرق الإسعاف تقتل المرضى لبيع جثثهم"ينظر إلى الأمام بعد أن يتوقف عن القراءة"هذا موضوع مسلي"يتابع قراءته "
- تقول السلطات في مدينة لودز البولندية إنها حصلت على أدلة وافية تثبت بان فرق الإسعاف فيها تعمدت التعجيل بموت المرضى لتسليم جثثهم إلى متعهدي الدفن لقاء رشاوى"يضع الصحيفة جانبا..ينظر إلى الجمهور لنصف دقيقة وبصوت منخفض "يا لخيبتي، انتظر المساعدة في هذه القفرة،ما لذي حصل للإنسان،هل يوجد قلبا بهذه القسوة،لماذا لا استوعب العالم علـــى حقيـــقته،"يعود إلى طبقة صوته الأولى" الموضوع مهم أريد معرفة المزيد"يقرأ "
-وكانت تقارير صحفية محلية قد قالت أن فرق الإسعاف قد حقنت المرضى بعقار بافولون المرخي للعضلات لتسريع موتهم"يأتي ومن بعيد صوت سيارة إسعاف،حتى يضاء الشارع الخلفي لمضي السيارة في طريها ويختفي الصوت تدريجيا..يصمت الرجل بعد أن يتملكه الخوف ويكمل قراءته بصوت شبه مكتوم"وقامت بعد ذلك بإخطار متعهدي الدفن الذيـــن استلموا الجثث لقـــاء اجـــر"يتوقف عن القراءة وبصوت منخفض أيضا..يكون الصوت قد اختفى نهائيا وكأنه يحدث شخصا جالسا إلى جانبه"إذا جاءتك سيارة الإسعاف وعرضت عليك المساعدة،امتنع أيها الرجل وقل لهم انك تنتظر صديق حميم هنا"يعود إلى قراءة الصحيفة "
- وأكد الناطق باسم شرطة مدينة لودز ما جاءت به الصحف المحلية"يتوقف عن القراءة"الخبر صحيح ولم ينفه الناطق باسم الشرطة "برهة.. يحدث نفسه"لو انك طالعت الصفحة الأولى وغرقت بهموم السياسة لكان خيرا لك من هذه الأخبار المفرحة في صـــفحتك الأخيـرة"برهة"لكن فضولي يجعلني اجري وراء معرفة ما جرى في مدينة لودز البولندية"يقرأ"
- تقول التقارير أيضا أن الأطباء في قسم الطوارئ بمستشفى لودز قتلوا عددا من المرضى في السنوات العشر الأخيرة،وذلك بحقنهم بجرعات مميتة من عقار يسبب الاختناق،عد أن وافقت أسرهم على استخدام شركات دفن معينة"يتوقف عن القراءة..ينظر يمينا ويسارا ثم إلى السماء “بدا الظلام يخيم عليّ ولم يمر أي سائق على هذه الطريق، سوى سيارة الموت هذه اعني سيارة الإسعاف أكمل الموضوع أيها الرجل قبل أن يلفك الظلام"يقرأ"
-وقالت أن شركات الدفن قامت بعد ذلك بدفع مبالغ تتراوح حول 300 دولار لهؤلاء الأطباء للجثة الـــواحدة "يتوقف عن القراءة "يا للخسة مقابل 300 دولار يقتل إنسان،من أين لكم هذه القسوة وهذه القلوب"يطوي صحيفته"أظن أني اطلعت بما فيه الكفاية على ما يسر القلوب"ينهض.. يدخل إلى الكرفان ليعيد الصحيفة ويحضر منضدة صغيرة ويضعها أمام الكرفان وهكذا يحضر كرسيا ويضعه إلى جانب الطاولة وخلال هذا المشهد يقول الحوارات التالية"كيّف نفسك أيها الرجل على هذا المكان،ما أنت فيه ليس جديدا عليك،الغربة علمتك كيف تهز الصعاب وتعيد ترتيب الأشياء"يخرج من الكرفان كيسا فيه علبة عصير وبعض الأكل..يضعه على الطاولة ويبدأ بتناول الأكل بعد أن يجلس قبالة الجمهور"وأخيرا عدت من حيث ابتدأت"فترة صمت قصيرة..يتذكر"قبل أكثر من عشرين عاما، بكيت كثيرا بعد أن احتضنت أخوتي وأمي وحقيبة سفري معلقة على ظهري لم اعد احتمل وجودهم وتحقيقاتهم معي، كل يوم علي الذهاب هناك لمشاهدة وجوههم التي كانت اسما للموت، كل يوم علي أن امضي على ورقة وااكد لهم وجودي وباني مازلت في المدينة ولم أغادر حدودها،ولست بعيدا عن عيونهم،كانوا يخافون مني وأخاف منهم ولا يربطنا ببعضنا سوى ذلك الخوف الذي فاحت رائحته وحول أيامي إلى بؤس مدقع"برهة"احتضنتك يا أمي وقد سقطت حقيبتي بعد ارتعاشي وتجهشي بالبكاء وقلت حينها