نزلاء خيرية عين الشق أوراق منسية من التاريخ
عبد الصمد بلكبير: الصعود إلى الهاوية
مرة أخرى يفاجئنا المثقف الجذري " الرفيق عبد الصمد بلكبير " وهو يمارس هواية " الصعود إلى الهاوية " التي بدأ يحترفها جيدا.
ففي مقاله المنشور بجريدة المساء، عدد 1514الصادر بتاريخ4غشت 2011,والمعنون ب"الدرك الثقافي"،استفاض "السي عبد الصمد"في عرض تصوره حول أجهزة القمع،التي تلجأ إليها "الطبقة الحاكمة"من أجل قمع التصورات المضادة لإيديولوجيتها، والتجأ إلى التاريخ (في قراءته الخاصة به) لكي يحفر في هذه الأجهزة، ويقوم بإسقاطاته على الحالة المغربية، لكي يكشف لنا عن جهاز جديد، تستعمله الدولة لممارسة قمعها، الأمر هنا يخص من سماهم "السي عبد الصمد "ب" اللقطاء، اليتامى، ضحايا الزنا من جميع الأنواع" يكشف لنا "السي عبد الصمد" هنا عن مقدرة أخرى لم نعهدها فيه، وهي ميزة " المحلل النفساني "الذي يتمتع بفراسة خطيرة جعلته، بعد اطلاعه، يكتشف الدور الذي تقوم به هده الشريحة " اللقطاء / اليتامى / أبناء الخيريات " في مساعدة الدولة على ممارسة قمعها، وتفاني هؤلاء في القيام بهذه المهمة، نظرا ل"حقدهم الذاتي و الشخصي على جميع من يعتبرونهم - أسوياء- عائليا "ويستمر في هذا المنحى مقدما قراءته لفئة مغربية بامتياز، نازعا عنها صفة الإنسان "محيلا على قناعته الشخصية بأن سلك الدرك، مكون من هذه الفئة أساسا، فيقول: " لا يكون اليتيم أو ابن الزنا ظاهرة اجتماعية فقط، بل ثقافية كذلك، أولئك الذين حرموا من معرفة شعوبهم وتراثها، فحولوا نقيصتهم إلى مزية، لا هم لهم سوى إنتاج و إعادة إنتاج ونشر الكراهية والحقد ضدا على كل ما يعتبر مقوما ثقافيا و وطنيا... ولا يرون في الوطن إلا ما هو سلبي، يحتقرون قيم الشعب وأخلاقه... يبذلون جهدهم للانفصال عن شعوبهم وعن معتقداتها والارتباط والتشبه بخصومها وأعدائها ومستغليها وحتى مستعمريها" انتهى كلام المحلل السياسي ...!!
أصل الغرابة في هذا القول، أن يلجأ السي عبد الصمد إلى هكذا تحليل، وهكذا قراءات، في تماه تام مع منطق العامة، التي كانت ترى أن " الجيش والشرطة والدرك " هم من أبناء الخيريات، لاعتبارات عديدة، تعذر فيها العام، أما أن يلتجئ المثقف العضوي إلى هذا التحليل، فدليل على البؤس، بؤس المثقف، حين يسعى إلى معتقدات العامة، بالضرب على أوتارها، وتبجيلها، وتلميعها، متنصلا في ذلك من كل المفاهيم والمناهج التحليلية التي بنى عليها فكره و تنظيرا ته.لم يكلف السي عبد الصمد نفسه عناء العودة إلى تاريخ النضال المغربي، سواء في فترة الاستعمار، أو في فترة النضال اليساري، ليرى أن أغلب الشهداء الذين فدوا الوطن بدمائهم،كانوا من "اليتامى و أبناء الخيريات "، ولولا أن الوقت لا يسمح لسردنا عليه أسماء هؤلاء الرجال، منهم من قضى نحبه، ومنهم من لا زال ينتظر، وما بدلوا تبديلا "
ليس غريبا أن يلجأ السي عبد الصمد إلى النهل من نفس المنهل الذي نهل منه المدعو " رشيد نيني " حين تجرأ، و وصف عبد العزيز المراكشي، بكونه "مجرد ولد الخيرية" ولم يكلف نفسه عناء التساؤل عن موقف هذا الصحفي، في الوقت الذي كان يخوض فيه نزلاء خيرية عين الشق بالدارالبيضاء نضالهم ضد الإقصاء و التهميش الذي عانوا منه طيلة عقود ، وأخذوا يتلقون الضربات من كل الجهات. واليوم يتكلف المناضل/ السياسي/ المتأمل/ المحلل السي عبد الصمد بهذه المهمة الغير النبيلة إطلاقا، ويسلط علينا قراءته، بل القراءات المملاة عليه من طرف "المخزن" أو رغبة في التقرب إليه، إنها إحدى صور الصعود العجيب لمثقفينا نحو الهاوية، وانهيار نخبتنا التي لم تعد تجد بعبعا آخر تخيف به الناس أحسن من"نزلاء الخيريات" والزج بهم في أتون صراع لا يد لهم فيه، ولكن سيكون لهم فيه جوابا و ردا،
بئسا لعبد الصمد و رشيد، وبئسا لرحلاتهم إلى الهاوية.
