محمود درويش في ضيافة حي البرنوصي
بتعاون بين نيابة وزارة التربية الوطنية بسيدي البرنوصي وفرع اتحاد كتاب المغرب بالدار البيضاء وبتنسيق مع المكتب المركزي لهذا لاتحاد ،تم تنظيم أمسية شعرية فنية لإحياء الذكرى الأربعينية لوفاة الشاعر الكبير محمود درويش وذلك يوم الأحد 5 أكتوبر 2008 بقاعة المحاضرات بمدرسة الأمل التابعة للنيابــــة ، انطلاقا من الساعة الخامسة والنصف مساء،وقد تميز هذا اللقاء بحضور أسماء وازنة في عالم الإبداع من شعر ورواية ونقد وموسيقى،وحضرته بعض الوجوه الصحفية التي جاءت من أجل المشاركة وتغطية الحدث،لما له من قيمة اعتبارية،ولكونه أول نشاط تنسيقي بين فرع اتحاد كتاب المغرب ونيابة سيدي البرنوصي منذ إحداثها...
وقد أُستهل هذا اللقاء بوقوف كل الحاضرين لقراءة الفاتحة على روح الشاعر،بعدها عرض السيد توفيقي بلعيد مسير اللقاء برنامج التظاهرة،ثم أُعطيت الكلمة للأستاذ بوهوش ياسين الكاتب العام لفرع الدار البيضاء لكتاب المغرب،رحب فيها بالحاضرين ووجه الشكر إلى السيد النائب الذي رحب بهذه المبادرة بشكل تلقائي وشكر الطاقم النشيط الذي يعمل معه والذي هيا لهذا النشاط في ظرف ثلاثة أيام بالرغم من العطلة المزدوجة للعيد ونهاية الأسبوع،وشكر كل الشعراء الذين استجابوا لهذا التحدي الذي يستحقه شاعر كبير كفقيدنا الذي اعترف حتى الاسرائليون بقيمته،شاعر يمثل قيمة إنسانية كبيرة جديرة بالتأمل والدراسة،وذكر بأن مثل هذه المبادرات تأتي في سياق عمل رمزي يُرجى منه الاعتراف بالجهود والتراكم والإرث الذي خلفه الراحل طيلة مساره .....بعدها أخذ الكلمة السيد نائب نيابة سيدي البرنوصي السيد محمد غايور الذي رحب بالحاضرين،وثمن هذا اللقاء باعتباره فرصة لتبادل الآراء وتنمية القيم النبيلة،وأشار لكون النيابة دأبت دوما على الاهتمام بالإبداع والمبدعين سواء من خلال أسابيعها الثقافية أو من إخلال استضافة مكتباتها المدرسية للقاءات بين المبدعين والتلاميذ،وأشار لكون هذا الحي زاخر بالطاقات الإبداعية التي تتلمذ البعض منها بمدارس هذه المنطقة ومارس البعض التدريس بمدارسها والذين يوجد البعض منهم معنا اليوم،ثم تطرق لمكانة فقيد الشعر العربي الذي تجاوز بعطائه ما هو محلي،عندما ارتبط بقضية شعبه فلسطين،إلى ما هو قومي وصولا لما هو إنساني،وأكد أن شاعر كمحمود درويش لم يمت وسيبقى حيا ما ظل شعره شامخا مثله مثل الشعراء الكبار الآخرين،مشيرا إلى عمق تجربته وعطائه الشامخ ،الذي سيجعله حيا في ذاكرة وقلوب المبدعين... وشكر كل من بذل مجهودا لإنجاح هذه التظاهرة وفي ختام كلمته شدد على ضرورة التنسيق بين نيابة سيدي البرنوصي وفرع اتحاد كتاب المغرب من أجل خدمة المجال التربوي والثقافي الذي يكمل أحدهما الآخر وينميه....
بعدهما تقدم بورقة بالمناسبة الشاعر والأستاذ محمد الصابر،الذي حدد فيها أربعة عوامل كانت وراء ظاهرة الكونية محمود درويش منها قرية البيرة التي ولد بها وتعدد هويات الأدب العبري وحالة الحصار وجود شعر ديالك وهو شاعر كبير،وتعدد هويات الأدب العبري...عند حضور هذه الأسباب فمعناه أنك محمود درويش وأنك ستقضي حياتك تحول كل شيء إلى شعر وتحول الشعر إلى شعر وقد تعمق الأستاذ الصابر في الظروف التي أحاطت بهذا الشاعر وبالمناخ الروحي والثقافي الذي مثلته قرية البيرة عبر العصور،وإلى القيم التي آمن بها الشاعر وعلى رأسها قيم التسامح والرحمة...فحياة الشاعر محمود درويش ،يقول الأستاذ والشاعر الصابر،كانت حافلة:فهي سفر في قراءات المتن المقدسة من توراة وإنجيل وقرآن،إلى جانب قصة خلق الكون،حيث يزخر شعر درويش ،كما يقول الأستاذ الصابر،بالهجرات البشرية للشعوب،فشعره بحر دافق زاخر من دفقات هذه الشعوب، شعر ينهل من مستويات الضوء والنور المختلف ومن الغسق المنطفئ ومن المسرح والحكاية والرقص والاستعارات والأسطورة والميتافيزيقا،وارتباط مواضيعه بالهوية والحركات التحررية،كما أنه حول فلسطين إلى حالة شعرية متصديا للهجمة الاستيطانية لقد كان شاعرا كبيرا أسس للرومانسية العربية بامتياز...مما جعله يكتب الشعر الأصلي الذي يسبق كل شعر،ذاك الذي فرض عليه أن يظل في بحث مستمر عن قوى الطبيعة،مؤمنا بأن التسامح مع النفس يسبق كل تسامح آخر...
