م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
م ن ت د ى ال ع ش ر ة

جمعية مغربية سوسيوثقافية 22 غشت 2007


    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان

    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الإثنين 20 أكتوبر - 7:58


    مقامات آخر الزمان
    المقامة البيطرية
    كاظم فنجان الحمامي

    حدثنا صابر بن حيران. قال : قادني هوّس الشباب. وهوى الاكتساب. إلى تجارة الأبقار والدواب. فوصلت البصرة. للتعرف على إجراءات البيطرة. وشراء بقرة. صفراء فاقعة اللون. كبقرة آل فرعون. فبذلت المساعي. حتى وصلت إلى محلة الساعي. فشمرت عن ذراعي. وكممت أنفي بردائي. حيث الروائح الكريهة تطوف. فتزكم الانوف. والروث مرميا فوق الكتوف. والمسلخ في أسوأ الظروف. وأحرج من التابوت. وأوهن من بيت العنكبوت. فولجت المسلخ متجرعا الغصص. كما يلج العصفور القفص. وكانت دهاليزه مجللة بحواجز مخرقة. ومكللة بمخاطيف معلقة. في مكان ينتهك وسط المدينة. والفضلات حوله دفينة. وكان الله في عون سكان البيوت الحزينة. الذين سعوا سعيهم المثابر. وأحتجوا عند أصحاب الشأن والمخافر. ثم خرسوا ولا خرس سكان المقابر. بعد أن أحجمت مديرية البيطرة إحجام المرتاب. وطوت الإحتجاج كطي السجل للكتاب. .

    قال صابر بن حيران : وغدوت وقت الإشراق. إلى محلة المشراق. وتجولت في بعض الأسواق. فوجدت الأغنام. ترعى بلا انتظام. وتهيم في الزحام. وتتسكع تسكع المستهام. وقد ركبت متن الطريق العام. وتدفقت الماشية في أزقة البصرة. زمرة في أثر زمرة. ترافقها الكلاب السائبة. والقطط الصاخبة. وشاهدت الأبقار تلعب وتمرح. وتجتر وتنطح. وتروح وتسرح. وقد هفا بها البين المطوّح. والسير المبرّح. في الشوارع والدروب. من الشروق إلى الغروب. فتتجول بلا احتراس. ومن غير أمراس. كأنها في ضواحي دلهي أو مدراس. وأدهشني منظر الحمير والخيول. وهي تصول وتجول. بالعرض وبالطول. وتجر العربات. وتتبختر في الطرقات. وتنطلق في كل الاتجاهات. وتتسابق مع السيارات. وتعجبت من الجاموس البري. وهو يقطع الطريق البحري. ويمارس العوم والسباحة. في المساحة المخصصة للملاحة. اما النوارس البحرية. فلم تعد تتمتع بالحرية. بعد أن لطختها الملوثات. وامتلئت بيئتها بالنفايات. فرأيتها تطير وتحط. بأجنحتها المكللة بقطرات النفط. فتطلق الزعيق. في أسى عميق. وتوزعت محلات بيع الدواجن. بين العيادات والمخازن. والأفران والمطاحن. وتراكمت الفضلات. بجوار أكشاك بيع الخضروات. التي فتكت بها الآفات. وهرب الأوز العراقي. بعد تجفيف السواقي. فأدمع العيون والمآقي. واطلق النحيب. وبكى بكاء المحب على الحبيب. ولما رقأت دمعته. وانفثأت لوعته. أذعن لنداءات الشنفرى. وردد لاميته اليتيمة. وأبياته الأليمة. التي يقول فيها :

    أَقِيمُوا بَني أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِكُـمْ
    فإنِّي إلـى قَـوْمٍ سِوَاكُـمْ لأَمْيَـلُ
    وفي الأَرْضِ مَنْأًى لِلْكَرِيمِ عَـنِ الأذَى
    وفيها لِمَنْ خَـافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
    لَعَمْرُكَ ما بالأرْضِ ضِيقٌ على امْرِىءٍ
    سَرَى رَاغِبا أو رَاهِبـا وهـو يَعْقِـلُ


    قال صابر بن حيران : وبينا أنا بجانب النهر. هجم عليّ ثور له طباع النمر. هجوم السيل المنهمر. فخفت والله أنْ ألحق بالقارظين. وأصير خبرا بعد عين. وهو خصم ألدّ. وثور لا يرد. وإذا بغلام ميسمه ميسم الشبان. ولبوسه لبوس الغربان. وبيده سكين الرومان. وفي عينه حمرة السكران. فحسر عن ساعد نهم. وحمل على الثور حملة الفيل الملتهم. وهو يلحظني كما يلحظ الحنق. ويود من الغيظ لو أختنق. فتصارع مع الثور بين عقد وحل. وجر وسحل. والثور في ضمن تأبيه. يخلب قلبي بتلوّيه. فقال لي : ابتعد قبل أن ينهتك الستر. وينعقد فيما بيننا الوتر. فلا تلغ تدبر الإنذار. وحذار من التخاذل حذار. فطلبت منه أن يذبح الثور. فذبحه على الفور. وكنت واقفا في الظلماء. بإزاء الماء. وقد انقطعت الكهرباء. فبحثت عن مصباح يؤمنني العثار. ويبيّن لي الآثار. وأنا في موقفي المتهالك. أشفق على الثور الهالك. فقلت للغلام : هل لديك ترخيصا من البيطرة ؟. وهل الثور ملقحا ضد فيروس الجمرة ؟. وهل سبق تحصينه من طاعون البقرة؟. فنظر إليّ نظرة منكرة. وقال : ما كل سوداء تمرة. ولا كل صهباء خمرة. فأسكت وكف عن الثرثرة. وأخرج سكينه من كمه. وأقسم بأبيه وأمه. إنه سيقطع عرقي ويسيّح دمه. ثم قال : أنا لست لك بزبون. ولا أغضي على صفقة مغبون. فرضخت لأمره. وتفاديت شره. فاعطيته من اللحم حصة. وناولته من الدنانير قبصة. فهش الغلام هشاشة المصدوق. وانطلق باللحم والدنانير إلى السوق. .

    قال صابر بن حيران : وجبت الأرياف والأمصار. والمدن والأقطار. من طنجة إلى ظفار. ومن الخرطوم إلى سنجار. فوجدت إنّ واجبات البيطار. ترتكز على ضمان سلامة الإنسان. وفحص منتجات الحيوان. كالبيض والألبان. والحليب والأجبان. واللحوم والشحوم. الطازجة والمبردة. والمجففة والمجمدة. ومسحوق اللحم. وهلام العظم. وفحص مخلفات الحيوان. كالجلود والفراء. والصوف والأمعاء. والحوافر والشعر. والريش والوبر. والتأكد من خلوها من الطاعون البقري. والإشعاع الفطري. والإلتهاب البلوري. والإجهاض المعوي. والتسمم الدموي. ودفتريا العجول. وخنّاق الخيول. والسالمونيلا. والباستريلا. والبيروبلازما. والإمفزيما. والسقاوة والركتسيا. والسراجة والبراكسيا. والإلتهاب السحائي. والطاعون الوبائي. والبلاك لق. واللسان الأزرق. والنيوكاسل. وكل أنواع السل. وتيفود الطيور. وكوليرا العصفور. وحمى الزرزور. ويفترض أن تختم الذبيحة بأختام اسطوانية. ذات ألوان بنفسجية. مستخرجة من قشور حبات العنب. وموضوعة في سائل رطب. لا تذوب بالماء. ولا تشبه أحبار المطابع الزرقاء. وخالية من ذرات الرصاص السوداء. أما المسالخ فينبغي أن تبنى خارج المدينة. وبجوارها محاجر الكرنتينة. فالعلم نعمة. والجهل نقمة. وأعلموا إنّ العلم أحسن على علاته. والجهل أقبح على حالاته. .

    قال صابر بن حيران : فقررت أن أكتب هذا المقام. عسى أن يتحقق المرام. فرب رمية من غير رام. فاشرح للناس بما رأيت. وما ورّيت ولا رأيت. عن كيت وكيت. عسى الشرح يشفي الصدور. ويلين الصخور. ونسأل الله أن يجنبنا التقلب مع الأهواء. والتخبط خبط العشواء. فطوبى لمن سمع ووعى. وحقق ما ادّعى. ونهى النفس عن الهوى. وعلم أنّ الفائز من ارعوى. وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى. وأنّ سعيه سوف يرى. .