"محمد عبد العزيز المراكشي،لم يكن "سوى" ولد الخيرية ...!!
هذه النتيجة توصل إليها" رشيد نيني في إحدى حلقات مسلسله" شوف تشوف"، والتي خصصها للرد على طروحات الانفصاليين، وعوض أن يناقش أفكارهم و أعمالهم، لم يجد سوى أن يرجع أسباب اعتناق محمد عبد العزيز المراكشي لأوهام الانفصاليين، إلا لكونه "مجرد ولد الخيرية ".
في المخيال الجماعي للعامة، تحيل لفظة ولد الخيرية إلى منظومة من القيم والسلوكات تعبر عن نظرة حاسمة للجماعة (المجتمع) اتجاه هذه الشريحة، وهي منظومة تمتح قيمتها من المجال الأخلاقي في جانبه المذموم.
يرتبط إذن هذا اللفظ بالقيم المرفوضة من المجتمع: فولد الخيرية هو: اليتيم / ابن الزنا / اللقيط / عديم النسب / الدعي/ السيئ الأصل/المنبوذ... واضح إذن أن الحمولات اللغوية والثقافية لهذه الكلمات / المفاهيم، تشكل الأساس الفكري والأخلاقي في صياغة نظرة العامة إلى "ولاد الخيرية".
أنا أحد هؤلاء، المسمون في عرف اللغة، اللقطاء، لا أعرف لي نسبا، لا أعرف لي أما، لا أعرف لي أبا، لا أعرف شيئا عن أصلي، ولا أعرف لي مسقط رأس...أنا واحد من أولاد الخيرية، تربيت هناك، درست هناك، تعلمت هناك، وهناك أيضا تعلمت أن أكون أنا، وهناك أيضا درست تاريخا آخر، اطلعت على جانب آخر من التاريخ، لا تحكيه المقررات الدراسية، ولا الأبحاث التاريخية، ولا حتى كتب الدين..!!
هناك رفقة القمل و البراغيث، تعلمت معنى أن أكون أنسانا، وبقضمة الخبز الحامض، تعلمت معنى أن تكون شبعانا، طيلة ثلاثين سنة وما يزيد... !!
الذين عرفتهم، و الذين استمعت إلى حكاياتهم، الشبيهة بحكايات زمن الفروسية السحيق، علموني أن أفهم، أن أعشق حين أتألم، وأن أتألم حين أعشق، وأن أقول أن الوطن الذي جمعني بهؤلاء، يستحق الحياة.
هذه الأوراق المنظمة في غير ترتيب، ولا كرونولوجيا، هي جزء مما تبقى لي من تلك الحكايات، الحقيقية حد عدم التصديق، الحكايات التي كنت جزءا من بعض فصولها، وكانت الخيرية " كل شيء في حبكاتها...
الدار الكبيرة
الدار الكبيرة / لاميك / لاهاي / الخيرية / المركب / دار الطالب /، هي أسماء متعددة لتاريخ واحد، لحياة واحدة، اقتسمناها فيما بيننا على مر السنوات، اقتسمنا فيها أسرارنا الصغيرة، والكبيرة أيضا، و فيها تعلمنا أن نحافظ على تقاليدنا داخلها، ولا يتعلق الأمر هنا بتقاليد البلد والقبيلة,إنها التقاليد والأعراف التي ميزتنا دائما عن الآخر الذي ظل بالنسبة لنا " مجرد ولد برا "، أو ذاك الغريب الذي لم يكن يرى فينا سوى " ولاد باب الله " أو "ولاد دار الدراوش"، وظل هو، الآخر، الغير، القادم من وسط "الأسوياء" ونحن، كنا البعيدين كل البعد عن نموذج الإنسان السوي. وعلى مر السنين، كانت أعدادنا ترتفع، لتصل اليوم إلى ما يقرب الرقم: 12000 نزيل، مروا من هناك، أغلبهم، وهذه حقيقة مطلقة، هاجر إلى الخارج، نصف هؤلاء، هاجروا لاستكمال الدراسة، والنصف الآخر، ابتدع أوله، طرق الهجرة السرية، في الوقت الذي لم يكن أغلب المغاربة يعرفون "هذه الطريق" وكان إخوتنا الأولون هم الرواد، على مر هذه السنين تعلمنا كيف نحاسب بعضنا على أخطائنا دون اللجوء إلى ثقافة الأخر، كانت لنا ثقافتنا التي علمتنا كيف ننتمي، و إلى هذه الدار كان انتماؤنا، هناك، أحسسنا بصدق الانتماء، وتلفعنا بلعنة الهوية، القدرة على الفرح داخل هذه الأسوار،لم تكن تضاهيها سوى قدرتنا على رفض ثقافة" ولاد برا" وإذا كان هؤلاء يرون فينا مجرد ولاد الخيرية، فنحن لم نكن نرى فيهم سوى ولاد دارهم، الغير القادرين على التخلص من جلباب الأم و الأب...!!
