م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

أشرقت بحضوركم الأنوار وعمت الفرحة ارجاء الدار، داركم لانها بكم تكون الدار

منتدى العشرة يتمنى لكم مقاما طيبا

م ن ت د ى ال ع ش ر ة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
م ن ت د ى ال ع ش ر ة

جمعية مغربية سوسيوثقافية 22 غشت 2007


    فاطمة بن محمود / كاتبة من تونس//كازا .. الوجه الآخر للحلم

    م ن ت د ى ال ع ش رة
    م ن ت د ى ال ع ش رة
    جمعية وموقع


    عدد الرسائل : 367
    تاريخ التسجيل : 05/12/2007

    بطاقة الشخصية
    مدونة:

    فاطمة بن محمود / كاتبة من تونس//كازا .. الوجه الآخر للحلم Empty فاطمة بن محمود / كاتبة من تونس//كازا .. الوجه الآخر للحلم

    مُساهمة من طرف م ن ت د ى ال ع ش رة الأربعاء 5 مايو - 19:03

    كازا .. الوجه الآخر للحلم

    الاهداء الى الشاعرين المغربيين : محمد منير و ليلى ناسيمي.

    يروقني جدا أن أدخل في الليل مدنا لا أعرفها .. حدث ذلك معي عندما زرت اسطمبول و القاهرة و هذه المرة أيضا و أنا أدخل الدار البيضاء..الليل و مدينة غامضة.. يزيد ذلك من متعة التشويق و لذة الفضول و بهجة اللقاء.الدار البيضاء بعد منتصف الليل .. أضواء مثيرة و شوارع فسيحة و مقاهي مؤثثة بكائنات الليل .. كانت كل حواسي متيقظة، لا أريد النوم ، بي رغبة جامحة في اكتشاف المدينة ليلا .. في تنسّم روائحها و مصافحة هوائها و تحسّس جسدها.. الدار البيضاء أو كازا بلنكا ( لفظين : كازا / بلنكا و تعني بالاسبانية الدار البيضاء.. و يحب المغاربة أحيانا اختزالها في : كازا ) كنت أشعر و كأن كازا هي التي تدخلني، هي التي تقتحم روحي و تمشي بخطى وئيدة على .. قلبي تبحث عن منفذ لتستقرّ به .. و كنت سعيدة أتوغل في ليلها و أشعر بدبيب خطاها يتقدم في اتجاه قلبي. دخلنا مقهى أنيقا أنا و الشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق و المغربيان ابراهيم قهوايجي و محمد أعشبون .. من أجمل الأماكن التي أحب أن أرى فيها المدن هي المقاهي.. أشعر أن رائحة البن هو عطر المدينة، ثم ان المقهى يختزل الى حد كبير المدينة .. في المقهى ترى المجتمع.. تراه في تلقائيته، في بساطته، في عمقه، في تناقضاته.. تندسّ بين الناس و تصبح واحدا منهم لذلك ستشعر بألفتك..و ترى المدينة بقلبك..في كازا.. المدينة تشرّع أبواب مقاهيها لكل الناس و تجد نفسك أمام مزيجا من الرجال و النساء، الشباب و الشيوخ، الفرادى و العشّاق و العائلات.. أذكر مرة في عاصمة بلد عربي كنا مجموعة أصدقاء من الرجال و النساء أردنا أن نشرب قهوتنا خارج الفندق وسط الناس.. دميت أرجلنا من شارع الى آخر و نحن نبحث عن مقهى يقبل فيه بالجنسين و لم نعثر .. ثم اقتحمنا مقهى بعد تعب و قلنا سنجعله مختلطا ( ميكست ) فاذا بالعيون تتفحصنا في فضول و تبرّم فشعرنا بالضيق و الانزعاج و خرجنا و ترك أغلبنا فناجينه بما فيها.أما كازا فانها تحسن الترحيب بزائريها .. تفتح أبوابها و تشرّع قلبها على مصراعيها ..بسرعة ستشعر أنك أحد المغاربة..