الاديب الفلسطيني منير مزيد في حوار لـ " صوت الأحرار "
" المؤسسات الثقافية العربية تسعى إلى قمع المثقف العربي"
يعتبر الأديب والمترجم منير مزيد المقيم برومانيا واحدا من المثقفين المجتهدين في حقل الإبداع العربي ، هو دائم الحضور بقلمه ومواقفه التي تذود عن حق المثقف في التمتع بالحرية التي ينشدها ، أنجز أنطولوجيا الشعر العربي وأنطولوجيا القصة العربية ويعكف حاليا على أنجاز أنطولوجيا الشعر الروماني ويطلعنا رئيس مؤسسة " آرت جيت للثقافة وحوار الحضارات " في هذا الحوار على دور مؤسسته التي تهدف إلى إنشاء جسور بين العالم الإسلامي والعالم الغربي من خلال الخطاب الثقافي ، كما يعود بنا منير إلى حكايته مع رابطة الكتاب الأردنيين وهي القضية التي أسالت الحبر على صفحات بعض الجرائد العربية والمواقع الإلكترونية....
حاورته : عقيلة رابحي
*ستصدر لك خلال الأيام القليلة القادمة انطولوجيا جديدة حول الشعر الروماني، ماهو مضمون هذا العمل
هذا العمل يضم كوكبة مختارة من الشعراء الرومان " جيل الثورة " الذين ناضلوا لأجل الحرية وحقوق الإنسان والعيش بكرامة، ووَقفوا ضدّ الانغلاقُ الفكريُّ ويعني انعدامَ الانفتاح الفكري على البيئة الخارجية بمختلف مجالاتها ، وضدّ الاستبدادُ بالسلطة أي الطُّغيان والحكم المُطْلَق والحكم الشمولي والحكم الإملائي والذي له أثرٌ بالغ في ترسيخ الأنماط العقلية والفكرية المنغلقة ، ووَقفوا كذلك ضدّ مفاهيم الهيمنة والتسلط والتبعية وخاصة ضد الهيمنة الروسية على رومانيا ، لهذا تعرض العديد من هؤلاء الشعراء إلى السجن والاعتقال والاقصاء ولكن بشعرهم الإنساني وايمانهم برسالة الشعر باعتبار أن الشاعر الحقيقي هو سارق النار استطاعوا اسقاط النظام وأخراج رومانيا إلى الفضاء الأوسع ..
هذه المجموعة المهمة والمختارة من الأسماء الشعرية الرومانية تمثل لوحة بانورامية تكاد تختزل مجمل الأساليب الشعرية للأدب الروماني المعاصر ، لأجل تقديمها للقارئ العربي في محاولة إغناء رؤية هذا القارئ ..
*ماهي النشاطات التي تقوم بها مؤسسة ارت جييت للثقافة وحوار الحضارات
إحدى أكثر المشاكلِ الملحّةِ للعالم الإسلامي والعربي وكذلك على الصعيد العالمي هي معرفة الآخر ومعرفة الآخر من خلال الثقافةِ هي واحدة من أجمل الطرق الحقيقة من أجل التوصل لتفاهم مشترك وبناء صداقات أوثق وأشمل بين الشعوب لأننا نؤمن في التقاء الحضارات لا بتصادمها وإن الثقافة هي إرث إنساني للعالم أجمع يستمد قوته واستمراريته من خلال التفاعل مع ثقافات الآخرين..
مؤسسة آرت جيت للثقافة وحوار الحضارات، مؤسسة غير ربحيه وتهدف إلى انشاء جسور بين العالم الإسلامي والعالم الغربي من خلال الخطاب الثقافي بعيدا عن الأيديولوجيات الحزبية السياسية والدينية لأجل احادث نهضة ثقافية تتجاوز الأيديولوجيات ..
وخلال عام فقط ومن مواردنا الشخصية دون أن نتلقى دولارا واحدا من أحد، وكل ما حصلنا عليه وعود سرابية لو انتظرنا مطرهم لماتت مشاريعنا، استطعنا اصدار أول انطولوجيا للشعر العربي تصدر بثلاث لغات ، العربية لغة القصائد ، والإنجليزية والرومانية لأجل إتاحة الفرصة الكاملة للقارئ الروماني بالتعرف على الثقافة العربية وها نحن نكمل المسيرة بإصدار انطولوجيا للشعر الروماني بثلاث لغات وقريبا انطولوجيا الشعر الصيني ..