كان منا من يتوفر على عائلة، أهل، أقرباء، وكنا نشفق عليهم من سطوة الأهل، حين يردون علينا قصص أسرهم بعد العودة من عطل الأعياد، والعطل الأسبوعية. والعديد منهم تخلى عن رغبته في قضاء العطل رفقة أهله، و صار يفضل البقاء داخل "الدار الكبيرة" عوض رؤية أسرته، العديد منا انتبه في وقت من الأوقات إلى ما كانت تضمره أسرهم من رغبتها في التخلص منهم، إما للاستيلاء على ارث، أو كتمانا لسر عائلي لم يكن في مصلحتهم أن يطلع ابنهم عليه.
الأكثرية منا توصف ب "المقطوع من الشجرة" حتى أخدنا نحس بانتمائنا إلى الشجر أكثر من انتماءنا الى هذه الأسر و العائلات المثقلة بهم التخلص منا.
المئات منا، اكتشفنا أنهم ينتمون إلى عائلات عريقة، تدل على ذلك أسماؤهم العائلية التي كانوا يحملونها: القباج/ الصفريوي/ التراب /و كذا الأسماء المسبوقة ب: مولاي. ..الكل، بعد قضاء السنوات الأولى بيننا، تخلص من تلك الأوهام، ورفض هذا النوع من الانتماءات، بل منا من أصر على التخلي عن أسمه العائلي، ليصبح لنا نفس الأسماء: اكـــــــــــــس بن اكـــــــــــــــــــــس، ولنعلن انتماءنا إلى "الدار الكبيرة" بكل الجهر و العلنية.
طبعا منا من ظل يرفض تواجده هنا، وحين شب و ترعرع، قرر القطيعة مع "الدار الكبيرة"... ولهم حججهم في ذلك، صاروا فيما بعد، يرفضون التواصل مع من لا زال يتذكرهم ك "أولاد الدار"و هؤلاء قلة كانوا، أو كثرة، معذورون، لأنهم واجهوا فيما بعد، وضعا اجتماعيا، يرى في "أولاد الخيرية"أبناء للشيطان.
الورقة الأولى:سعيد الفنوري
هل أخطأ هذا الشاب موعده مع ساعة الولادة ؟ هل كان موجها إلى كوكب آخر، يختلف عمن في هذه الأرض التي وجد نفسه فوقها، ربما حصل عطب ما في المنظومة الشمسية، جعل نجم هذا الفتى يسقط في هذه الأرض، ليواجه بشاعتها بلامبالاته الظاهرة فيه حد التصوف، ولكن أيضا بقدرة عجيبة على مقارعة أسئلة الفيزياء والرياضيات، وأساسا بتلك القدرة الهائلة فيه على التضحية من أجل أصدقائه، وهم أترابه من باقي نزلاء خيرية عين الشق.
كان أول شقيقين يلجان مؤسسة الخيرية، ثم لحق به أخوه نورالدين، قادمين من حي اسباتة الشعبي، الذي كان يعج بالطبقات المسحوقة. سرعان ما بدأ يحس بنوع من الانتماء الى هؤلاء الأصدقاء الجدد ، هناك بدأ يؤسس لكينونته بعدها الإنساني الجميل الذي حارب خبث الحياة بكل الطيبوبة الممكنة حد السذاجة. سطع نجمه في قدرته على حل كل المسائل الرياضية والفيزيائية، بالنسبة لمستواه الدراسي، وكذلك بالنسبة للمستويات الدراسية الأعلى، وأصبح وهو الشاب البهلول، الذي لا يعير لهندامه أقل الاهتمام. مرجعا في تدريس هاتين المادتين لكل النزلاء بالخيرية، لمجرد المتعة. ثم لم يلبث أن سافر إلى فرنسا لإتمام دراسته. وهناك استطاع أن يساعد العديد من أصدقائه على القدوم إلى فرنسا، وتسجيلهم بالمعاهد المتخصصة، والسهر على تلبية حاجاتهم قبل اندماجهم في الدولة والمجتمع الجديدين، ظل هكذا ثم جاءت الأخبار من هناك أنه مات في حادثة سير على الطريق السيار بإحدى المدن الفرنسية. قالت الشرطة، انه مجرد حادثة سير، ثم قالوا فيما بعد أنه انتحار، لكن الشكوك التي حامت حول الروايتين، جعلت الجميع يدرك أن هناك شيئا ما، لا يراد له أن يعرف...!!
