م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
م ن ت د ى ال ع ش ر ة

جمعية مغربية سوسيوثقافية 22 غشت 2007


    الشاعر الراحل عقيل علي: مغامرة المكوث الشائك في الشعر

    Anonymous
    زائر
    زائر


    الشاعر الراحل عقيل علي: مغامرة المكوث الشائك في الشعر Empty الشاعر الراحل عقيل علي: مغامرة المكوث الشائك في الشعر

    مُساهمة من طرف زائر الإثنين 8 يونيو - 13:14

    الشاعر الراحل عقيل علي:


    مغامرة المكوث الشائك في الشعر

    اوروك علي




    عقيل علي



    ليكن الفضاء صمتك ليكن التنزه هزيمتك

    لقد جردوك . بقيت وحدك تسخر من نفسك . مقطوعا،

    لاتمسك غير ضلال، هي في الأصل عدوتك،

    جسد الليل الواجم أمام أهوائه

    في كل وداع وأنت عصفور مسافر يعود الى أنقاضه

    في كل ممر أنت تابوت حام، اتكأ الى شمس مطفأة ] قصيدة نشيد العزلة/ طائر آخر يتوارى





    يعتبر الشاعر الراحل ( عقيل علي) احد الشعراء الإشكاليين في بنية القصيدة العربية الحديثة . فقد أثير حوله الكثير من الأقاويل، كما أثار الكثير من الصراعات في الوسط الثقافي العراقي خاصة كان واحدا من أهم كتاب القصيدة الحديثة وخصوصيتها الكوزموبوليتية( الكونية)، وبشهادة العديد ممن كتب حول نصوصه أو ممن درس نصوصه ضمن مشاريع الدراسات. ويعد الشاعر والناقد والمترجم (كاظم جهاد) أهم العارفين بشعرية الراحل (عقيل علي)، وهو الذي قام بتوصيل نتاج (عقيل علي) الشعري عربيا وعالميا، وسلط عليه الضوء، وكسر جدار الإغلاق الذي إحاطته به سلطة الثقافة الديكتاتورية ورموزها، حيث نشر نتاجه عبر المجلات الثقافية خارج العراق كـ (الكرمل، مواقف). كما ساعد على إصدار مجموعتيه الشعريتين (جنائن ادم، طائر آخر يتوارى)، وكتب عنه واحدا من أجمل النصوص نشر عام 1988 بعنوان( في الشوارع الخلفية، ابحث عن عقيل علي). لكنه على المستوى الحياتي عايش (عقيل علي)، ثم رحل الى (باريس) في سبعينات القرن الماضي، وقد حدثت بعده تحولات في العراق تركت أثرها على (عقيل علي).القراءات الأخرى التي تناولت (عقيل علي) كانت أما مغرضة كبناء مجد موهوم على منجز الشاعر الراحل وعلى حياته الشخصية، أو كانت مشخصنة وسطحية.بعضهم بحث عن تحقيق أغراض في ذهنه، وأراد التعبير عنها واصطيادها بخبث وخسة.البعض الآخر أراد التعويض عن فشله وإحباطه وعدم قدرته على فهم الألق الشعري الذي تحييه بكرنفالية مدهشة أصابع هذا الشاعر المخلص للقصيدة، والذي أعطاها روحه بسخاء فجاءت مبهرة حد الدهشة. حاول البعض إن يسقط خيبته على هذا الشاعر، لأنه شكل له بمثابة اليد التي تزيح ورقة التوت وتظهر عورات الخائبين، فحاول أن يصب لعنته على هذا الشاعر الراحل بأشكال شتى. لكن لا نستطيع أن ننكر القراءات الناضجة، فبالإضافة الى (كاظم جهاد) فهناك قراءات نقدية او سردية معمقة لـ (جنان جاسم حلاوي، كريم ناصر، سميرصالح، شاكر لعيبي، خالد المعالي، هاشم شفيق، الشاعر اللبناني الراحل بسام حجار، الشاعراللبناني عباس بيضون، الشاعر المغربي محمد بنيس) وآخرين رائعين.

    سأقرأ ( عقيل علي) بطريقة (محايثة) يمتزج فيها النفسي، التاريخي، النقدي، الاجتماعي. وسأضع صورة أكثر قربا ووضوحا مما قدم حول الراحل (عقيل علي). وبالإضافة الى المراحل التاريخية سأتناول المرأة في حياته، وأيضا فصل تحت عنوان(غرف الشاعر)، تلك الغرف التي عاش فيها عبر مراحل حياته وانتقالاته. هاتان النقطتان سأضع لهما الحيز في الجزء الثاني من القراءة.