    البصرة 26/9/2008


    عدل سابقا من قبل ليلى ناسيمي في الجمعة 6 فبراير - 1:51 عدل 1 مرات
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي /مقامات آخر الزمان /المقامة الإستفزازية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الثلاثاء 21 أكتوبر - 1:05


    مقامات آخر الزمان

    المقامة الإستفزازية
    كاظم فنجان الحمامي



    حدثنا صابر بن حيران . قال : نزع بي إلى العواصم العربية شوق غلب. وطلب يا له من طلب. فقد كنت أنقب عن أخبارها. وافتش عن أسرارها. في زمن تفاقمت فيه المشكلات. وتعقدت فيه المعضلات. وتزايدت فية المعتقلات. وكثرت فيه الويلات. فأدّاني الإختراق في مسالكها. والتجوال في سككها.. إلى مشاهدات مقززة. وتجاوزات منرفزة. ورأيت في شوارعها ما يملأ الروح حسرة. ويؤجج في القلب جمرة. فبينما أنا يوما بها أطوف. ومعي نخبة من الضيوف. وجوههم أبلج من الأنوار. وأخلاقهم أبهج من الأزهار. إذ رأينا أسرابا من السيارات. تنطلق فجأة في كل المسارات. بسرعات جنونية تفوق سرعة الطائرات. وقد خرجت من مرآبها. وكشرت عن أنيابها. في تكبر لائِحٌ. وإنتهاك مروري فادِحٌ. واستهتار واضِحٌ. وتهور أخلاقي فاضح. نوافذها مظلمة. وألوانها معتمة. وكان التسابق بينها مُتطايِرُ الشَّرارِ. بحركات ترعب الأخيار والأشرارِ. وأخذت تستبيح الطريق. ويتقدمها الزعيق. باصوات مزمجرة. وصفارات محذرة. وعواء يصم الآذان. كعواء الكلب السعران. وأحاطت بالموكب الزُّمَرِ. إحاطَةَ الذباب بالإناء القذرِ. وهي تحف بصاحب السلطة والكبرياء. وجالب النحس والبلاء. وترافقه حزمة من عناصر الجيش. غلب عليها الطيش. والتصقت به الحزمة. التصاق الطلاء بالجزمة. . يتحاذون في الفعال. حذو النعال. فمنهم من اعْتَضَدَ بندقيته. ومنهم من تأبّطَ هِراوَتَهُ. وهم يزجروننا بلِسانٍ سَليطٍ. وغيظٍ مُستَشيطٍ .. فأتلَعوا نحوَنا الأعْناق. وأحدَقوا بنا الأحْداقَ. بعيون مبرقعة. ووجوه مقنعة. وصدور مدرعة. ورؤوس حليقة. وملامح صفيقة. ونظارات سوداء. وسراويل رقطاء. وكأنهم متوجهين إلى ضواحي العاصمة. لخوض معركة حاسمة. فنظرنا إلَيْهِم بعينِ عاطِفٍ. وخفضَنا لهُم جناحَ مُلاطِفٍ .. فجثا أحدهم جثوة ليث. وسدد علينا من غير ريث. فلجأنا إلى الرصيف. وكنا نرتجف في عز الصيف. فجعَلَ بعْضُنا يومِضُ إلى بعْضٍ. ويقلّبُ طرْفَيْهِ بينَ لحْظٍ وغضٍّ. فتسمرنا بالرصيف ولمْ نستطع تعَدّيهِ. ولا خطَتْ أقدامنا في تخَطّيهِ. وإذا شيخ ترتعد فرائصة. من هول التصرفات المنغصة. فقلت له : اهدأ يا شيخ لا بأس عليك . فتنفّسَ الصُعداءَ مِراراً. وأرسَلَ البُكاءَ مِدْراراً . حتى إذا استَنْزَفَ الدّمْعَ. استَنْصَتَ الجمْعَ. وقال لي : البيتُ قَفْرٌ. والكفُّ صَفْرٌ.. والعيشُ مُرٌّ. وإعتراض موكب المسئولين ضُرٌّ. فهجومهم عليْكَ. أسرَعَ منِ ارْتِدادِ طرْفِكَ إليْكَ. والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. فقد تعرضت للتوقيف في حالتين. واحتجزوني في ثكنتين. .



    قال صابر بن حيران : ثمّ إن درويشا خرج علينا من بين الصّفوفَ. وأخذ يفرق الوُقوفَ. ويُنشِدُ في ضِمْنِ ما هوَ يطوفُ :



    وسع يا ابني الموكب جي

    موكب فل ومالهوش زي

    جي ومعاه تلاتين عربية

    أصله قريب لرئيس الحي

    وسع يا ابني الموكب جي

    استنالك مليون ساعة

    وارمي مشاغلك ع الشماعة

    واسمع ميت نشرة باذاعة

    وانت وراك ايه يعني يا خي ؟

    وسع يا ابني الموكب جي

    وقف من شباكك طل

    زيك يا ابني زي الكل

    موكب باشا زي الفل

    ولا مسئول في وزارة الري

    وسع يا ابني الموكب جي



    قال صابر بن حيران : فاقتفيت أثره في الرصيف المزدحم . فإذا هو أحمد فؤاد نجم. فَسلمت عليه. وَقَدْ رَغِبْتُ في مَعْرِفَتِهِ. وَتَاقَتْ نَفْسِي إِلَى مُحَادَثَتِهِ. فقال : لمْ اعترض على المواكب الإستفزازية . وأكشِفْ مثالب الإجراءات الإحترازية. في العواصم العربية . إلا بعْدَما شَقيتُ ولُقيتُ. وشِبْتُ ممّا لَقيتُ. فلَيتَني لمْ أكُنْ بَقيتُ. .



    قال صابر بن حيران : فكُنتُ أوّلَ منْ أوى لبَلْواهُ. ورقّ لشَكْواهُ. فزجرت غربان مواكب البينِ. وغادرت تلك العواصم بخُفّيْ حُنَينٍ . .



    البصرة 12/9/2008
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي /مقامات آخر الزمان /المقامة البرلمانية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الخميس 30 أكتوبر - 5:27

    مقامات آخر الزمان





    المقامة البرلمانية



    كاظم فنجان الحمامي



    حدثنا صابر بن حيران. قال : عنيت مذ اقتنيت منظومة القمر الصناعي. وتابعت البث التلفزيوني الفضائي. بأن أصغي إلى حوار أعضاء البرلمان. وملاسناتهم الغريبة في هذا الزمان. وكنت لفرط اهتمامي بالسياسة. واللهفة لمعرفة أخبار الساسة. والطامعين بالرياسة. اتنقل في الرموت من محطة إلى محطة. ومن لقطة إلى لقطة. من عمان إلى عمّان. ومن طرابلس الليبية. إلى طرابلس اللبنانية. وأحيانا أقرأ الأنباء المرئية. واستمع إلى الحكايات المروية. حتى تمنيت لمضض ما شاهدت وعانيت. وشِبْتُ مما لقيت. لَيتَني لم أكن بقيت. فقد نقلت قناة دريم. مبادرة مجلس الشعب العظيم. ومناقشات أصحاب المنابر. لموضوع الحفل الفاخر. للراقصة دينا في الملتقى الفاجر. التي انفتحت لها الجيوب والمناخر. وطالبوا بوضع لافتة للكبار فقط. في خطوة رائدة لمعالجة الغلط. وما دار حوله من لغط. وأهملوا مناقشة قانون الارهاب. والناس يقتلون كما الذباب. ويدخل عليهم الموت من الأبواب. ثم نقل لنا تلفاز الفضاء. حوار ذلك البرلمان المحتج بالقضاء. بحرمان بنت وهبي هيفاء. من الرقص والغناء. ومن الظهور بقامتها الفرعاء. وقبل ان ينهي البرلمان صياغة البيان. كان بالمجلس رجل جالس في الحاشية. وكأنه خارج التغطية. فكان كلما شط الأعضاء في شوطهم. ونشروا النجوة من نوطهم. ينشغل بتخازر طرفه. وتشامخ أنفه. فلما سكنت الزماجر. وسكت المزجور والزاجر. وثب إلى المقال. وأمسك بيده اليمنى العقال. كأنه يروم القتال. وقال : لقد جئتم شيئا إدا. وجرتم عن القصد حدا. أنسيتم يا جهابذة النقد. وأصحاب الحل والعقد. ما حل بالعراق ولبنان وغزة. وكأنكم من غير كرامة أو عزة. وانشغلتم بمناقشة الطرب والغناء. ونسيتم تكالب الأعداء. ومشاكل الماء والغذاء والدواء والكهرباء. ثم قال : الدنيا غدور. والدهر عثور. فالمحوا الدهر ولؤم كرّه. وسوء محاله ومكره. فقد صار التقهقر حصادكم. والتخلف مهادكم. وعدوكم ينام في دياركم. وتلك أرضكم منهوبة مغصوبة. وهذه شعوبكم مأكولة مشروبة. فالضرائب ضربت الأموال بالتمحيق. والبضائع بالتمزيق. والحر بالعراء منبوذ. والوغد مكرم مصفود. ورياح الفتنة والإرهاب هبت فلا تركد. وأشخاص الظلم والإثم مثلت فلا تقعد. حتى تفشى القتل الذريع. والضر الوجيع. والتهجير والجلاء. وأنتم تناقشون موضوع هيفاء. إلا لعنة الله عليكم وعلى روبي ودينا وهيفاء. وعلى كل المنحرفين من الرجال والنساء. فابصروا رشدكم. واعرفوا قصدكم. فلا تعرّضوا انفسكم للمفاضح. ولا تعرضوا عن نصيحة الناصح. ثم أغلظ الكلام. وسخّنه بنار الملام. فحار الحاضرون لبداهته. واعترفوا بصدقه ونزاهته. وغادر مفارقا موضعه. ومستصحبا القلوب معه. .

    قال صابر بن حيران : وقال لي الشيخ انتخاب بن صندوق البرلماني : إنّ الحوار المثمر يتطلب اللطف. والرفق من غير ضعف. والخشونة من غير عنف. فالنقاش الجاد. لا يتوافق مع الطبع الحاد. والبرلماني ينبغي أن يهتم بالمصالح الوطنية فيحرسها. ويتصدى لآثار السوء فيطمسها. ويحقن الدماء. ويسوس الدهماء. وأن يتحلى برواء ورواية. ومدراة ودراية. وبلاغة رائعة. وبديهة مطاوعة. وآداب بارعة. فمجلس الأمة مجمع الفضائل ومعدنها. ومرتع المحامد وموطنها. .