مند وفاته في الثمانينات من القرن الماضي ، لم تتوصل عائلته برواية صحيحة عن موته، وظل لغزا الى الآن...
الورقة الثانية:عبد الرزاق بيدار
ينتمي المناضل " عبد الرزاق بيدار" إلى جيل الستينات الذين ترعرعوا داخل أسوار" الدار الكبيرة " وهي كناية على " الخيرية الأولى بشمال إفريقيا "، هناك تعرف الفتى على أقرانه، سواء الذين كانوا " مقطوعين من شجرة " أو قادمين من الجنوب، من أبناء جيش التحرير، الذي تعرض للخيانة، بعد الاستقلال، وتم الالتزام بتبنيهم من طرف " الحاج عابد "رحمه الله) نخصص له ورقة خاصة) وهناك، أطلق على هؤلاء الصحراويين لقب" الشناقطة " سيكبر عبد الرزاق بيدار في هذه البيئة التي اتسمت بالحراك الحقيقي، حيث لن يتوقف نضال المغاربة من أجل استقلال حقيقي، وكانت سنوات الستينات أيضا، سنوات للرصاص بامتياز، وهنا سيتميز طلبة "الخيرية بعين الشق " أو ب: ملحقة عين البرجة التابعة لهذه المؤسسة، في هذا الجو سيلتقي الطلبة بأوائل المناضلين اليساريين الذين كانوا ينشطون ب:الحزب الشيوعي المغربي، آنذاك (حزب التحرر و الاشتراكية) وفي صفوف شبيبته بالذات، حيث سيساهم هذا الوسط في صقل الروح النضالية للمناضل"عبد الرزاق بيدار" وأصدقاؤه، والذين، بعد أن أخد الحزب الشيوعي مسار المهادنة و الاعتراف بالنظام، والارتهان الى تعليمات "الحزب الشيوعي السوفيتي" أخذوا يفكرون في أشكال نضالية تضعهم على مسافة بعيدة من هذا الحزب، ستتشكل الخلية الشيوعية الأولى هناك تحت اسم :" المكتب الأحمر "من طرف كل من: عبد الرزاق بيدار/محمد سكري/ توفيقي بلعيد، وستتصل هذه الخلية بمجموعة من الشباب الرافضين للخط الانتهازي الذي بدأ يسير فيه حزب "علي يعته" وداخل الملحق الخيري سيتم استقبال كل من :أنس بلافريج/موريس السرفاتي، ورفاقهما وسيصبح " المكتب الأحمر " منسقا للعمل النضالي ل: " أبناء الخيرية و الملحق "، السنوات اللاحقة ستعرف انهيار هذه الخلية بفعل اعتقال كل من" توفيقي بلعيد، واختفاء محمد سكري الذي لم يظهر له أي أثر إلى ساعة كتابة هذه الأوراق، أما عبد الرزاق بيدار، فسيظهر بعد ذلك بنفس الاتجاه النضالي، حيث سيلتحق ب "إدارة الجمارك " وسيواصل نضاله ضد الفساد المستشري في هذه الإدارة، وهو ما سيكلفه العديد من العقوبات، من بينها: التنقيل التعسفي المستمر، طيلة أزيد من 15سنة، وسيستمر نضاله من أجل الحق في ممارسة العمل النقابي، حيث كان يمنع على موظفي الجمارك، تأسيس إطار نقابي بحجة كونهم من حملة السلاح إلى أن تتحقق مطلب التنقيب، وتم تأسيس مكتب نقابي، وتطور عمل " الجمعية الجمركية " لصالح أعوان الجمارك بدل تركها لصالح الإدارة التي كانت مسيطرة عليها.