    هذا هو الشاعر الراحل (عقيل علي) الذي اختار المكوث في الشعر بامتياز حد التماهي، والانصهار بفردوسيته بديلا عن الحياة.الشاعر الشديد الولع بالبهاء، يقول للتلال قودي خطانا. له أبدا الجسد المبتهج.المدمى. المحصى، جسد الوحدة وظل رهبتها. هو الأعزل حتى من الوقت. يسمع بعثرة المفاتيح في الصحراء، عويل الشرفات، ثغاء القصائد، تلويح الحقول بدم بكارتها. يسمع أسرابا من العصافير ترتجف. هو الذي يصرخ عاليا (أيها المخلص، ما اشد انخفاض الأمل. بالتأنيب ملأنا الدفاتر، للندم تركنا قلب السلاح، وبالطائر أعلنا النهاية ).

    المكوث في الشعر بامتياز

    إن الإشكالية التي عاشها الشاعر الراحل (عقيل علي) تكمن في استبداله الحياة بالشعر، جاعلا القصيدة عالمه، منها يطل على الواقع (إن لم يكن أساسا خارج التواصل الحسي مع هذا الواقع).أي انه سحب الشعر الى الحياة، وكانت الرؤية والممارسة الحياتية بمنظار الشعر. انصهر متماهيا بالمطلق الشعري منقطعا وبمستويات عميقة عن الموجود وتشكلاته الحياتية. هذا ما جعله لا يستطيع التواصل مع الواقع وشراسته وخبثه وذئبيته. هل يمكن أن تكون القصيدة بديلا ولاشئ خارجها. القصيدة الملاذ، القصيدة اليوتيبيا ؟؟؟. ذلك كان له نتائج كارثية على كل الأصعدة بالنسبة الى الشاعر الراحل. لايمكن حدوث هذا الأمر في بلاد مثل العراق او في العالم العربي عموما. إن الحياة هنا لاتتيح لك الخيارات البسيطة، فكيف بالخيار الصعب والشائك كالعيش والمكوث في القصيدة. وهل تستطيع القصيدة بأدواتها وعوالمها أن تقاوم الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، خاصة ذلك الذي شيدته أو فرزته الديكتاتورية. هذا معناه أما العزلة أو الجنون أو الانتحار. لكنه كان يدرك الامر تماما حين يقول:ـ

    [ ماهذا الوله. متى يعتلي الانسان عرشه

    لقد نطقنا ولم يبقى غير الانصراف. لامكان للقصيدة بين المتسولين] قصيدة مطارق السبات.

    . لقد شكل له التماهي مع المطلق الشعري حالة اغتراب، بما يمكن أن نطلق عليه (القطيعة) على كل الأصعدة. ولقد عبر الشاعر الراحل عن التضاد الثنائي هذا بين الواقع (كإقامة جسدية) والقصيدة(كإقامة كينونة ووجود روحي)من خلال قصائده وممارساته الحياتية التي عُطلت وأصيبت بما يمسى(الحبسة ـ وهي هنا اتخذت صيغة عدم التواصل على مستوى الكلام والتعبير الشفاهي والانكفاء لمحاورة القصيدة فقط دون محاورة الآخرين ) وهذا ماسنراه في عدد من المقاطع بوضوح:ـ

    [موجة تتأمل دموعها في مرآة

    وأنا أحنو عليها

    أحنو على أهوائها

    تسأل

    عن بحر

    عن شمس

    موجة تتأمل وحدتها في مرآة].

    الموجة هي روح الشاعر التي تبحث عن فضاء للحرية ممثلا بالبحر واتساعه والشمس وضيائها.أما المرآة فهي القصيدة.هذا الحوار لم يتمكن أن يقيمه الشاعر الراحل مع أي شئ خارج القصيدة وبما فيهم الأشخاص. وان حدث فهو يُولد لديه مشاعر قهرية.وهكذا تشكلت أولى بوادر عزلته وقطيعته إزاء الواقع والتي جاءت بنتائج سلبية وكارثية على حياته وعلاقاته.




