في هذه المرحلة أدركت الحركة الصهيونية والقوى المواليه لـ إسرائيل بأن هناك قوة قد ظهرت على المسرح الدولي وهي الولايات المتحدة الامريكية ، فتحرك مال القوى الصهيونية إلى الولايات المتحدة الامريكية للاستثمار خاصة في مجال الإعلام والاقتصاد وتأسيس لوبي صهيوني كقوة ضغط في رسم السياسة الامريكية . كما نجم عن العدوان الثلاثي على مصر تصورا خطيرا لدى الشعوب العربية وقادتها ، مفاده بأن موقف الولايات المتحدة المناوىء للعدوان الثلاثي مبني على نظرة اميركية متصالحة وصديقة نحو العرب، وعزز هذا الاعتقاد بعض السلوكيات والتصريحات للولايات المتحدة والتي توحي بالود والصداقة نحو العرب في عهد الرؤساء ايزنهاور وكنيدي ومستهل فترة جونسون ، مما ادى إلى رسم سياسات مغلوطة بان الولايات المتحدة ستساند العرب ضد اي عدوان إسرائيلي يقع عليها كما حدث في ازمة السويس. هذا الاعتقاد إحد الأسباب التي أدت بهزيمة العرب في حرب يونيو \ حزيران عام 1967 دون فهم التغيرات التي طرأت على الساحة الدولية ببال منسقي السياسة الاستراتيجية العرب بان للولايات المتحدة قد خططت للهيمنة على العالم من خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي وسياسة الأحلاف .
اما نتائج هذه الحرب كان كارثياً على العرب عامة وعلى الفلسطينيين خصوصا حيث استطاعت إسرائيل الاستيلاء على قطاع غزة و الضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان وتهجير آلاف الفلسطينيين إلى مخيمات الشتات في الأقطار العربية .
أحد أهم الأسباب لهزيمة العرب في حرب 5 يونيو 1967 غياب الوعي العربي لأنه إما منهمك فى صراعات داخلية أو في صراعات عربية عربية ، خاصة بروز ظاهرة الانقلابات العسكرية ، ونعت الدول العربية ، بما يسمى الآن دول الاعتدال ، بالرجعية ، مما تسبب في صراعات داخلية بين الأنظمة التي تريد المحافظة على وجودها ، وبين قوى يسارية تريد الاطاحة بتلك الأنظمة . وبالنظر إلى هول ما حصل5 يونيو 1967 ، ظهر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في التليفزيون فى 9 يونيو 1967 يعلن مسئوليته عما حدث وتنحيه عن الرئاسة ، إلا أن الجماهير العربية خرجت في مظاهرات حاشدة تطالبه بالبقاء والاستعداد للحرب ، وبالفعل رضخ عبد الناصر لرغبة الجماهير واستمر في منصبه .
على الفور ، شرع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في إجراء تغييرات في القيادات العسكرية ، حيث أقال المشير عبد الحكيم عامر من قيادة الجيش وعينه نائبا له ، كما قام بتعيين الفريق أول محمد فوزى قائد عاما للقوات المسلحة بدلا من عامر والفريق عبد المنعم رياض رئيسا للأركان فى 11 يونيو 1967 .
وفى 21 يونيو 1967 ، لجأ عبد الناصر للاتحاد السوفيتى لإعادة تسليحه ، ووقعت بالفعل صفقات السلاح بين البلدين ووصل خبراء سوفييت لتدريب الجيش المصرى على السلاح الروسى لتنطلق حرب الاستنزاف في مارس 1969 وسفر عبد الناصر في فى 22 يناير 1970 إلى موسكو لأجل الحصول معدات دفاع جوى للسيطرة على الطائرات الإسرائيلية وتم بناء حائط الصواريخ ..
اما على الجبهة الأردنية وقعت معركة الكرامة في 21 آذار 1968 حين عبرت القوات الإسرائيلية النهر من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية ، فتصدت لها قوات الجيش الأردني على طول جبهة القتال بقوة وشاركتها فصائل من الفدائيين الفلسطينيين في قرية الكرامة ، واستمرت المعركة أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليون الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكنت القوات الأردنية والفلسطينية في هذه المعركة من تحقيق النصر .
اما أحد الأسباب الرئيسية في هزيمة إسرائيل والأنتصار العربي في معركة الكرامة ، حالة التواحد العربي بين الجندي الأردني والمقاتل الفلسطيني في خندق الكرامة فكان النصر ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ ) .
اما النتائج السيئة لهذه المعركة ، وبعدما جمعت الدم الفلسطيني مع الدم الأردني، وارتوت أرض الكرامة بدماء الشهداء الزكية ، سعى البعض من قبل مجموعات انتهازية إلى تجيير الإنتصار لصالحها ، طمعا بكرسي الحكم ، تحت غطاء مفهوم ( الرجعية العربية ، والحركة التقدمية النضالية ) ، فزرعت الفتنة ، وعملت على اشاعت الفوضى والتقليل بالدور الآخر في تحقيق هذا النصر مما ادى إلى وقوع حرب بين رفاق السلاح و سال الدم الأردني والفلسطيني في أحداث أيلول عام 1970 في شوارع عمان والزرقاء ودبين وجرش لتصبح صفحة سوداء في تاريخنا العربي المعاصر وفي صراعنا ضد الكيان الصهيوني.