    لكني شاهدت بعض البرلمانات العربية. والمجالس الشعبية. المشرقية والمغربية. وقد تحولت إلى حلبات للضرب واللكم. والسب والشتم. والقذف والذم. والعراك والشجار. والتهريج والاستهتار. والتهديم والدمار. والألفاظ المجللة بالقار. والمجلجلة بالعار. فهذا يتهم زميله بالمخادع المكّار. وذلك يتهمه بالإنتماء إلى عقيدة الكفّار. وهذا خائن غدّار. وذلك منتهك حرمة الدار. وصنيعة الاستعمار. فانحدروا في هذا المسار. وسلكوا طريق البوار. ولم يعلموا إنّ المشاجرة لو كانت شجرا. لم تثمر إلا ضجرا. وهكذا كثرت في البرلمانات الفتوق. واتسعت الخروق. فالجدال في برلماناتنا أوله مجاراة. وأوسطه مباراة. وآخره مماراة. وربما تتحول المجادلة إلى مجالدة. ومن البرلمانيين من يتشاجرون. ويتعاركون. ثم يتصافحون. ويتعانقون. فهم يحبون بعضهم بعضا بعنف مهماش. وتهور جياش. وهذا هو واقعنا المعاش. فالطيور واقعة على مثلها. والنفوس مائلة إلى شكلها. والإناء ينضح ما فيه. ونحن بين غمائم لا تمطر إلا صواعق. وسمائم لا تهب إلا بحرائق. ما نأكل إلا على نغص. ولا نشرب إلا على غصص. فالصراعات في البرلمانات تدور. والمراجل بين اروقتها تفور. وكان الله في عون الشعب العربي المقهور. والمواطن المغدور. . اللهم يا مكوّر الدهور. ومورد الأمور. ويا من عم سماحه وكمل. وهطل ركامه وهمل. ويا من خلق الإنسان. وعلمه البيان. ورفع السماء ووضع الميزان. اصلح حال البرلمان. وأهدي أصحاب الحكم والصولجان. في هذا الزمان وكل زمان. فكل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال واالإكرام. .

    وأرجو أن لا يأتيني منكم ذم. أو يلحقني وصم. فإنّ بعض الظن إثم. .



    البصرة 29/9/2008
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي/مقامات آخر الزمان /المقامة الأباتشية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الخميس 13 نوفمبر - 3:45

    مقامات آخر الزمان





    المقامة الأباتشية





    كاظم فنجان الحمامي



    حدثنا صابر بن حيران. قال : رأيت من أعاجيب الزمان. وأنا أتجول في ولايات الأمريكان. آثار مجازر الغربان. وضحايا الطغيان. إذ ساقتني الأقدار. حين أبان النّوار. واستبان النهار. إلى داكوتا الجنوبية. حيث تقطن القبائل الهندية. فتوغلت في الأحراش. والتقيت بزعيم قبيلة الأوباش. وكنت أحسبها من القبائل الهمجية. بسبب ما دأبت عليه بعض الأقلام العربية. في توصيف الأقوام الوحشية. . فرغبت في محادثته لكلمة تستفاد. أو معرفة تستزاد. فسعيت إلية سعي المتطفل عليه. وقلت له : أتقبلوني ضيفا يطلب جني العلم. ويبعد عنكم الهم والغم. ويمكث عندكم وبينكم. وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. فقال: welcome . وتعني حبا إذا أحببت. ومرحبا بك إذا رغبت. فسألته بعد أن تحققت من واقعهم المعاش. عن سر كلمة (أوباش). فقال زعيم القبيلة : نحن من قبيلة هندية أصيلة. ولكن ما باليد حيلة. فقد تعرضنا إلى الإبادة والقهر. وابتلينا بتصاريف الدهر. وتسربت إليكم هذه المفردة من أفلام رعاة البقر. التي شوهت صورة الشعب المقهور. ابتداء من فلم السهم المكسور. لجيمس ستيوارت المغرور. ونجحت افلام هوليود. في تشويه صورة الهنود. وما أدراك ما هوليود. فهي معروفة بسوء أخبارها. وما ينتجه فجّارها. بتمويل من أحبارها. وتشجيع من أشرارها. .



    قال صابر بن حيران : ثم تطرق لجيرانمو وبطولاته. وكوتشيز وحملاته. وكان يشكي ويبكي. لانقراض قبائل الشروكي. واستبداد الجيش الأمريكي. وتعذيبهم مخلب الباز. وآخر رجال الموهيكانز. فهو المناضل المكافح. والنسر الجارح. وتحدث عن حضارة المايا وأهراماتها. وحضارة الأنكا وانجازاتها. وتفوقها بالطب والزراعة. والهندسة والصناعة. وقال : لقد اغتصبوا أرضنا. واستولوا على ثروتنا. فقاتلناهم قتال الأشداء. وحاربناهم حروب البؤساء. حتى ضاقت عليهم الأرض والسماء. فهجمت علينا الحكومة الأمريكية بجيشها الغفير. وسلاحها الخطير. وشرها المستطير. واسلوبها الفضيع. وفعلها الشنيع. فقتلت الشيوخ والنساء. وذبحت الأطفال الأبرياء. وكنا نظن إنها جار مكاسر. فبان إنها ذئب كاسر. فحاورناها بلسان خاضع. وصوت خاشع. فحسرت ردنها عن ساعد شديد الأسر. قد شدّت عليه جبائر المكر لا الكسر. متعرضة للسماحة. في معرض الوقاحة. وليس مثلها في طلاوة علانيتها. وخبث نيتها. فمزقتنا. وفرقتنا. وشتتنا. ذات اليمين. وذات الشمال. وبعثرتنا في الوديان والجبال. ولذنا بالفرار تلفظنا أرض إلى أرض. ويجذبنا رفع من خفض. وانتقلنا من الديار. إلى الأوكار. وليس لنا إلا كآبة الأسفار. ومعاقرة السّفار. نعاني الفقر. ونعاشر القفر. فراشنا المدر. ووسادتنا الحجر. فخرجنا من اريزونا خروج الشارد. ونفرنا من الباهاما نفور الآبد. ومازالت أمريكا تتبجح بمجازرها الدموية. وتعدها من مفاخرها الحضارية. وتتباهى بتهورها. وتكبرها. وخستها. وعنجهيتها. وابتذالها. ونذالتها. وسفالتها. فصبرنا على كيد الزمان وكدّه. فعسى الله أن يأتي بالفرج أو أمر من عنده. فوالله ما نطقت ببهتان. ولا أخبرتك إلا عن عيان. .



    قال صابر بن حيران : وثبت عند العلماء الأعلام. وولاة الأحكام. انقراض تلك الأقوام. وميل الأيام إلى اللئام. وأني لإخال زعيم القبيلة صدوقا في الكلام. بريّا من الملام. فقد انتصر الهنود الحمر في معارك عديدة. على الحكومة الأمريكية الرعديدة. ورفضوا التوقيع. على معاهدات التطبيع. ونبذوا أساليب التخضيع. وكانوا ندا عنيدا للعدو الغاصب. على الرغم من كثرة المصائب. وشدة الظروف والمصاعب. فجابهوا الإذلال والإضطهاد. بالقتال والجهاد. وسطروا بطولات خالدة. ومواقف رائدة. وجمعتهم كلمة واحدة. في الصمود والتصدي. والنضال والتحدي. وكانوا متعاونين. متحابين. متعاضدين. متفاهمين. .



    قال صابر بن حيران : ويحز في نفسي. وأنا اراجع السجل التاريخي لقبائل الأباتشي. أن أرى التصرف الوحشي. لبعض قبائلنا وهي تمتهن التخريب. والقتل والترهيب. والغش والتهريب. والخطف والتسليب. وقبائل أخرى تمارس الفوضى العارمة. والتصرفات الغاشمة. ويتسابقون في إطلاق العيارات النارية. وانتهاك الحقوق المدنية. فقبائل الأباتشي. لا تسلك هذا السلوك الوحشي. وتستحي من القيام بهذا الاجرام. .

    لقد فرّط بعض أفراد قبائلنا بالحقوق. وأمعنوا بالعقوق. وخربوا الاقتصاد. ودمروا البلاد. وتمادوا بالعناد. وانتهكوا كرامة العباد. وغرقوا في مستنقع الفساد. فلطخوا سمعتهم بالسواد. وعفّروها بالرماد. وتبجحوا بالتخلف والبلاهة. والجهل والسفاهة. ولسان حالهم يقول :



    ولي فرس للحلم بالحلم ملجم

    وآخر للجهل بالجهل مســرج

    فمـن رام تقويمي فإني مقـوم

    ومن رام تعويجي فإني أعوج



    قال صابر بن حيران : وعلى الرغم من مسيرة التراجعات. وتفاقم العثرات. في هذه الفترات. فان رحمة الله اقتضت أن لا ينقطع دابرنا. وأن نمضي في دربنا. نحو طاعة ربنا. فالعمر قصير. وإلى الله المصير. اللهم جنبنا التقصير. يا جابر العظم الكسير. ويا محيي الرفات. ويا دافع الآفات. ويا واقي المخافات. ويا كريم المكافاة. ويا ولي العفو والمعافاة. صل على محمد خاتم أنبيائك. ومبلغ أنبائك. وعلى مصابيح أسرته. ومفاتيح نصرته. وأعذنا من نزعات الشياطين. ونزوات السلاطين. وإعنات الباغين. ومعاناة الطاغين. ومعاداة العادين. وعدوان المعادين. وسلب السالبين. وحيل المحتالين. وغيل المغتالين. وأجرنا اللهم من جور المجاورين. ومجاورة الجائرين. وكف عنا أكف الضائمين. وأخرجنا من ظلمات الظالمين. وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. اللهم آمين. .