    عقيل علي



    مرحلة السبعينات



    عايش الشاعر الراحل فترات عصيبة من التحولات السياسية والاجتماعية الخطرة التي تركت آثارها في العراق وخاصة أواسط السبعينات الى رحيله، وتمثلت (أولا) بحرب الشمال.حيث سيق الى الخدمة الإلزامية، وكان قد تشكل آنذاك وعيه المعرفي والشعري والذي برز فيما نشرته (مجلة الكلمة)عن (شعراء جيل مابعد الستينات)، وعكسه كان الغالب من مجايليه كان يكتب قصيدة التفعيلة وبغنائية مفرطة. كان الإعلام السلطوي يركز على إن ما يحدث في كوردستان تمردا والمقاتلين ضد النظام اسماهم ( العصاة ). وحين ظهرت الصورة جلية أمام الشاعر الراحل حدثت الصدمة المزلزلة له، حيث كان على تماس مباشر، كونه كان ضمن احدى الوحدات المقاتلة آنذاك (جندي مكلف). لقد رأى المجازر والإبادة ضد الأكراد المدنيين العزل في القرى، ولم يستطع احتمال الفخ السلطوي هذا وصورة القتل والإبادة . فجاءت الصدمة النفسية والاجتماعية والقانونية له وآثارها عليه. كمصاب جسدي ونفسي .حيث تعرض الى الصعقات الكهربائية في المستشفى العسكري مع تسريح من

    هروب من القتل والإبادة والكوابيس المصاحبة الى حلم القصيدة وفردوسيتها الافتراضية كبديل وملاذ. هنا بدأ الشرخ واتساعاته اللاحقة بين الشاعر والواقع الحياتي بكل التباساته. وبدأ الرفض ونتائجه على المستوى الحياتي باللاتواصل النفسي والاجتماعي والمعرفي. وقد كتب قصيدة (ترنيمة الليل) ضمن هذه الأجواء.الرقم المستخدم هو رقمه العسكري (حيث كان الجندي ينادى برقمه)

    [ انام في فراشي

    طائرا ممتلئا بالدم

    اسمع الرجال يكررون التحيات

    وفي الصباح يغادرون وكأنهم يريدون هذا ؟

    فاصغ.

    صوتي 454836

    هل تسمع؟

    أنا لا أريد هذا ].

    هذا الرفض المباشر للواقع المعاش وحيثياته. وقد تبع هذه الوقائع(بعد التسريح) محاولة فاشلة لعبور الحدود الى الكويت عبر الصحراء مشيا على الأقدام لكن القي القبض عليه وأعيد الى العراق. وهنا بدأت التحولات السبعينية وبداياتها في الصراع السياسي وتبلور بوضوح في مدينة الناصرية الجنوبية مسقط رأس الشاعر الراحل:ـ

    [ تطوي وجهها بالتجريح، متنكرة بانحناءة الرضى

    هي المتلاشية في معدن ابديتها

    تقوم من سجاياها وقد باغتها حيزوم ضميرها المقرفص]. قصيدة مدينة

    لكن الشاعر وعلى الرغم من صداقته للشيوعيين، إلا انه لم يكن منتميا بل رافضا للتحزب والادلجة، مختارا الانتماء ألصميمي الى المعرفة والى الشعر، حيث كان مطلعا على التجارب الحديثة للشعر الفرنسي والانكليزي عبر الترجمات وعلى التصوف وعلى الروايات والدراسات النقدية. وهذا ماكان ضمن مكتبته الشخصية ومكتبة والده والمكتبة العامة في المدينة، حيث كانت تربطه علاقة صداقة مع أمينها. في هذه الفترة كان الثلاثة( عقيل علي، التشكيلي احمد الجاسم، كاظم جهاد) ضمن علاقة حميمة على المستوى الإنساني والإبداعي. وسافر الاثنان (كاظم الى باريس، احمد الى المانيا) مما شكل دافعا أقوى لانغماس (عقيل علي) بالشعر كبديل، واتساع الفجوة بينه وبين الواقع، مندفعا الى لوغس (مركز) القصيدة للمكوث فيها، وتشكل الاغتراب والقطيعة والحبسة بقوة. لقد اشار الى ذلك في نصوصه عنهما. ازدادت الوحدة وازدادت معها الغيبوبة داخل الشعر بعيدا عن الواقع. المرأة هي الاخرى كان يراها ويسمعها في القصيدة فقط :ـ

    [ أسمعك ِفي القصيدة، وأنت ِفرحي كله ]

    [اهم ما يعنينا، هو سرور القصيدة ]

    [ كنت أقول إذا ما سقط احدنا، ولم يجرؤ على ملامسة ما يحب، لمن إذن سنمد اليد؟ ]

    [هذا هو صباح يوم، كما هو صباح الامس، كماهو صباح الغد، ملايين الابواق تزعق في ملايين الابواق]

    [الآن ترى ماذا بقي غير خراب الأباطرة ]

    [ ربما اجعل من احلامي محطات، اذهب اليها، وعلى كتفي جهات اربع].