الورقة الثالثة: الحاج عابد
يرتبط اسم الحاج عابد، باسم خيرية عين الشق، والتي كانت تحمل عند تأسيسها من طرف الاحتلال الفرنسي " الجمعية الخيرية الإسلامية " سنة 1927، وكان للاحتلال هدفه الخاص من تأسيس مثل هذه الجمعيات، والتي بدأت أولاها في مدينة الرباط، و وضع على رأسها إحدى أقوى العائلات المخزنية، الممثلة في الحاج بنغبريط، وبالنسبة لخيرية عين الشق لم تكن تختلف الأمور، إلى أن أحرز المغرب استقلاله السياسي، وبرزت الأسماء التي كانت تمول المقاومة في مدينة الدارالبيضاء، ومن ضمنها الحاج عابد رحمه الله.لم يكن الحاج عابد مقاوما فقط، بل كان أيضا من الرجال الذين واصلوا نضالهم و رغبتهم في تكوين أطر مغربية سيتم الاعتماد عليها في السير بمغرب الاستقلال إلى وجهته الصحيحة. الحاج عابد، ربما انتبه إلى أن أبناء الشهداء من المقاومين، ومن جيش التحرير، هم الأفضل لتحمل هذه الرسالة، لذلك لم يفكر كثيرا حين اختار أن يكون أبا لمئات الأيتام منهم، وكان إشرافه على الجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق، يدخل في هذا الاهتمام. في سنة 1954، سيتم بناء مقر جديد لهذه المؤسسة الاجتماعية، وسيحمل اسم " دار الأطفال البيضاوية "، وسيتكفل الحاج عابد، بكل أمور هذه المؤسسة من ماله الخاص، الذي أوقفه على هذه المهمة الإنسانية، من خمسينيات القرن الماضي إلى منتصف السبعينات، سيصبح الحاج عابد أبا لهذه الفئة من المغاربة، وسيشرف على تعليمهم، وتأطيرهم كما لو كانوا بالفعل أبناءه من صلبه. وسيذكر التاريخ أن هذا الرجل بفعل صدقه، واحترامه لهؤلاء الأطفال و الشباب، سينجح في جعل هذه المؤسسة نموذجا تربويا يستحق الاحترام و التقديس حتى، أنه في عهده سيحتل نزلاء هذه المؤسسة المراتب الأولى في :نتائج التعليم، وفي الرياضة، وفي كل مناحي الحياة، حتى صارت مشتلا للأطر المغربية التي ستساهم في الدورة الحياتية لمغرب القرن العشرين.
ونظرا لعلاقاته مع التيار الوطني، ستتدخل الدولة من أجل تغيير واقع هذه المؤسسة، وستدفع ببعض العائلات الانتهازية إلى الإشراف على هذه المؤسسة، الأمر يخص عائلة السقاط، التي بدأت تغتني من العمل الاجتماعي، وحولته الى تجارة، ستسمح لها بأن تصبح من اكبر العائلات المخزنية وأثراها، بعدما كان مؤسس هذه العائلة مجرد بائع متجول للأحزمة الجلدية، وسيتم دفعه إلى اقتناء حمولة باخرة فرنسية من " المشروبات الروحية " في بدايات الاستقلال، ومن ثم، وضعه على رأس الجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق، وإرغام الحاج عابد على الانسحاب، بحجة التقدم في السن، وعدم القدرة على أداء المهام الإنسانية و الاجتماعية) يرجى مراجعة كتاب نخب المملكة لصاحبه:علي بنحدو( ولم ينسى الحاج عابد، حتى وهو على مشارف الموت، مؤسسة خيرية عين الشق، وسيظل دائم الحضور في المناسبات الدينية، شاملا نزلاءها و مستخدميها بحبه وحنانه، وأعطياته إلى أن توفي. دون أن تكلف عائلة السقاط نفسها بتذكره، أو تكريمه على كل ما فعله لأبناء شردهم الاستعمار، وآخرون دفعت بهم الظروف إلى الالتحاق بها، ومن يومها و تاريخ المؤسسة بدأ يتعرض للتشويه، والتقهقر على يد مجموعة السقاط التي اغتنت من هذه المؤسسة وساهمت في تشريد أبناءها أكثر مما ساهمت في إنقادهم.
الورقة الرابعة: ي.الديراوي
لم يكن هذا الفتى ينتظر أن يدخل التاريخ من بوابة الاعتقال السياسي، وهو الذي كان يخطو خطواته الأولى في مساره الدراسي، بعد سنوات الابتدائي بخيرية عين الشق، سيلتحق هذا الشاب بنادي الطالب عين البرجة، حيث كان منتظرا أن يواصل دراسته بثانوية جمال الدين المهياوي، هناك سيتعرف على مجموعة من الأصدقاء المنتمين إلى شبيبة حزب التقدم والاشتراكية، والذين على الرغم من حداثة سنهم،كانوا متشبعين بالفكر التقدمي، مصرين على وسم تاريخ مرورهم بهذا التنظيم، ونظرا لأنهم بدؤوا يفقدون الثقة في زعيم الحزب، " علي يعته "، وفي مساره، سيقررون القيام بعملية اعتبروها تدخل في صميم النضال الثوري هكذا ستتشكل خلية شيوعية من طرف هؤلاء التلاميذ :العربي سامي / الديراوي.وآخرون لم تكن هذه العملية سوى محاولة اغتيال إدريس البصري. الرجل القوي في نظام الحسن الثاني...!! ولأن الشباب كانوا في أوج الحماس النضالي، سيفكرون في سرقة مسدس أخ أحد أعضاء هذه المجموعة، والتخطيط لعملية الاغتيال هاته. ولأن البصري كان قد جعل في كل بيت جاسوسا ينقل أخبار المنزل، فان الشرطي الذي سرق مسدسه سيبلغ عن شقيقه، وأصدقائه، مما جعل العملية تفشل حتى قبل القيام بها، وسيعتقل أفراد المجموعة، ومن بينهم "ي الديراوي"، وسيقضون سنوات في السجن دون أن يهتم بأمرهم أحد، بمن فيهم حزب التقدم و الاشتراكية الذي سيتنكر الانتماءهم إليه، رغم أن قائد المجموعة "العربي سامي" كان عضوا قياديا في الشبيبة الاشتراكية، سيقضي أفراد المجموعة سنوات الاعتقال في سجن القنيطرة، الى أن يتم الإفراج عنهم في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وسيسجل التاريخ مرة أخرى أن أبناء الخيرية، لن يقدموا أي تنازلات أو طلب العفو،
"ي الدراوي"، بعد مغادرته للمعتقل سيعود لممارسة مهنة الخياطة، دون أن يساوم، أو يقدم اعتذارا عن انتمائه لهذه المجموعة التي سيسجل التاريخ أنها أول مجموعة وضعت إدريس البصري ضمن أهدافها، حتى لو فشلت العملية...