    البصرة 25/9/2008
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي /مقامات آخر الزمان/المقامة العراقية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الثلاثاء 18 نوفمبر - 8:34

    مقامات آخر الزمان



    المقامة العراقية



    كاظم فنجان الحمامي

    حدثنا صابر بن حيران. قال : طفت الثغور والآفاق. حتى أعياني الإرهاق. فدعاني نداء الاشتياق. إلى زيارة العراق. في يوم جلابيب غيومه صفاق. وأردية نسيمه رقاق. فوجدته وطنا بحجم الكون. وأرق من حدقات العيون. وأجمل من اللؤلؤ المكنون. فالعراق أرض الرافدين. وحوض الفراتين. وما بين النهرين. وأرض السواد والعباد. والبطولة والجهاد. ومهد الحضارات وأقدمها. وموطن السلالات وأعرقها. الأكدية والسومرية. والبابلية والآشورية. والكلدانية والآرامية. ومهبط آدم وحواء. والرجل الذي سار على الماء. وطوفان نوح نبي الله. ومولد إبراهيم خليل الله. ومثوى شيت هبة الله. والعزير ودانيال وأدريس. وذو الكفل ويونس وجرجيس. ومرقد اول القوم اسلاما. واخلصهم ايمانا. واشدهم يقينا. فارس المشارق والمغارب. والمهر الغالب. علي بن ابي طالب. .

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان 299493373



    والعراق قبة العروبة والإسلام. ودار الحكمة والسلام. ومركز الخلافة والخلفاء. وأضرحة الأئمة والأولياء. والصحابة والأتقياء. وأضرحة سادة السادات. وليوث الغابات. وكربلاء الحسين. وسبط سيد الثقلين. ومروءة قمر بني هاشم. والجواد والكاظم. ومقام الهادي والعسكري. وسلمان الطاهر. وحبيب بن مظاهر. وفارس السنة والشريعة. والمنزلة الرفيعة. وحافظ علوم القرآن. أبو حنيفة النعمان. والأمام المبجل. أحمد بن حنبل. وصومعة الأولياء. ومحراب الأصفياء. العبد الداعي. السيد أحمد الرفاعي. والأمام الخلاني. وعبد القادر الكيلاني. وفي العراق بغداد الزوراء. والموصل الحدباء. والبصرة الفيحاء. ولارسا البطحاء. وإيشان الوركاء. والحيرة وابن ماء السماء. وربوع الكحلاء. وملوية سامراء. ومربد الشعر والشعراء. وواقعة الطف. والنجف الأشرف. وكوفة الاصول والفقه. وقاعدة النحو والصرف . واسطورة الفردوس المعلق. والسدير والخورنق. والكرخ المدورة. وواسط المسوّرة. ومملكة ميسان. والمناذرة والنعمان. والرميثة وثورة الشعلان. والبادية ومصرع لجمان. وأور وذي قار. والزقورة والأهوار. وشبعاد وعشتار. وراوة والأنبار. وخانقين وسنجار. واسرحدون وأنكيدو. وسنحاريب وأريدو .ونبوخذ نصر وشلمناصر وبختنصر. وسرجون والحضر. وآشور بانيبال. ورجال الجبال. وأم الربيعين. وذات الوشامين. والمسيب والشهيدين. وتكريت وصلاح الدين. والسيف الذي حرر فلسطين. والحلة وصولة صفي الدين. وملحمة جلجامش. وكوش وكيش ولكش. وبعقوبة الكرامة والرجولة. وفلوجة الفداء والبطولة. وأربيل والسماوة. وقلعة صالح وشقلاوة. والرطبة والمدائن. ونينوى والجنائن. وحمورابي وأوروك. ودهوك وكركوك. وملاذ القبائل القحطانية. ومستقر القبائل العدنانية. وموطن القوميات السامية. ومركز الديانات الصابئية المندائية. والكلدانية واليزيدية. فجمعهم العراق. في الفة الوفاق. حتى لاحوا مثل كواكب الجوزاء. وبدوا كالجملة المتناسبة الأجزاء. وفي العراق فحول الأدب والشعر. وكل ما يدعو إلى الفخر. المتنبي والجواهري. ونازك والخزاعي. وأبو نؤاس والزهاوي. وعاتكة ولميعة. وقصائدهن البديعة. وابن الجهم والرصافي. والحبوبي وأحمد الصافي. ومالك بن الريب. وعندليب أبي الخصيب. بدر شاكر السياب. والبياتي عبد الوهاب. وأحمد مطر. والنواب المظفر. والمندائي عبد الرزاق. ووفاء عبد الرزاق. وهنا الحسن بن الهيثم ونظرياته. وواصل بن عطاء ومداخلاته. والخليل بن أحمد وايقاعاته. والجاحظ وكتاباته. ومحمد بن سيرين وتفسيراته. والأصمعي ومداعباته. والهمداني ومقاماته. والحريري وحكاياته. والكندي وفلسفاته. وجابر بن حيان واكتشافاته. وعبد الله بن المقفع ومساجلاته. ودمنة وكليلة. وشهريار والف ليلة وليلة. وهنا عتبة بن غزوان وانتصاراته. ومحمد القاسم وفتوحاته. وأبو محجن وغاراته. وسعد وتحدياته. والحر بن سعيد ووقفاته. والمختار وثوراته. وعلي بن يقطين ووزاراته. وهنا خطت اول حروف الكتابة والتدوين. وسنت أول الشرائع والقوانين. وكتب التاريخ على الواح الطين. وصنعت أول وأكبر سفينة. وغرست أول وأطهر فسيلة. وأول من اكتشف الملاحة. واكتشف الزراعة والفلاحة. وهنا دارت أول عجلة في الفلوات. وأول من نظم الري في القنوات. وأول من وضع اسس الفلك والرياضيات. وأول من رفع الرايات. وجعل الخدمة العسكرية من الملزمات. وأول من كتب المسلات. وأبتكر المقامات. في الغناء والكتابات. وصمم القيثارة والوتريات. وأسس أول جامعة عربية. في المدرسة المستنصرية. .

    قال صاير بن حيران : فاستهواني السهر. على شاطئ النهر. فسمعت شاعرا يقرأ مقام المنصوري. بصوت جهوري. ويقف على اطلال آشور بانيبال. وينشد من غير انتحال :
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty رد: كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الثلاثاء 18 نوفمبر - 8:35