المشكلة التي نعاني فيها في مؤسسة آرت جيت هي محاولات الآخرين دعمنا المشروط بحيث نتحول إلى صوت لحزب سياسي أو ديني أو بوق لنظام معين وهذه المحاولات ضد مبادئ آرت جيت.. نحن شعارنا ثقافة إنسانية للجميع ونرفض بشدة أن نكون تحت جناح أحد وأنا هنا دوما اررد مقولتي : أنا مسلم وحاج بيت الله إلا انني لا أتفق مع فكر الملحد ولكن هذا لا يعطيني الحق في إقصائه تحت اي مسميات أو شعارات ، الحياة حق للجميع ، وحين أريد عقد ندوة ثقافية ودعوة أديب أو شاعر لا انظر إلى دينه أو طائفته أو لون بشرته ، وكل ما يعنيني إنسانيته وابداعه الفكري ، وطبعا نحن ضد أشكال التمييز والتطرف وأستخدام العنف..
* قلت في احد مقالاتك إنه توجد في الشرق الأوسطِ ثلاثة أصواتِ، إثنان قويان جدا، بينما الصوتِ الثالثِ ضعيف ومغيب ومحارب وغير مسموع ولا توجد له قنوات لكي يسمع صوته، فمن هي تلك الأصوات ومن أصاحبها؟
الصوتَ الأولَ : صوتُ الفسادِ و الاستبدادُ بالسلطة الذي يمثل النظام العربي الذي حكم عالمنا العربي لأكثر مِنْ 50 سنة وساهم في تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية من خلال ترسيخ الفساد حتى بات هواء الشرق الأوسط موبوء بالفساد. قوى حاكمة مسيطرة على كل ثروات الوطن تنهب خيراته بلا حسيب أو رقيب، بعبارة بسيطة (عصابة ) تمارس القتل والسرقة والقمع بشكل قانوني والشعب يموت جوعا ..
الصوت الثاني : صوتُ الأصوليَّةِ المتطرفة
في ظل تردي الأوضاع المعيشية وجد هذا الصوت أرضا خصبة لينمو ويترعرع ليصبح عدوا داخليا يصعب هزيمته وخاصة وأنه يستخدم الدين أو الايدولوجيا القومية أو العرقية للتحقيق طموحاته ، و ترتكز قوته على جهل الطبقات المقهورة والمستغَلة ، ونقص فهمها وعلى زيادة رقعة الظلم بين فئات المجتمع ، فاصبح المتطرف في عالمنا العربي يتمتع بقاعدة شعبية ، كونه مدافعا عن القيم الدينية ومحاربا ضد الفكر الغربي البغيض " حسب توصيفه " وكل اشكال الارتهان للاجنبي ويقف بحزم ضد الأنظمة العربية الاستبدادية ، فلو اتيحت لهذا المتطرف الطامح للوصول إلى كرسي الحكم، فأننا سنشهد استبدادا أكثر استبدادا وقمعا ووحشية مما ألفناه ، وسيجرنا إلى حروب أهلية شاملة وصراعات طائفية ، اثنية وعرقية مدمرة ، فالإنسان المتطرف إنسان حدي متعصب في كل شيء، فهو يرى الأمور دائماً في وضع لا يعرف النسبية، والناس إما أعداء وإما أصدقاء، إما معي أو هم بالضرورة ضدي ، والوسطية لا وجود لها في تصوره بل ينكر وجودها ويعتبرها ضربا من ضروب تمييع الحقيقة ، فلا يوجد إلا لونان فقط: إما الأسود أو الأبيض ويعتمد ويستمد قوته على نسج الأكاذيب وتسويق الوهم ..
الصوت الثالث : صوت تكريس قيم الحرية والتعددية والحداثة والإنفتاح، واحترام حقوق
الإنسان ..
هذا الصوت متهم بأنه مرتهن لثقافة الغرب وكأن الإنسان العربي قد خلق ليكون في ظلام العبوديات الكثيرة، عبودية الذات العربية للاستبداد، وعبوديتها للنصوص التراثية، وعبوديتها لثقافة القائد الأوحد، وعبوديتها للمرجعيات الثقافية الماضوية، وعبوديتها للأيديولوجية القومية والدينية، وعبوديتها لتراكم الهزائم النفسية المتتالية، وعبوديتها للانتصارات الوهمية، وعبوديتها للشعارات الفارغة، وعبوديتها لليقينيات الشعورية والنفسية والثقافية من حيث إنها الأمة التي اعتلت مدارج الأفضلية على باقي البشر في كل شيء وما تزال واقفة عند هذه اليقينيات الوهمية... وحين يخرج الينا مفكر عربي مطالبا بتكريس قيم الحرية والتعددية والحداثة والإنفتاح، واحترام حقوق الإنسان ، نجد آلاف السيوف مسلطة على رقبته ، وكأن هذه القيم التي تساهم في بناء الحضارة الإنسانية ، قد اصبحت حكرا للغرب ، متناسين بأن هذه القيم قد ولدت من رحم الحضارات العربية المتعاقبة ، بدأ من شريعة حمورابي لتتوالى بعدها التشريعات السماوية والاعراف الإنسانية بتبني هذه القيم كأساس لأي حضارة مدنية...
عدل سابقا من قبل ليلى ناسيمي في الأربعاء 28 يناير - 8:58 عدل 1 مرات