كان لي الشرف أن أجالس هذه المجموعة التي عرفنا إليها الأخ محمد فخري، الذي كان من نزلاء "دار الطالب" بعين البرجة. والذي سيأتي دوره في الاعتقال و منعه من مزاولة أي عمل خلال سنوات الرعب.
الورقة الخامسة: الحاج محمد السقاط
ظل الحديث عن دور "آل السقاط" في انهيار خيرية عين الشق دائما حديثا مقصورا على قلة من العارفين بتاريخ هذه المؤسسة التاريخية، ومن جهة أخرى؛ المطلعين على الدور الحقيقي الذي لعبه هذا الرجل؛ غير المأسوف عليه؛ في تحويل هذه المؤسسة إلى أصل تجاري يعود بثروات هائلة على من يوضع على رأسه، لقد شكل تسليم هذه المؤسسة إلى " الحاج محمد السقاط " ليصبح المحسن البار ، إحدى الألغاز التي رافقت محاولة وضع هذه المؤسسة تحت نوع من المراقبة، خاصة بعد إبعاد الحاج عابد الذي كان يعد مقربا من الحركة الوطنية من جهة؛ وأيضا بعد تأسيس جبهة البوليساريو، حيث كان أبناء شهداء جيش التحرير بالجنوب؛ الذين التحقوا بخيرية عين الشق؛ من المساندين لتأسيس هذا التنظيم.
بداية من السبعينيات إذن؛سيتولى آل السقاط مهمة تسيير هذه المؤسسة، وسيرتفع سهمهم عاليا؛ وستتولى جهات إعلامية مهمة القيام بحملات دعائية لصالح "آل السقاط"، وتسويق هذا الاسم؛ ليصبح بمثابة "الأم تيريزا" في طبعتها المخزنية. ومنذ ذاك التاريخ؛ كلما علا نجم "الحاج السقاط" ؛كانت خيرية عين الشق تنهار؛ و كلما ازدادت ثروته؛ كانت المؤسسة تصاب بالفقر. فتحت إشرافه، تخلت الجمعية لخيرية الإسلامية عن: المركز الاجتماعي بالحي الحسني، ليسلم لوزارة الداخلية التي حولته إلى مقر إداري للشرطة، وهو المعروف الآن؛ ب:"الدار الحمرا". ثم؛فيما بعد، سيقوم بتسليم "مأوى الطالب" بعين البرجة الذي تم تحويله الى مستودعات، هي اليوم في ملكية مؤسسة محمد الخامس للتضامن..!!