    هذا العراق الذي بالامس نعرفه

    خلاصة الحسن تتلى عنه أوراد

    هذا العراق الذي تأبى كرامته

    أن يستحيل ركاما بات يزداد

    وما العراق سوى بيتي ومدرستي

    وملعبي وله في القلب أوتاد

    يا موطن الخير لا يحزنك غائلها

    كبا بك الدهر أم أعياك جلاد

    سيفتح الله فتحا لا غرار له

    وربك الأكرم الرحمن جواد

    وإنّ ربك في علياء قدرته

    له القضاء وحكم الله مرصاد

    قال صابر بن حيران : وبعد أن أكمل الرجل أبياته. وعقل مناغاته. تنفس تنفس الصعداء. وبكى حتى أبكى البعداء. فدنوت منه بكبد حرى. أقدم رجلا وأؤخر أخرى. فامتدحته على عذوبة صوته. واعتذرت من التطفل عليه في غير وقته. وقلت : جئت لأزيح عنك همّك. فربّ أخ لك لم تلده امك. فقال : والذي فطر السماء. وعلم آدم الأسماء. وأنزل المطر من الغمام. وأخرج التمر من الأكمام. لقد فسد الزمان. وعم العدوان. وفقد المعوان. والله المستعان. ها أنت تراني في شيب لائح. ووهن فادح. وداء واضح. والباطن فاضح. ولقد كنا والله ممن ملك ومال. وولى وآل. ورقد وأنال. ووصل وصال. حتى حوينا كنوز السّراة. ومعادن الخيرات. فارضنا رحيبة الباع. خصيبة الرباع. ومشاهدنا مشهودة. ومساجدنا مقصودة. وحياضنا مورودة. وآثارنا محمودة. ومبانينا وثيقة. وحقولنا أنيقة. يجتنى من رياضها أزاهير الكلام. ويسمع في أرجائها صرير الأقلام. ومصاهرنا أطهر الأحرار مولدا. وأسرهم سؤددا. وأحلاهم موردا. وأصحهم موعدا. إنهم بدور المحافل. وبحور النوافل. والعراق بوابة البلد الحرام. وفيه بيت آرام. وشجرة آدم والمقام. وأقوّم البلدان قبلة. وأوسعها دجلة. وأقدمها تفصيلا وجملة. وما منا إلا العلم المعروف. ومن له المعرفة والمعروف. حملنا تراث جدودنا. وسقينا بالماء الطاهر عودنا. فخصائصنا أثيرة. ومزايانا كثيرة. وكان فضل الله علينا عظيما. وإحسانه لدينا عميما. فلم تزل الجوائح تسحت. والنوائب تنحت. حتى تكالب علينا الأمريكان. والإنجليز والطليان. والنرويج والأسبان. واجتاحتنا أسراب الغربان. وجيوش الطغيان. وانتشرت الدبابات والسرايا. في كل الاتجاهات والزوايا. سرية اقتحمت المطار. وأخرى سرقت الآثار. وأخرى خربت معالم أور في ذي قار. وكتيبة من الجنود القرود. تبحث عن أقدم نسخة للتلمود. بناء على طلب اليهود. ودمروا أقدم المكتبات والمتاحف. بأمر من شالوم موسايف. وتجاهلت اليونسكو. جرائم قوات التهريبكو. والتخريبكو. والتدميركو. هذا ومدننا يخصّبها السرطان. ويغتصبها الأمريكان. ثم دارت الأهلة دورها. وتقلبت كورها وحورها. وما نجز من وعودهم وعد. ولا سحّ لها رعد. وأقسم بمرسل الرياح. وفالق الصباح. إنّ أمريكا أكذب من سجاح. وأكثر إجراما من دراكولا السفّاح. فهي الداء العياء. والداهية الدهياء. ثم إنّ الدهر قلب لنا ظهر المجن. فتفجرت علينا براكين المحن. وسحقتنا عجلات المؤامرة. وكنا في أمس الحاجة إلى المؤازرة. فخذلتنا العرب العاربة. والعرب المستعربة. وكانوا إن أقدمنا أحجموا. وإذا أعربنا أعجموا. وإن أذكينا أخمدوا. ومتى شوينا رمّدوا. وتسابقت دول الجوار في إثارة الفتن. ما ظهر منها وما بطن. واغلقوا بوجوهنا أبواب الحدود. وسمحوا بتسلل الإرهاب الممدود. وتصاعدت قيمة التسعيرة. في بيع الفيزا والتأشيرة. باسلوب يبعث على الدهشة والحيرة. ولم يحترموا قواعد الجوار والجيرة. ولا روابط العمومة والعشيرة. فلجأت في منافذها الحدودية إلى سوء المعاملة. والتنكيل والذلة. والامعان في الإساءة والبهذلة. ونقف في المنافذ والمطارات ببال كاسف. وقلب راجف. فطال حصارنا. وغاب أنصارنا. وحالنا حال الأسير في كربته. والغريق في لجته. والمحترق في بحرته. وجار علينا الزمان. ففارقنا الولدان. وتنائينا في البلدان. وتخلقنا بخلق من ابتلى فصبر. وتجلت له العبر فاعتبر. ثم تأوّه الرجل تأوّه الأسيف. ولملم جسده الضعيف. ورفع عقيرته بصوت أسمع الصم. وكاد يزعزع الجبال الشمّ. وأنشد :
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty رد: كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الثلاثاء 18 نوفمبر - 8:40

    يا دجلة الخير: قد هانت مطامحُنا
    حتى لأَدنى طِماحٍ غيرُ مضمونِ
    يا دجْلَة الخير: أدري بالذي طَفحتْ به
    مجاريك من فوقٍ إلى دُونِ
    أدري على أيّ قيثارٍ قد انفجرتْ
    أنغامُكِ السمّرُ عن أناتِ محزونِ
    أدري بأنك من ألفٍ مَضَتْ هَدراً
    للآنَ تهزْينَ من حكمِ السلاطين
    تَهزين أنْ لم تَزَلْ في الشرق شاردةً
    من النواويس أرواحُ الفراعينِ
    تهزين من خِصْب جنّاتٍ مُنثرةٍ
    على الضفافِ ومن بُؤسِ الملايينِ
    تهزيْنَ من عُتقاءٍ يوم ملحمةٍ
    أضفوْا دروع مطاعيمٍ مطاعينِ
    يا دجلةَ الخير: والدنيا مفارقةٌ
    وأيّ شرٍّ بخيرٍ غيرُ مقرونِ
    وأيُّ خيْرٍ بلا شرٍّ يُلقّحهُ
    طهْرُ الملائكِ من رجْسِ الشياطينِ
    يا دجلةَ الخير: كم من كنْز موهبةٍ
    لديْكِ في (القُمْقُمِ) المسحور مخزون
    يا دجلة الخير: لم نصحبْ لمسْكنةٍ
    لكنْ لنلْمِسَ أوجاعَ المساكينِ
    يا دجلةَ الخير: منّيني بعاطفةٍ
    وألهميني سُلواناً يُسلّيني
    يا دجلةَ الخير: من كلّ الاُلى خبروا
    بلوايَ لم أُلْفِ حتّى مَنْ يُواسيني
    يا دجلةَ الخير: خلِّي الموج مُرتفعاً
    طيفاً يمرُّ وإن بعْضَ الأحايينِ
    يا دجلةَ الخير: يا مَن ظلَّ طائفُها
    عن كلّ ما جلت الأحلامُ يُلهيني
    يا دجلةَ الخير: خلّيني وما قَسمت
    لي المقاديرَ من لدْغِ الثعابينِ

    قال صابر بن حيران : فتحرّقت حينئذ وحولقت. وأفقت ولكن حين فات الوقت . فقلت : أوصني أيها الرجل الناصح. فقال : اجعل العراق نصب عينك. وهذا فراق بيني وبينك. فودعته وعبراتي يتحدّرن من المآقي. وزفراتي يتصعّدن من التراقي. وكانت هذه خاتمة التلاقي. .
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي/من مقامات آخر الزمان/المقامة الصفرية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الإثنين 24 نوفمبر - 9:03

    من مقامات آخر الزمان








    المقامة الصفرية








    كاظم فنجان الحمامي





    حدثنا صابر بن حيران . قال : شاركت في حلقة دراسية, وندوة نقاشية. تعنى بمعالجة المشاكل الإدارية, والبرامج التطويرية, في المؤسسات الحكومية. وبينما نحن في حوار عقيم, وجدال سقيم. إذ دخل علينا ذو عكازتين, قد كاد يناهز العمرين. فسلم علينا بلسان عذب, وداعبنا باسلوب ذرب. وجلس لا يفيض بكلمة, ولا يبين عن سمة. إلى أن سبر أغوارنا, ومل حوارنا. فما لبث أن قاطعنا بعكازتيه, وشمر عن ساعديه. وقال : أنا قرطاس بن ارشيف أبو الإدارة, وصاحب المهارة, والمعروف بالشطارة. وديناصور الصادر والوارد, وعربيد الحسابات والموارد. أفنيت عمري في مراجعة الدفاتر. ومصاحبة المحابر. وقلمي لسان الصولة, وفارس الجولة. وجربت حقائق الأمور, وبلوت تصاريف الدهور. ومارست العمل في المدن والثغور. وأدبني الليل والنهار. ودارت على رأسي الأدوار. وقد شهدت وقائعها موظفا, وغادرت مواقعها مديرا. فرأيت أن من أخطر المعوقات, التي تقف في وجه المؤسسات, وترهق ميزانية الشركات. وتفقدها القدرة على الوفاء بالتزاماتها, وتمنعها من الإرتقاء في نشاطاتها. وتحول دون تطبيق خططها التنموية, وتحقيق أهدافها المستقبلية. هي ظاهرة التقهقر الدوري, والتراجع الصفري. فما أن يعفى المدير الحالي, ويحل محله المدير التالي. حتى تدفن معه الخطط والبرامج, والأنظمة والمناهج. وينسفها المدير الجديد, بذريعة التطوير والتجديد. فيتظاهر بالإبداع, ويتعفن في اسفل القاع. وتكون أعماله الخرقاء مصحوبة بدعم الوصوليين, وتطبيل جوقة الإنتهازيين. الذين لا يستحون من شتم المدير السابق, من أجل إرضاء المدير اللاحق. ويتواصل هجومهم الساحق, على كل موظف صادق. فيختل التوازن الإداري, وينهار المعيار المهاري. وتنقطع الصلة بين الحاضر ومكتسباته, والماضي ومعطياته. ثم يستبدل المدير الأحمق, بمدير أخرق. فتنحرف بوصلة الإدارة مرة أخرى نحو الصفر, وتغرق سفينتها في البحر. وتهوى إلى القعر. وتستمر دورات التعثر, وهفوات التكور, وتقلبات التقهقر. وموجات التصفير والتصحر,على هذا الإيقاع المتكرر, بقيادة المدير المتحجر. الذي قبع في موقعه, وتمادى في تقوقعه. حتى ساءت بكم الأحوال, وانطفئت عندكم جذوة الآمال. وخفتت وتلاشت, أو طارت وطاشت. وصار تقدمكم إلى الخلف, وتعودتم على الدوران واللف, فاصيبت عجلتكم الإنتاجية بالتلف. حتى اصبح الناتج القومي للدول العربية كلها, أقل من إنتاج اسبانيا وحدها. ووصلتم منحنى الصفر في قاعدة البيانات الدولية, وهبطتم في منحدر التصرفات الغبية. وتفاقمت عندكم الثغرات, وكثرت لديكم العثرات, وتكررت الخسارات. بسبب تخلفكم عن ركب الحضارات. واختياركم الوقوف مع العجائز. في الزمن العاجز. فلا تفقهون إلا القشور, ورقدتم في الجحور, واعجبتكم نومة القبور, وغركم بالله الغرور, وأدرتم ظهوركم إلى شعبكم المقهور. وصدق المتنبي عندما قال فيكم :





    يا أمة ضحكت من جهلها الأمم





    لقد قالها قبل أكثر من ألف عام. فما يقال في حالكم هذه الأيام ؟. وأنتم تتخبطون في هذا الزحام. وتتخلفون عن بقية الأقوام . لقد رفعت الأعلام فوق القمر والمريخ, وأنتم مازلتم تتنازعون على مائدة التمر والبطيخ..