بعدها أصغى الحاضرون لمقطوعة موسيقية من قصائد الراحل محمود درويش أداء الفنان رشيد الشناني،الذي أشاد بما قدمه الشاعر محمد الصابر الذي أضاء له جوانب من تجربة الشاعر محمود درويش وهو ما سيحفزه على المزيد من العمل في مشروعه الموسيقى الذي تشكل تجربة محمود درويش 75 في المائة منه..وقد كانت الأغنية تحت عنوان"وطني جبينك لا تتركيني"هذا اللحن الذي تسلل خلسة في موبايل القاصة الأردنية بسمة النسور ليستمع إليه محمود درويش في باريس على مائدة عشاء ويضرب موعدا للقاء صاحبه بالمغرب على هامش جائزة أركانة لكن المنية كانت أسرع...
بعدها انتقلت القاعة للإنصات لقراءة شعرية للشاعر والأستاذ محمد عنيبة الحمري أحد الأسماء العريقة في حقل الإبداع والقصيدة بالخصوص وأحد وجوه المجال التربوي ببلادنا،والذي اعتبر تجربة وظاهرة محمود درويش لن تتكرر،وعلينا أن ننتظر قرنا آخر،لأنه من النادر أن تتكرر الظروف التي أعطت هذا الشاعر...
بعد ذلك أُعطيت الكلمة للشاعرة ليلى نسيمي ،المديرة العام لمنتدى العشرة الإلكتروني التي عبرت عن سعادتها بالتواجد في هذا اللقاء الذي يحتفي بالإنسان حين يرقى،و قرأت في الحاضرين من ديوانها "هذا المساء" قصيدة:" لنا الله جميعا ولي الألم وحدي" ...
كلمة في حق الراحل قدمها الشاعر محمد بوجبيري،كان قد كتبها على عجل في صباح يوم الأحد 5 أكتوبر..وقد كانت كلمة رقيقة في حق الراحل،تطرق فيها إلى ذكرياتهما المشتركة،وخلص لكون موت محمود درويش حرمنا من مجموعة من القصائد التي لن تكتب أبدا،وخلص أنه لا يوجد شاعر كتب قصيدته الأخيرة ...
بعدها عاد الحاضرون للإصغاء للأداء الرائع للفنان رشيد الشناني...
ومن انجلترا ساهمت الشاعرة الفلسطينية ميرندا عبد الرحيم العلان بشهادة حول لقائها بالراحل محمود درويش وبقصيدة حول هذا اللقاء،وقد تتبعت القاعة قراءتها التي كانت تنساب عبر الهاتف مثقلة بالعذوبة والفجيعة...
بعدها أعطيت الكلمة للزجال والشاعر عزيز محمد بنسعد الذي ألقى قصيدته الزجلية الرائعة...كما أنصت الحاضرون للشاعر الشاب أيوب مليجي أحد المدونين المغاربة..بعد أبى أحد الشعراء الذي سمع بهذا اللقاء إلا أن يأخذ الكلمة وهو الشاعر محمد جناني الذي يجر خلفه تجربة شعرية أنجبت ثلاثة دواوين هي:"حب قابل للانفجار" و"إلى من تسكن قلبي" و"رسائل هاتفية"،والذي استمعت القاعة لقصيدته :"حبيبتي والوطن"...
وبرغم من ضيق الوقت أعطيت الكلمة لأحد التلاميذ القدماء بمدارس هذه النيابة الطالب الباحث مصطفى لشهب ليقول كلمة مختصرة في الفقيد...
بعد ذلك عادت القاعة لتحلق على متن أنغام وصوت الفنان المقتدر رشيد شناني...
و على أنغام وصوت الفنان رشيد الشناني أعطيت إشارة الختام وتواعد الجميع على أن يكون هذا النشاط خطوة أولى على درب العطاء والتنسيق المستمر بين نيابة سيدي البرنوصي والمبدعين عامة واتحاد كتاب المغرب على الخصوص...
توفيقي بلعيد
