انتفضت خفيفة الظل ، مشرقة المحيا ، تتمايس تمايس الخيزران ، والصبا يداعب خدها الأسيل ، يلاعب جديلهتا الناعمة بأنامله الحريرية ، والجنان يخب بين النهد ، أحست بهبة انتعاش تلاطف أديمها ، فشدهت لحالها ، وابتسمت .
حين انتصبت ، أطلت من شرفتها فإذا مشهد البيد انقلب روضا من جنان ، ظلال الأدواح تغري بالافتياء، ومسايل الجداول نمير من زلال يطفيء صدى الصدية ، وفيح الزهر والورد عطر من مسك وعنبر ورياحين .
كالفراش حركت ظلها الناعم ، وانطلقت بين ظلال الصباح الثامن ، تستذكر حكايات الجدة ةالأم والقريبة ، زغردت فأسمعت رقيق صدى صوتها الأفاق صهيل الخيل والركبان ، فتلألأت الشهب عند الظهيرة ثريات تزين جيد نون السنة والنهار .
بهت من قال اليوم نزوة هو ، وفق ما امتحى من خرافات الماضي ، وشرٍِقَ في غصته من حسبها نونا لن يستقيم قده أبدا ، ولن تستبين نسوته سبل الهدى والرشاد ، فقد أقبل اليوم بغزالته وبين نهديها دفء الكون كونا ووجودا واستمرارا لإكسير الحياة .
دفء اليوم ، كان منذ أن كان نون حواء ، سكنا وجنانا ينبع بين أدواحه وأزهاره هذا الطيب من الحناء كمثل الشفق عند الأصيل ، ويكون اليوم ونظيره ينبوع هذا الوجود ، وشهب ثرياه المتلأليء عبر الأفاق ، وبين ثنايا الأزمنة ، وطروس الحكايات لما ترويها ألسنة النونات .
دفء اليوم ، كما دفء المس الغابر بين حفريات الكون والوجود ، حل نونا أكفه مخضبة بالحناء حبورا ووعدا وعيدا ليس بدعة ، ولا طلسما عصي الفهم والشرح ، بل هن وهو إدراك ووعي دفين بين تضاريس الأطواد والجبال والوديان ينشج وشاحه من الكون والحياة والوجود وشاحا نسيجه من عزم وفهم وإدراك للحياة