    قال صابر بن حيران : ثم إن الشيخ قرطاس قال : ان بعض المدراء, عقولهم خواء, وكلامهم هراء, ووجودهم بلاء, وفيهم بيت الداء. وأنا منهم براء. . فمنهم من ظل يراوح على الخطوط الصفرية, واعتمد على مداركه الفطرية, وسعى لتطبيق خططه التأخيرية. فهو شحيح البركة. بارد السكون والحركة. . ومنهم من اسهم في تغييب اصحاب الكفاءات العلمية, ومحاربة المواهب الفكرية. ومنهم من غط في النوم, حتى صار رمزا لعقاقير الفاليوم. وأصبح صنو الكسل, وسبب الفشل. فهو عدو العمل, ومخيب للأمل. ومنهم من غرق في الرذيلة, وامتهن التلفيق وسوء الكيلة, فالغاية عنده تبرر الوسيلة. ومنهم من ضاع في إتاوة المعاملات, وتعطيل آلاف السجلات. حتى صارت الإتاوة تملأ الأكياس, والتعطيل يشيّب الراس. ومنهم من استبد بالسلطان, وتسيد الديوان. واستباح جميع الأعمال, وفرط بحقوق العمال. ومنهم من انغمس بالتسلية والدعابة, وأدمن المزاح والتلعابة. ومنهم من سدر في غلوائه, وسدل ثوب خيلائه, وجمح في جهالاته, وجنح في خزعبلاته. فهو أخرق متخلف. وأهوج متعجرف. ومنهم من اطلق لحيته, وكوى جبهته. وتظاهر بالورع والتقوى, واضمر الطمع والبلوى. واستعان بالنفس وسلطانها, والشهوة وشيطانها. ومنهم من اتخذ من الولاءات القبلية ظهيرا, ومن المراوغات الحنقبازية بعيرا. فخرج عن حد الإعتدال. وذهب ذات اليمين وذات الشمال. .


    قال صابر بن حيران : فلما دل شعاعه على شمسه. ونم كلامه عن قوة قوسه, وأشار بيانه إلى طيب غرسه. علمت بأن مناقشته غُنْمٌ. ومحاورته نُعْمٌ. فدنوت منه. وقلت له : انك من فرسان اليراعة, وأرباب البراعة, وكأنك من تلاميذ الطهطاوي رفاعة. فأرح أفكارنا من الكد, وجد علينا بالنقد. فاطرق ساعة, وقال سمعا وطاعة. فاستلم مني, وانقل عني. . تتفاضل الدرجات, بتفاضل الكفاءات. . واستحقاق الإدارة والسيادة, بحسب المهارة وقوة القيادة. والخبرة والشهادة. . واختبار العقلاء, بمقارنة الجهلاء. . وتناسي الحقوق, ينشئ العقوق. . وتتبع الهفوات, يصحح الخطوات. فاختاروا المعايير الصحيحة منهجا يهديكم, ولا تخطوا أقدامكم في مضلة ترديكم . فالجادة بينة, والمحجة نيرة. والحجة متضحة, والمحجة متفضحة. ووجه الدلالة وضاء, ومكارم الأخلاق نقية بيضاء. وتذكروا إنّ رأس الحكمة مخافة دافع البلاء. وواسع العطاء. .


    قال صابر بن حيران : وأفاض الشيخ في تعليمنا, وأسهب في توجيهنا. وكان ملهم ندوتنا, وقطب رفقتنا. وتعجبنا والله من مقاله, فسجلنا رقم نقاله. لكي نتصل به عندما تسمح أحواله. ونستعين بخبرته في الإدارة, وننهل مما لديه من مهارة. ثم مشينا معه إلى موقف السيارة. وودعناه, وانصرف. .





    البصرة 8/9/2008
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي /مقامات آخر الزمان /المقامة السنغالية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الجمعة 28 نوفمبر - 8:54

    مقامات آخر الزمان





    المقامة السنغالية





    كاظم فنجان الحمامي



    حدثنا صابر بن حيران. قال : طرحتني النوى مطارحها. حتى إذا وصلت ساحل السنغال. خففت سرعة السفينة في الحال. واقتربت من تلال تغطيها الرمال. فحين رميت المخطاف. عند مقتربات تلك الضفاف. أخذت عيناي رجلا قد لف رأسه ببرقع حياء. وحمل قربة مملوءة بالماء. ونصب جسده. وبسط يده. واحتضن عياله. وتأبط أطفاله. وهو يقول بصوت يدفع الضّعف في صدره. ويتلوّى من آثار السياط في ظهره: اللهم آمنا على حياتنا. يا من منحتنا حرياتنا. يا رب يا محمود. يا واحد يا ودود. يا مشهود يا موجود. اكفنا شر العبودية لغيرك. فأنت الخالق المعبود. واحفظ عبادك في هذه البلاد. من ذل الرق والاستعباد. وخلصنا من الفتن. ما ظهر منها وما بطن. فدنوت منه وبدأت الكلام بالسلام. وتحية الإسلام. فولاّني جميلا. وأوليته جزيلا. فقال : أنا رجل من أهل الجزيرة الغورية. من السواحل السنغالية. مزقني الاملاق. فجبت الآفاق. تترامى بي المرامي. وتتهادى بي الموامي. وها أنا أهيم في الطريق. هربا من تجار الرقيق. أتوقع الاسطول الأسباني كل لمحة. واراقب الساحل كل صبحة. حتى طويت طريق الرعب وتجاوزت حدّه. وصرت إلى حمى الأمن ووجدت برده. وبلغت السواحل. وقد حفيت الرواحل. وأكلتها المراحل. ومازلت أعاني. من ظلم الاسطول الاسباني. فقد غزتنا تلك الكلاب الغاوية. والذئاب العاوية. والأقوام المارقة. فخطفت أبناء جلدتي من الأفارقة. وقيدتهم بالسلاسل. واقتادتهم في قوافل. تجرهم كالحوابل. وهم يمشون متثاقلين متهالكين. والسياط تلسع ظهورهم العارية. وجذوعهم الخاوية. وأرجلهم الدامية. يساقون قهرا. أو يموتون صبرا. فقتلت منهم ستة ملايين شنقا وبطشا. وجوعا وعطشا. وساقت الأحياء إلى معتقل بيت العبيد. وكبلتهم بأصفاد الحديد. ثم أبحرت بهم عبر بوابة اللاعودة. نحو الأفق البعيد. فتبعثر أفراد الأسرة الواحدة. في بلدان متعددة. وأماكن متباعدة. وصارت قيمة الإنسان. بقدر ما يحمله في فمه من أسنان. يفحصونهم كالخيول. ويجرونهم كالعجول. فباعوا الأب إلى البرغواي. والأم إلى الأورغواي. وتوزع الأولاد والأحفاد. في كل الأصقاع والبقاع. بين تكساس وأركنساس. وفرجينيا وكليفورنيا. وبوسطن وواشنطن. وتبدلت اسمائهم وجنسياتهم ولغاتهم ودياناتهم. حتى غاب تذكارهم. وانمحت آثارهم. وشيعتني صورهم. وانقطعت أخبارهم. .

    فقلت له : احمد الله حمد الإخلاص. على حسن الخلاص. الذي فكك من حلق الإسار. وأنفذك من حد الشفار. وحررك من ذل الرق. إلى عزة العتق. فقال : الحمد لله الذي فك أسرنا. وجعل من بعد عسرنا يسرنا. وأخرجنا من البلاء. خروج السيف من الجلاء. وجعل لنا من مضايق الأمر مخرجا نجيحا. وفي مغالق الأحوال مسرحا فسيحا. .

    قال صابر بن حيران : واستمرت هذه الكارثة لثلاثة قرون. وأطارت واقع السكون. فعز عليّ مسمعها. وأثر في القلب موقعها. إنها كارثة إنسانية تستك لها المسامع. وترتج لها الأضالع. أتت بما هد الأصلاب. وأطار الالباب. وفرق الأحباب. ولم ينج من ودائع الأغماد. إلا من حصل في جوامع الأصفاد. فقد كانت سواحل الغرب الأفريقي نهزة الطالب. وفرصة المغالب. فهي العود المركوب. والزند المضروب. اجتاحتها سفن القراصنة بقلب نغل. وصدر دغل. وطوية معلولة. وعقيدة مدخولة. ومازالت وثائق الرق والأستعباد. والعبودية والاضطهاد. يطويها لثام. لا تميطه الصحافة والاعلام. باستثناء الفلم الوثائقي المشهور. للكاتب الزنجي أليكس هيلي الغيور. الذي جسد محنة الشعب المغدور. في فلم (الجذور). فلا يغرنك هذا التظاهر الأوربي المونق. فوراءه البلاء الموبق. فاجدادهم من أركان البؤس. وملامح النحس. ورمد العين. وغداة البين. وسمة الشين. ومنع الماعون. وسنة الطاعون. وقراد القرود. وكهنة اليهود. وسكين الحدود. وعين الحسود. والنوائب السود. وصنان الإبط. وسراق النفط. وعذاب الإنسان. وشريعة الحيوان. وقطار الرذيلة. وأعداء الفضيلة. ومخالب الاستعمار. وحنجرة الاستحمار. ومزرعة الفجّار. ومحبرة التزوير. وديناميت التفجير. ومصدر الفتن. ومقلع المحن. وخضراء الدمن. وحانة الخمّارة. ومجتلب الخسارة. وزهرة الافيون. وتهور المجنون. ووجه الشيطان. وعقل الصبيان. وســـم الدهر. ومعمل المكر. وفيروس الشر. وقراصنة البر والبحر. .