يذكر الباحث المغربي علي بنحدو في كتابه القيم"نخب المملكة",كيف تمتوزيع الأدوار بين العائلات المخزنية للسيطرة على كل المرافق بالمغرب: من الاقتصادالى السياسة الى الرياضة، الى العمل الاجتماعي. في هذا المجال (العمل الاجتماعي) سيظهرذاك التوجه الذي حول رسالة العمل الاجتماعي و الإحساني بالمغرب الى "تجارة مدرةللثروة"، للنفوذ، للسلطة، ولأشياء أخرى منها السعي الحثيث إلى محاولة طمس التاريخالمضيء " للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق" الذي ميز سنواتها الأولى:مند 1927 إلىأواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين. عن طريق إشرافه على تسييرالجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق، سيتسلق الحاج محمد السقاط سلم "المحسنينالكبار" حيث سيصبح فيما بعد، المتحكم في أغلب "المشاريع الإنسانية" بدءا ب: "جمعية دعمالمستشفيات" التي سيصبح لها الكلمة الفصل في الجانب الاجتماعي لقطاع الصحة. وصولا الىرياضة "الشطرنج" التي سيصبح فجأة من وجوهها المعروفة، إلى درجة تنظيم لقاءات تحمل اسمهفي هذه الرياضة. الحاج محمد السقاط سيرتكب أكبر جريمة في حق " أبناء خيرية عينالشق" حينما سيسمح لمجموعة من المجرمين بالسيطرة على دواليب القرار في هذه المؤسسةالاجتماعية، والذين سيعملون طيلة أكثر من 25 سنة على تنفيذ مخطط يهدف إلى تشويه تاريخالمؤسسة من جهة، والسعي الى تكسير الصورة الأولى التي ساهم في بناءها رجالفضلاء، وحاول تكريس استمراريتها أبناء، وشباب مروا من هنا، من جهة أخرى. خلال هذهالمدة سيمسك بزمام هذه المؤسسة، مجموعة من الأشخاص لا يفهمون في العمل الاجتماعي، سوىالاغتناء على حساب الأيتام، واقتناص الفرص من أجل الزج بهم في السجون، أو رميهم إلىالشارع، دونما اعتبار للرسالة الاجتماعية التي أسست من أجلها هذه "الدار". ففي بدايةالتسعينات، حيث كان "العامل عبد العزيز العفورة" عاملا على عمالة عين الشق الحيالحسني، سيقدم بصفته رئيسا للمجلس الإداري لل"جمعية الخيرية الاسلامية بعينالشق" بتنسيق مع"الحاج محمد السقاط" بصفته "الرئيس المنتدب للجمعية الخيرية الاسلاميةبعين الشق" على إصدار قرار، يقضي بطرد 40 نزيلة من نزيلات ملحقة " 2مارس للبنات" التابعةلهذه المؤسسة الخيرية، تتراوح أعمارهن بين 16و 25سنة. و هن من "المقطوعات من شجرة,كمايقال"أي بلا عائلات....
الحجاج الذين اغتالوا بعض أحلامنا...
هل هي الصدفة وحدها التي جعلت أغلب أعضاء المجلس الإداري للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق، يحملون لقب " الحاج " ؟ أسماء مثل: الحاج محمد السقاط / الحاج حسن مول أتاي / الحاج الوليدي عبد الحكيم / الحاج كاسي / الحاج مصطفى أكميل ...
الحاج الوليدي عبد الحكيم:بدأ مشواره،كرجل تعليم لمادة الرياضيات بإعدادية الرازي، وهي الإعدادية التي كانت تتواجد داخل "خيرية عين الشق"، يتذكر جل أبناء الخيرية هذا الرجل، بغليونه، ولكنته الفاسية المتعالية، وكذا طريقة التدريس التي كان يتميز بها، فالرجل لم يكن قادرا على قضاء 15دقيقة من كل ساعة داخل القسم. يكتفي بكتابة درسه على السبورة. ثم ينصرف، ليعود على رأس الساعة، ويكرر نفس العملية، وأثناء الامتحانات، كان يفتح خزانته، ويبحث بشكل عشوائي وسط أكوام الأوراق الموضوعة ليضع يده على ورقة تتضمن أسئلة الامتحان... الذي يعود الى سنوات الستينات، يعيد نسخه على السبورة من جديد، ينفض يداه من غبار الطباشير، بتأفف، ثم ينصرف دون بذل عناء الشرح و التفسير. قضى الرجل بضع سنوات، ثم سيبدأ التسلق... سيشارك في الانتخابات البلدية لسنة 1982 بلون " الاتحاد الاشتراكي " وسيصبح مستشارا بلديا وأصبح اسمه يقترن ب : " المناضل الوليدي " لم يكفه منصب المستشار البلدي وبحكم أنه من أهل فاس، لن يجد صعوبة تذكر في الالتحاق بأول مجلس إداري للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق سنة 1986، حيث ستعرف هذه الجمعية بعض التغييرات، حتى تستجيب، نظريا لقانون الجمعيات، وسيصبح " الكاتب العام للجمعية الخيرية "وهو المنصب الذي سيرفض التخلي عنه الى غاية سنة 2005، حيث سيتم اعتقاله، رفقة بعض المسيريين الآخرين، فيما سيعرف لدى الرأي العام المغربي ب "فضيحة خيرية عين الشق". خلال ما يقرب من 20سنة، ستتغير حال "رجل التعليم الاتحادي"وسيظهر هذا التغيير جليا بعد التحاقه بمنصب الكاتب العام، والتغيير سيشمل جميع مناحي حياته: فالرجل الذي بدأ فقيرا سيصبح من الأثرياء ومن ذوي النفوذ الذين تفتح لهم أبواب البلديات، والعمالات، ثم فيما بعد ستروق له مسألة " العمرة الى البيت العتيق " فتصبح عادة سنوية، يتحمل صندوق الجمعية الخيرية الإسلامية أجرها الاعتباري، ويستفيد " الحاج " من عائدها المادي.كيف لا، وهو الذي يزور بيت الله سنويا، للالتقاء ب " أهل الجود و الكرم " محملا بملفات الجمعية الخيرية، وبتفويض كامل، يجعله ممثلا ل : مجموعة من المحسنين البررة، الذين يتولون دعم الخيريات، والمستشفيات والأطفال، والشيوخ، والنساء.....!!