فوجىء العرب فى 28 سبتمبر 1970 بوفاة زعيمها جمال عبد الناصر ليتولى الرئيس أنور السادات الحكم والذي أكد أنه متمسك بمبدأ جمال عبد الناصر( ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ).
بدأ الرئيس أنور السادات عهد حكمه بثورة التصحيح أو الحرب الداخلية لتصفية رموز الفساد ايمانا منه بتقوية الجبهة الداخلية ، على اعتبار أن الفساد لا يقل خطورة عن العدو الخارجي ، أو ما عرف بمراكز القوى فى 15 مايو 1970 . وفي فبراير 1971 قدم الرئيس المصري أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ، الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل وأهمها انسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو 1967. رفضت إسرائيل هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات ، فشرع في تغيير القيادات العسكرية استعدادا للحرب ، حيث أقال وزير الحربية فريق أول محمد صادق وعين بدلا منه فريق أول أحمد إسماعيل فى أكتوبر 1972 ، وبدأت الحرب بالفعل في 6 أكتوبر 1973 .
بدأت الحرب في 6 أكتوبر 1973 بعدما قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967 ، بهجوم مفاجئ من قبل جيشي مصر وسوريا على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان حيث أفتتحت مصر حرب 1973 بهجوم جوي عبر مطار بلبيس الجوي الحربي مكون من نحو 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة في وقت واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر حسب اقتراح الرئيس السوري حافظ الأسد، بعد أن إختلف السوريون والمصرين على موعد الهجوم ففي حين يفضل المصريون الغروب يكون الشروق هو الأفضل للسوريين لذلك كان من غير المتوقع إختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم .
بدأت القوات السورية الهجوم وأنطلق قذائف المدافع على التحصينات الإسرائيلية في الجولان ، واندفعت الالاف من القوات البرية السورية إلى داخل مرتفعات الجولان تساندها قوة هائلة من الدبابات على الجبهة السورية بينما طيران سلاح الجو السوري يدك المواقع الإسرائيلية ،وعبر القناة 8000 من الجنود المصريين،ً ثم توالت موجتى العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60000 جندى، في الوقت الذى كان فيه سلاح المهندسين المصرى يفتح ثغرات في الساتر الترابى باستخدام خراطيم مياة شديدة الدفع.
تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 من عبور قناة السويس و إختراق الساتر الترابي في 81 مكان مختلف وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياة ذات ضغط عال ، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي ومن ثم تم الإستيلاء على أغلب نقاطه الحصينة بخسائر محدودة ومن ال 441 عسكري إسرائيلي قتل 126 و أسر 161 و لم تصمد إلا نقطة واحدة هي نقطة بودابست في أقصي الشمال في مواجهة بورسعيد وقد إعترض الأرهابي أرئيل شارون الذي كان قائد الجبهة الجنوبية علي فكرة الخط الثابت وإقترح تحصينات متحركة وأكثر قتالية ولكنة زاد من تحصيناته أثناء حرب الإستنزاف.
تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية لوقف جميع الأعمال الحربية بدءا من يوم 22 أكتوبر عام 1973، لمحاولة انقاذ إسرائيل من هزيمة كبرى كادت أن تغير وجه الشرق الأوسط ، فاستطاعت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة اصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءا من يوم 22 أكتوبر عام 1973، وقبلت مصر بالقرار ونفذته إعتبارا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار إلا أن سوريا لم تقبل بوقف إطلاق النار، وبدأت حرب جديدة أطلق عليها اسم «حرب الاستنزاف» كان هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية وزيادة الضغط على إسرائيل لاعادة باقي مرتفعات الجولان ، وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وبعد خروج مصر من المعركة ، استمرت هذه الحرب مدة 82 يوماً. في نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات بين سوريا واسرائيل ، أخلت إسرائيل بموجبه مدنية القنيطرة وأجزاء من الأراضي التي احتلتها عام 1967 .
مرة أخرى انتصر العرب بوحدتهم ودعم دول اسلامية ، حيث قامت باكستان بتزويد سوريا بعدد من الطائرات الباكستانية الحديثة أثناء الحرب ، وقامت إيران بإسعاف مصر بالبترول حيث قامت باعطاء أوامر لناقلة نفط كانت في عرض البحر بتغيير مسارها إلى مصر و أوقفت صادراتها النفطية كما فعلت المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة عن الدول.
الأوروبية و أمريكا ، مستخدمة النفط كسلاح للضغط على الدول المساندة للكيان الصهيوني ، وبنفس الوقت ، كانت العراق والجزائر من أوائل الدول التي ساعدت في حرب أكتوبر 1973. اما الجزائر فقد شاركت بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية وكان للعراق دور اساسي بالحرب بمد سوريا بالمقاتلين الذي وصل عددهم 60,000 مقاتل وفرق كشافه. كما شاركت القوات السعودية و الأردنية بالقتال على الجبهة السورية. و قد خاضت القوات السعودية إلى جانب القوات السورية معركة تل مرعي ضد القوات الإسرائيلية......... يتبع