يا له من شعور لذيذ. عندما كانت خيوط الفجر تتسلّل توقظ الدار البيضاء كنت قد ودّعت أصدقائي الشعراء و سلّمت نفسي وحدي لمدينة غامضة و مثيرة و مجهولة و ساحرة.. اكتشف شوارعها القريبة و بنظراتي المشدوهة أسلّم على أهلها و كنت أشعر للحظات و كأنني في تونس .. هناك ألفة شديدة شدّتني للمكان فكأنها مدينتي .. انها مدينة فسيحة جدا وهي بالنسبة لي متاهة لذيذة يمكن أن أتوه بسرعة و أنا لا أزال أراوح في مكاني .. و كنت أستمتع بضياعي.. كازا .. الظلال المتعددة : و لكن كان من الضروري أن يكون لي رفيقا كازاويا و كنت محظوظة.. لم يكن هناك أفضل من الجميل و المهذب و الراقي الشاعر محمد منير .. و كانت كازا تكشف لي معه في كل مرة جانبا من أنوثتها .. من فتنتها .. من سحرها.. رأيت كازا في كل تجلياتها.. مررنا بحي العنق أشد الأحياء فقرا و بؤسا و نحن في طريقنا الى الكاب حيث أشدّ الأحياء فخامة و ثراء .. هناك يسكن الفقراء و المهمّشين و المسحوقين و هنا تسكن النخبة الراقية من المجتمع و أمراء الخليج... و بين هذا و ذاك تقطع أنفاسك دهشة و ذهولا و غبطة و طفولة.. و كان المحيط الأطلسي فسيحا جدا يرسل أمواجا طويلة و عالية تضرب شواطىء المقاهي الفاخرة و الكازينوهات الراقية و يتناثر رذاذها على وجوهنا فكأن المحيط .. يقبّلنا. في سوق الجميعة تجد نفسك في عمق كازا .. تجد نفسك في أمواج متلاطمة من عامة الشعب في أسواق متنوعة كل يختص في ترويج بضاعة ما .. أسواق ملابس و أخرى للحشائش الطبية.. و أخرى تفوح منها رائحة الحناء .. و كلها تموج بفتنة ساحرة و قد زاد من متعة الاكتشاف أن أعترضتنا فرقة تشبه العيساوية عندنا بموسيقاها الراقصة وهي تجوب الأسواق فتزيد من فتنة المشهد ، تعترضني و أنا في حالة ذهول و يرقص قلبي.. لها. أنتبه لطفل صغير يلاحقني مع رفيق له : " أرجوك .. خذي لنا صورة .. "و أقتهقه لبراءته .. " حاضر .. حبيبي "وقفا الطفلان أمامي .. كان سروال أحدهما يبدو منفرجا على مستوى المقدمة.. لم أقل له.كنت أغصّ بالضحك و التقطت له الصورة .. هكذا. و كانت كازا امرأة فاتنة في منتهى الشبقية وهي لا تتقن النفاق و لا تخجل من جسدها.. لذلك تجدها في منتهى الصراحة و الجرأة.. كازا تمشي بغنج و دلال و تقف لهذا أو ذاك .. بتنورة قصيرة جدا أو بنطالونا ضاغطا جدا أو بغطاء على الرأس... في كل ذلك هناك جسدا شهيّا و رغبة تصرخ ..و امرأة لا تعرف النفاق و لا تتقن الخداع و لا تحسن الكذب.. في منطقة الحبوس.. تكتشف عقل كازا و حبرها الابداعي.. هنا حيّ المكتبات .. تجد الكتب بمختلف لغات العالم و تجد الكتّاب من كل أرجاء الكون .. و تقرأ عناوين كتب من قديم الزمان و تجد آخر الاصدارات.. هنا تهدأ حركة كازا و تفتح نوافذها على كل رياح الابداع و تخاطبك بمنطق العقل و تقبل على محاورتك وهي تؤمن بالاختلاف.. و شددت أنفاسي .. تمنيت لو بقيت في حي المكتبات.. دهرا.هل سأرتوي من كل هذا الحبر المسكوب في الكتب ؟ كان الشاعر محمد منير رجل يتقن القصيدة و بنفس تلك المهارة يحذق النكتة و يجيد الرفقة الجميلة.. معه عرفت أن كازا امرأة فاتنة و ساحرة و شبقية و حكيمة و متناقضة و .. في منتهى الجمال..في اليوم .. الثاني كنت أحبّ أن أنفرد بالمدينة لوحدي .. أن أتحسّس جمالها بمفردي.. أن أتوه في شوارعها و أجدني.كان الفندق الذي أقيم به في مدخل المدينة العتيقة و على مرمى خطوة من الحيّ الفرنسي هناك كان محمد شكري يشرب قهوته ومحمد عابد الجابري يلتقط بنات أفكاره و محمد الزفزاف يرصّع عوالمه و الطيب الصديقي يرتّب أوراقه.... لكن عندما تكون على معرفة بالشاعرة الكازوية ليلى ناسيمي ( وهي بطلة مغربية في الشطرنج سابقا ) فلا يمكن أبدا أن تظل وحيدا ..ما أجمل صحبتها. * منتدى السلام و المحبّة و الاختلاف : ليلى ناسيمي هذه واحدة من مبدعات المغرب و من الشغوفات لحدّ الفتنة بكازا.. أغلب قصائدها تحوم في شوارع المدينة و ساحاتها..