    . بل وصل الأمر لديه احيانا انه قد عاش اغترابه حتى في علاقته مع القصيدة وذلك اكثر ايلاما له.

    [لاشئ اكثر وضوحا من هذه الانقاض

    اقتسمنا مع الوحوش حياة صيفنا

    المح في القصيدة الشحوب الذي سخرنا منه،

    انه الآن نسغها ]. من قصيدة جنائن ادم.

    لا توجد دلالة اكثر من هذه الدلالات على الاغتراب والقطيعة الحياتية على كل الأصعدة. وتأتي مقاطع قصيدته ( أناشيد لحيوات الذكرى) اشد ألما واغترابا ـ ويمكن الاطلاع عليها في مجموعته (جنائن ادم) الصادرة عن دار توبقال ـ.اذكر منها فقط المقطع رقم 3 فقط

    [ ها أنا وحيد أجالس صوتي

    اتسكع معه

    نحن اثنان

    امنحه وردة، فيمنحني شحوبه

    اقول له: ايها الصوت

    خراب انت، ايها الصوت ].

    تتعمق هذه الحالة ايضا في المراحل اللاحقة لدى الشاعر الراحل، مع تضمنها بامتياز الجانب الاشراقي النبوئي للتدهور الذي حصل في المراحل اللاحقة في العراق. وكان في هذه المرحلة قد عمل سائق (دنبر). ثم استقر في عمله كخباز بعد ان اشترى له والده مخبزا (فرن لعمل الخبز وهويوجد بهذه الطريقة في العراق فقط )، من خلال استقطاع مبلغ من ثمن بيع بيت العائلة القديم والانتقال الى بيت آخر، وكان هذا المبلغ المستقطع لشراء المخبز قد اعاق تكملة بناء البيت الجديد الذي انتقلت اليه العائلة. في مرحلة السبعينات كان الشاعر الراحل على علاقة بعدد من الادباء والشعراء حيث زاره في مدينته وفي بيته كل من الشعراء(فوزي كريم، هاشم شفيق، حسين عبد اللطيف) وأخرين. اما (خالد المعالي) فكان كثير التردد على المدينة وعلى الشاعر الراحل حتى سفره الى باريس ثم استقراره في المانيا. لقد اسست هذه المرحلة كل اسئلة الشاعر الوجودية ازاء الذات والآخر والواقع المحيط. وشكلت حجر الزاوية في ايامه القادمة

    [ هل يكفي هذا الانين؟

    هل يكفي ابطال التلفيق

    هل يكفي ردم الخديعة؟]. قصيدة ذاكرة الحجر

    [ماعاد لي ذالك الاحتشاد. ماعاد لي ذلك التوله. مخربا صرت

    هجرت كل شئ، ونادمت وحش التساؤل].قصيدة بلاد

    [ كم يتألم من يقول مرحبا لمن لايود؟

    قريبا منه اقف مؤاسيا، منهوش القلب

    وقد مات افتتاني ]. قصيدة النوم في الصمت

    وفي قصيدة( ايام ماضية. ايام آتية)التي تبدأ[ أبدأك بأفراح كاذبة واقتلك]هي الاكثر تصويرا للالم والمرارة والفجيعة الروحية والوجودية وتناقضاتهما وصراعهما داخله. حيث يردد [ قلت :هذا وطن يهب الزنزانة والوردة معا]

    .اما تصوير العزلة فقد جسده في قصيدة( نشيد العزلة) بابهار ووجع متلاطم.حيث يقول[ فليس مايطرق الباب سوى الهجران]. لقد تميزت لغة الشاعر بقدرتها على موائمة التشكيل الصوري والانثيال المتدفق بعذوبة وشراسة. لغة لها خصوصية في البهاء والقدرة على الابهار، مضافا اليها القدرة على إدامة التوقد الشعري داخل القصيدة. مما جعلته يتفرد في شعريته وفي بقاء نصوصه متوقدة لا تنطفئ مع مرور الوقت. على العكس مما يكتب من قصائد ابنة مرحلتها، غير القادرة على الديمومة لكونها تحمل جينات اندثارها وآنيتها. انها خصوصية هذا الشاعر وسر ديمومة نصوصه وتواصلها الزمكاني. نصوص كونية على الرغم من انها ابنة السبعينات. وهذا مايدهشنا والاخرين معا ويعلن افلاسهم.

    يتبع

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 11 مايو - 12:04