    قال صابر بن حيران : إنها لمهزلة كبرى أن يقام نصب الحرية. ورمز الإنسانية. على جثث وجماجم عشرات الملايين. الذين أبادتهم مشانق العبودية. في مجازر يشيب لهولها الولدان. وتناقلت أخبارها الركبان. على الرغم من اعتذارهم بعد فوات الأوان. وكان (أبو الحرية) الأمريكية المزعومة. (جورج واشنطن نفسه). أول من انتهك حرية تلك الشريحة المحرومة. والطبقة المعدومة. فهو يملك في حوزته. ثلاثمائة عبد وجارية يعملون في مزرعته. ولم يحرر منهم واحدا قط. وكان من امهر تجار البشر. وسيعلم يوم المحشر. إنّ الله قد سوى بين البرية. في ورود حوض المنية. وحملهم فيها على عدل الحكومة والقضية. لينظر كل أحد إلى نفسه. ويعلم إنه مستثمر ما أنبت غرسه. .



    البصرة 27/9/2008
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty كاظم فنجان الحمامي /المقامة الرموتية

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الإثنين 1 ديسمبر - 13:26







    المقامة الرموتية





    كاظم فنجان الحمامي



    حدثنا صابر بن حيران . قال : احتجت إلى متابعة الأخبار. ومعرفة ما فعله بنا الأشرار. في الأمصار والأقطار. وكان لا بد لي من شراء طبق القمر الصناعي. لإستلام البث الفضائي. التلفزيوني والإذاعي. فأُرشِدْتُ إلى تقني يتحدث بلَطافَةٍ. ويسفِرُ عنْ نَظافَةٍ. وحوله من الأطباق أطواق. ومن الزحام طباق. وبين يديه عصا صغيرة. فيها أزرار كثيرة. كأسنان المشط في الاستواء. يداعبها باللمس بلا عناء. فتنطلق منها الإشارات في الهواء. فيجتلبها الرسيفر. ويذعن لارسالها المشفر. رغم بعد التلفاز عن المصدر. فلا حاجة إلى المجاورة. من أجل تحقيق هذه المحاورة. ثم أخذ التقني يستعرض المحطات وتعددها. ويتفحص القنوات وترددها. وجعل يقلبها عن بعد بيده. وهو جالس على مقعده. ثم التفت نحوي. وقال : هذا هو الرموت. وقد شاع استخدامه في معظم البيوت. وله نحافة الصب. وصقالة العضب. ولدونة الغصن الرطب. وكأنه مقبض السيف في الحرب. .

    قال صابر بن حيران : ولم يلقني قرار. ولا طاوعني اصطبار. حتى سألته عن صاحب هذا الأبتكار . فقال من دون تردد أو احتيار . إنه الحمار. فقد سبقتنا
    فصائل البغال والحمير. في البحث
    والتفكير. واكتسبت خبرة منقطعة النظير. في ممارسة فكرة الرموت حيوانيا. قبل ان نطبقها نحن ميدانيا. ونجحت في رحلاتها المكوكية. قبل وكالة ناسا الفضائية. وتميزت في نقل الأثقال والأحمال. بين السهول والجبال. ونجحت في مسارح تنقلاتها. ومسايح غدواتها وروحاتها. فهي تتلقى التوجيهات. وتطبق الإرشادات. وتنفذ التعليمات . وتنطلق نحو المكان. من دون تدخل مباشر من الإنسان.. ثم تواصل العمل. من غير كلل أو ملل. على الرغم من وعورة الطرق وتشعباتها. وتعدد المهمات وصعوباتها. ولا تكترث لإستفزازات المشاكسين. ومضايقات العابثين. ثم زج بها الخبثاء في المعارك الساخنة. والإشتباكات الطاحنة .
    واشتركت في الهجوم والإقتحام. وفتح الثغرات في حقول الألغام
    . وتحددت فكرة الرموت بتلك المهام. ثم صار الرموت من الأدوات المنزلية. في هذه المرحلة الزلزالية. وتطور استخدامه في البحث عن المحطات. وإختيار اللقطات. وانتخاب القمر المطلوب. وتثبيت التردد المرغوب. والتحكم بالصوت واللون. وزاوية استقطاب الصحون. .

    قال صابر بن حيران : وشاع استخدام الرموت في البر والبحر. والوبر والمدر. على يد الأمريكي روبرت إدلر. وأنتجته أول مرة شركة زيناس. ووضعته في خدمة
    الناس. وكان اسمه (ليزي بون
    Lazy Bone) عند الأمريكان. وتعني عظمة الكسلان. وقد أسهم فعلا في ترهل الأبدان. وزيادة الأوزان. وانخفاض نشاطات الإنسان. وتحولت الفرجة إلى إدمان.
    وصار الإعلام الفضائي واسع الانتشار. ويجذب
    أنظار الصغار والكبار. وبات الرموت من بواعث الكسل. ومن مصادر السموم المغلفة بالعسل. .

    قال صابر بن حيران : وأدى تردي الأوضاع السياسية. وخروجها عن السياقات القياسية. في معظم البلدان العربية. إلى ظهور أفواج المحللين. والمتحذلقين.
    والمتشدقين. وجيوش
    المنافقين. فجلبوا لنا الهم والوجع. وتسببوا في إثارة الفزع والهلع. يتقلبون في مواقفهم بين شامت وساخر. ومحرض وماكر. وداعر وفاجر. فالتصقو على الشاشة. وتصنعوا الوقار والبشاشة. وتستروا بالهشاشة. وتقافزوا كتقافز القرود. وتنططوا كتنطط الكلب المقرود.. وكانوا من بواعث الحزن والنكود. ينظرون فتقتلنا الحاظهم. وينطقون فتزعجنا الفاظهم . فغرقنا في خضم مستنقع إعلامي. يفيض بالتهريج الكلامي. وانهالت علينا الحملات المبرمجة. وتسربت الينا الأفكار المؤدلجة. وابتلينا بقرود السيرك السياسي. في هذا الوضع القاسي. فاستخدمنا الرموت لإسكاتهم. وكتم أصواتهم. والاستمتاع بمراقبة حركاتهم. فحولناهم إلى مادة للفرجة. من أجل استعادة البهجة. فقد جلبوا لنا الضر. في الزمن المر. وأصبح الرموت من الأسلحة الجريئة. للتخلص من المحطات القميئة. وضبط المؤثرات الصوتية. والسيطرة على اللقطات الصورية. ورصد الإنفعالات
    الحركية. وحذف المحطات الإباحية. وهو يخزن الأسرار. كما يخزن
    اللئيم الدينار. .

    قال صابر بن حيران : وانشغلت يوما بمتابعة آلاف القنوات. ومئات الإذاعات. من نايل سات . إلى عرب سبات. ومن البداية. إلى الهداية. ومن العقارية. إلى
    العراقية. ومن القطرية. إلى
    المصرية. ومن روتانا طرب. إلى روتانا غضب. ومن المغربية. إلى الشرقية. ومن ميلودي أفلام. إلى ميلودي انتقام . ثم تنقلت بسرعة من برامج الحوار. إلى مشاكل التجار. ومن برامج الأسئلة . إلى تفاهات المرحلة. ومن أفلام التاريخ. إلى تقشير الليمون والبطيخ . ومن الشيف رمزي. إلى الأسطة فوزي. ومن السفاهة. إلى الفكاهة. وسمعت تصريحات أوباما. وشاهدت اعصار الباهاما. وتابعت أولمبياد بكين. والمصارعة مع الثور المسكين. والرقص الأسباني. وإنحطاط الأغاني. وصمود الناس في غزة. وتمسكهم بالإباء والعزة. وتوغل الأساطيل في الخليج. والتحليل السياسي بنكهة التهريج. وذهلت من سرقة الأطفال من ملجأ الأيتام. واشتباك
    الإسلام بالإسلام. ومشايخ يحملون أصابع الألغام . وكيف
    يدخل الموت علينا من الأبواب. فنموت كما يموت الذباب. وكيف يتحذلق العرب في فلسفة الخراب. حتى سقطت من الارهاق مغشيا. ومن الضيق مغميا. ثم نهضت مترنحا من هول
    الأخبار المقرفة. وتذكرت قول طرفة :



    ستُبْدِي لكَ الأَيَّامُ ما كُنْتَ جاهِلاً



    وَيَأْتِيكَ باْلأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ



    وَيَأْتِيكَ باْلأَخْبارِ مَنْ لَمْ تَبعْ لَهُ



    بَتَاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعدِ



    قال صابر بن حيران : وما الرموت إلا سلاح ذو حدين. فهو أداة من ادوات مكافحة الإستعمار الثقافي . والإستحمار الفكري . والإستهتار الإعلامي . وقرباج المهرج. وخمرة المتفرج . وعصا الكسلان. وشيطان الزمان. في كل بيت ومكان. وهو مأثمة ومندمة . ونعمة ونقمة. وأداة من أدوات الترف. ويسبب الضجر والقرف. ونسأل الله أن يجعل للخير علينا دليلا. ولا يجعل للشر إلينا سبيلا. وأن
    يجنبنا الفضائيات وسمومها. والبرامج وهمومها. والمحطات
    وهجومها. بحق محمد سيد البشر. والشفيع المشفع في المحشر. اللهم آمين. .