و طريقة ليلى في الاحتفاء بمدينتها كانت في تأسيس منتدى العشرة .. أسسته مع مجموعة أخرى من المبدعين هم عشرة أيضا – مثل محمد الرويسي، رشيدة فقري، عزيز الخياط، سعيد ودغيري، عبد الله بيدار، هرّي عبد الرحيمّ ، حبيبة الزوقي و غيرهم... – و له هدفا مزدوجا : تقريب أهالي المدينة العتيقة من بسطاء و عامة الناس الى عالم الثقافة و الابداع الجميل و أيضا تقريب المبدعين و الكتّاب من المجتمع و ملامسة تجاربهم الحياتية المتنوعة .. لذلك يسعى منتدى العشرة الى حلّ تلك المعضلة بين المجتمع و المبدع . * الابداع .. على قارعة الحياة : يتوجه منتدى العشرة الى الأطفال و الشباب بحصص مجانية في الرسم ، بمباريات في الشطرنج، بتقريب الأمسيات الشعرية و المنتديات القصصية و العروض المسرحية الى فضاءاته الشعبية .. هنا تستمتع بعناق المباني المتراصّة و جمال القصائد الشعرية .. هنا تنبهر بهندسة المدينة و تندهش لهندسة نصوص قصصية .. هنا تستمع بالحياة مسرحا أمامك و الشخوص تمر بتلقائية و أنت ترتشف الشاي المغربي اللذيذ تحت شجرة قديمة أمام مطعم شعبي " محل لمكان". في منتدى العشرة تشذّب الذائقة الفنية و الأدبية للعامة و يصهر خزف الابداع في فرن المجتمع.. هنا في ساحة الزرقطوني يتصالح الشارع مع الشاعر.. و يتعانق القاص مع شخوصه الحقيقية و يلتقط المسرحي نبض المجتمع و يرسم الفنان اشراقة الناس و صخب الأطفال و حكمة الشيوخ.. شعار المنتدى هو : السلام ، المحبّة ، الاختلاف.. و لعلّ في رمز المصافحة الذي اختاروه تلتقي الكفين و تتماسّ عشرة أصابع مختلفة في ما بينها لكن الاختلاف الذي يصنع الانسجام و الوحدة و التعاون..لذلك يأتي منتدى العشرة بمختلف المبدعين من أرجاء المغرب الفسيحة و خارجها..و قد جعل من الساحات الداخلية للمدينة العتيقة بتنسيق مع مطاعم و مقاهي شعبية فضاءات لتنشيط المدينة ثقافيا و تنشيط المبدعين اجتماعيا..فكرة جميلة لا يمكن الا أن تساندها و أنت تأكل الكسكسي المغربي اللذيذ و ترتشف كأس شاي دافىء تحت شجرة عملاقة ..قلت لليلى ناسيمي : " لقد كنت في باب مراكش.." و تصرخ فيّ : " هل ذهبت الى هناك .. لوحدك.. كم أنت مجنونة ".. ؟و أقهقه .. هي لا تعرف أن ذلك بعض من.. جنوني. و لعلّ أطرف ما لاحظته أن رغم اتساع كازا ( و المغرب .. عموما ) لم ألحظ اطلاقا صورا للملك .. لن يصطدم بصرك به في ساحات المدينة و لا مقاهيها و لا دكاكينها و هو على غير ما توقعته ..و لكن تجد صورته ساكنة في قلوب المغاربة و سيجدون أكثر من طريقة ليقولون لك انهم يحبونه و انهم مستمتعون بالحريات في عهده و أنهم يتحدثون بصوت مرتفع في كل القضايا و أقف أمام كشك الجرائد و المجلات .. العناوين كثيرة و متنوعة و متخصصة و مختلفة.. و أتأكد من صدق المغاربة.. لذلك بلادهم الآن عاصمة الابداع العربي . على امتداد الأيام التي قضيتها في كازا .. كنت أشعر أني داخل حلم لذيذ و لا أريد أن أغادره..كازا مدينة فاتنة ساحرة شهيّة تغيّر نظرتك للحياة حتما و تكتشف فيها أن هذه الحياة .. هي حقا جميلة و لذيذة و رائعة و تستحق أن تعاش لا أن نتفرّج عليها..و نلعنها. عندما كنت في الطائرة عائدة الى تونس كنت قد عزمت على أمر : لي قطعة أرض صغيرة في شمال العاصمة .. سأبيعها .. أشتري سيارة أخرى جديدة و أعدّ .. حقيبة سفر. الحياة .. لا تنتظرنا.


    فاطمة بن محمود / كاتبة من تونس

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 13 مايو - 12:21