    البصرة 18/9/2008
    ليلى ناسمي
    ليلى ناسمي
    إدارة عامـة


    الجنس : انثى
    عدد الرسائل : 2322
    العمر : 62
    المكان : تونس العاصمة
    الهوايات : الأدب والشطرنج
    تاريخ التسجيل : 18/06/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان Empty رد: كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان

    مُساهمة من طرف ليلى ناسمي الجمعة 6 فبراير - 1:48



    مقامات آخر الزمان



    المقامة الامتحانية




    كاظم فنجان الحمامي

    حدثنا صابر بن حيران . قال : بَيْنَا نَحْنُ بلندن. فِي المجتمع المتمدن. وَمَعَنَا يَوْمَئِذٍ (جيمس أوغر). من الطرف الأغر. وهو رَجُلُ التقنيات الخبيثة. والإبتكارات الحديثة. فأَفْضَى بِنَا الكَلاَمُ إِلَى ذِكْرِ أبناء بعض السلاطين والأمراء. والرؤساء والوزراء. وكبار المدراء. وتفوقهم الباهر بالامتحانات. وحصولهم على أعلى الدرجات. وأفضل العلامات. وتميزهم في أعقد الدراسات. على الرغم من غبائهم الشديد. وتخلفهم الأكيد. وانشغالهم بأكل الثريد. فَقَالَ أدغر : سَأُحَدِثَكُم بِمَا شَاهَدَتْهُ عَيْني. وَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ غَيْري. بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي بِلادِ الشرق. أتجول على الشاطئ الأزرق. عنَّ ليَ وزيرٌ يتنزه في زورق. ومعه ابنه الأخرق. فَحَاذَانِي حَتَّى إِذا أكمل انعطافه. رمى مخطافه. ورَفَعَ صَوْتَهُ بِالسَّلامُ عَلَيَ. فقال : هاي. فَقُلْتُ: هاي. بعدد نفوس شنغهاي. مَنِ الرَّاكِبُ الوجيزُ الكَلاَمِ. المُحَيِّي بِتَحيَّة الأفلامِ ؟. فَقَالَ: أَنَا فلتانُ الفلتاني. فَقُلتُ: مَرْحَباً بِالكَرِيم حَسَبهُ. الشَّهِيرِ نَسَبُهُ. فَقَالَ: رَحُبَ وَادِيكَ، وَعَزَّ نَاِديَكَ، فَمَنْ أَنْتَ؟. قُلْتُ: جيمس بْنُ أدغر. قَالَ: حَياَّكَ اللهُ نِعْمَ الصَّدِيقُ، وَالصَاحبُ والرَّفِيقُ. وَسِرْنَا فَلَمَّا وصلنا الشاليه قَالَ: أَلاَ نُغَوِّرُ يَا أدغر. فقد صهرنا الحر؟. فَقُلْتُ: أَنْتَ وَذَاكَ. فَمِلت معه إِلِى الشاليه. من غير ليه. وَنِلْنَا مِنَ الخمور الصفراء. من يد جارية غراء فرعاء. وَكانَ الوزير خفيف الظل. زَهِيدَ الأَكلِ. فَوَطَّأَ لِي مَضْجَعاً. وَمَهَّدَ لِي مَهْجَعاً. وَأَوْلاني نِعَماً ضَاقَ عَنْهَا قَدْرِي. وَاتَّسَعَ بِهَا صَدْرِي. أَوَّلُهَا تأثيث الدَّارِ. وَآخِرُها مليون دولارٍ. وقال : هذا ابني لا يشبه الناس. إلا بالرأس واللباس. فصوته أَنْكَرَمِنْ صَوْتِ الحِمَارٍ، وَرجعه أَضْعَفَ مِنْ رَجْعِ الحُوَارِ. وهو من البهائم الغابرة. وأريده أن يصبح من العباقرة. فأخذت المَنْقُودَ. وانتظرت المَوْعُودَ. ثم أطرقت ساعة. وقلت: سمعا وطاعة. فأَنَا نَصِيحٌ إِنْ شَاوَرْتَ. فَصِيحٌ إِنْ حَاوَرتَ. فعصف الشيطان في عَقْليِ. وَعَدَلْتُ بَيْنَ جِدِّي وَهَزْلِي. فهرعت إلى (جيمي لويزو) زميلي. ورفيقي في تصميم حيّلي. فنجحت أفكارنا التخريبية. في إبتكار رقاقة الكترونية. من الرقائق السليكونية. أصغر من حبة الدخن. وانحف من خيط القطن. وتتصل عن طريق الفك بالاذن. تزرع في ضرس من أضراس الطحن. وهي تشبه الهاتف الجوال. في الاشتغال وإلتقاط الإرسال. ويستفيد منها المغفل والمحتال. والغشاش والدجال. في استلام الأجوبة الصحيحة لكل سؤال. ومن دون أن ينكشف أمره في الامتحان. أو يفتضح سره فيهان. فدائرة البث والإستلام مغلقة. والرقاقة على الأسنان ملتصقة. ولابد من الإستعانة بطبيب. في تثبيت أداة الغش والتخريب. فنفذنا طلب الوزير. وفاز ابنه الخنزير. بأعلى تقدير. وحصل على 99% في الامتحان الكبير. وتفوق على أبناء الشعب الفقير. بالغش والتشفير. والحيلة والتزوير. والدهاء والتدبير.

    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان 542363247


    كاظم فنجان الحمامي / مقامات آخر الزمان 393076342



    قال صابر بن حيران : ثم إن المبتكر الأغبر. المدعو أدغر. قال : لقد قيلَ فيما غبَرَ منَ العبر.عندَ الامتِحانِ. يُكرَمُ الرّجُلُ أو يُهانُ. وها أنا قدْ وضعتُ التيجان. على رؤوس أبناء الذوات والأعيان. وجنبتهم كبوة الحصان. .

    قال صابر بن حيران : وقديما سألوا بديع الزمان الهمداني. بِمَ أَدْرَكْتَ العِلْمَ؟. فقَالَ: طَلَبْتُهُ فَوَجَدْتُهُ بَعِيدَ المَرَامِ. لا يُصْطَادُ بِالسِّهَامِ. وَلا يُقْسَمُ بالأَزْلامِ. وَلا يُرَى في المَنَامِ. وَلا يُضْبَطُ بِالِّلجَامِ. وَلا يُورَثُ عَنِ الأَعْمَامِ. وَلا يُسْتَعَارُ مِنَ الكِرَامِ. فَتَوَسَّلْتُ إِلَيْهِ بِافْتِرَاشِ المَدَرِ. وَاسْتِنَادِ الحَجَرِ. وَرَدِّ الضَّجَرِ. وَرُكُوبِ الخَطَرِ. وَإِدْمَانِ السَّهَرِ. وِاصْطِحَابِ السَّفَرِ. وَكَثْرةِ النَّظَرِ. وَإِعْمَالِ الفِكَرِ. فَوَجَدْتُهُ شَيْئاً لا يَصْلُحُ إِلاَّ لِلْغَرْسِ. وَلاَ يُغْرَسُ إِلاَّ بِالنَّفْسِ. وَصَيْداً لاَ يَقَعُ إِلاَّ فِي النَّدْرِ. وَلا يَنْشَبُ إِلاَّ فِي الصَّدْرِ. وَطَائِراً لا يَخْدَعُهُ إِلاَّ قَنَصُ الَّلفْظِ . وَلاَ يَعْلَقُهُ إِلاَّ شَرَكُ الحِفُظِ . فَحَمَلْتُهُ عَلى الرُّوحِ. وَحَبَسْتُهُ عَلى العَينِ. وَأَنْفَقْتُ مِنَ العَيْشِ. وَخَزَنْتُ فِي القَلْبِ. وَحَرَّرْتُ بِالدَّرْسِ. وَاسْتَرَحْتُ مِنَ النَّظَرِ إِلى التَّحْقِيقِ. وِمِنَ التَّحْقِيقِ إِلى التَّعْلِيقِ. وِاسْتَعَنْتُ فِي ذَلِكَ بِالتَّوْفِيقِ. فَسَمِعْتُ مِنَ الكَلامِ مَا فَتَقَ السَّمْعَ. وَوَصَلَ إِلَى القَلْبِ. وَتَغَلْغَلَ فِي الصَّدْرِ .
    أما اليوم. فنحن نعيش في زمان يُؤتمن فيه الخائن. ويُخوَّن فيه الأمين. ويستبعد فيه العاقل. ويمجد فيه الجاهل. فقد كثرت الفتن والبلايا. وعظمت المحن والرزايا. وتسيدت البهائم والمطايا. وصار أحدهم يرفس كحمار السوء في قيد جهله. وينطح كعنز الجبل المربوط بحبله. وغاب بُناةُ المجْدِ. وأرْبابُ الجَدّ. وانقطعت وصلتهم وصلتهم. وبارت مهاراتهم بالكَسادِ. لما ظهرَ في الأرضِ الفَسادِ. وهاجر العلماء الأعلام. ومالت الأيامِ الى اللّئامِ. فكيف للعظم أن يقاوم العظام؟. وكيف للقزم أن يطاول النجم؟. فتذكرت هذا النظم. الذي قاله أحد أرباب العلم والفهم. .


    ومن يُثني الأصاغرَ عن مرادٍ
    وقد جلسَ الأكابرُ في الزوايـــا
    وإنَّ تَرَفُّعَ الوُضعاءِ يومًا على
    الرُّفعاءِ من إحدى البلايــــــــــا
    إذا استوتِ الأسافلُ والأعالــــي
    فقد طابت مُنادَمَةُ المنايـــــــــــا



    البصرة 20/9/2008


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 13 مايو - 0:03