في سنة 1997، سيعمل الحاج الوليدي على رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بعين الشق، في مواجهة بعض نزلاء خيرية عين الشق، بتهمة التهديد بالقتل، والسرقة، وهم : مومن عبد العالي/محمود سيف الدين/خالد المرسلي / عبد المنعم صابر/ و..عبد الرحيم ناصف، وعلى الرغم من أن ابتدائية عين الشق ستصدر أحكاما بالسجن،كانت كالتالي : شهرا نافذا في حق كل من: صابر عبد المنعم / محمود سيف الدين، وشهران نافذان في حق كل من:مومن عبد العالي/خالد مرسلي، وأربعة شهور نافذة في حق :عبد الرحيم ناصف، بالإضافة إلى غرامات، وتعويض لفائدة المطالب بالحق المدني، فان محكمة الاستئناف، ستستجيب لمطالب دفاع "المتهمين، وستعي أن الملف مجرد وسيلة كيدية للإجهاز على بعض حقوق نزلاء خيرية عين الشق. مما دفعها إلى التصدي للحكم الابتدائي وإلغائه، والحكم ببراءة المتهمين مما نسب إليهم.كان دفاع "الحاج الوليدي عبد الحكيم"ممثلا ب:الأستاذ عبد اللطيف الحاتمي، محامي جماعة العدل والإحسان..!! فيما كان دفاع النزلاء المتهمين مكونا من:ّّ ذ.محمد خليل.نزيل سابق بالخيرية الإسلامية بعين الشق, وذ.سعيد بنحماني, عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي,ذ.ماء العينين الحبيب الفيجح.نزيل سابق بالخيرية، ومن مجموعة " الشناقطة
الورقة السادسة: الحاج كاسي محمد
الحاج " كاسي محمد " أحد الحجاج الآخرين الذين شاركوا في جريمة ً اغتيال تاريخ خيرية عين الشق. قبل تعيينه مديرا لهذه المؤسسة التربوية،كان "الحاج كاسي" مثقلا بسيرة مظلمة راكمت ثقل السواد، فالرجل يملك تاريخا من الفظاعات التي تحكيها بناية "الاتحاد المغربي للشغل"، الذي قضى في أروقتها جزأ من تاريخه الأسود، وجزء آخر؛ يحكيه " المركز الاستشفائي ابن رشد "، حيث كان الحاج ممرضا مسؤولا عن جناح الولادة، واختلط اسمه مع فضائح عرفها هذا الجناح؛ تتعلق بالاتجار في الأطفال الرضع، ليتم إلحاقه بمكتب الأعمال الاجتماعية للمركز،كيف إذن سيتم اختياره ليكون مديرا لمؤسسة اجتماعية إنسانية، وهو الذي راكم الفضائح تلو الأخرى؟ يقولون، أن "جمعية دعم المستشفيات"، والتي كان يرأسها " الحاج السقاط "كانت قد ضاقت بفضائحه، في مكتب الأعمال الاجتماعية للمركز الاستشفائي، وعوض إحالته على المحاسبة، ثم القضاء؛ ارتأى حكماء المحسنين، تعيينه مديرا ل" الجمعية الخيرية الإسلامية " بعين الشق، وهكذا كان. بمجرد تعيينه سنة 1998، سيقدم " الحاج كاسي " على اجتثاث الحديقة الخلفية للمؤسسة، دونما اعتبار لكون الأشجار التي أقدم على اقتلاعها يعود تاريخ غرسها إلى أكثر من أربعين سنة. والهدف؛ تفويت الحديقة، لإنشاء محطة للوقود. خمس سنوات بعد ذلك، سيوقع " الحاج الكاسي " في دفتر تاريخ هذه المؤسسة؛ وذلك حين أصدر القرار القاضي بمنع كل نزيل تجاوز 18سنة من التسجيل بالمؤسسات الدراسية، وهو القرار الذي أشعل حالات الاحتجاج بالمؤسسة وسيسعى الحاج الى سلك الحيل التي تعلمها في بناية " الاتحاد المغربي للشغل"، وذلك بتلفيق ملف متكامل،في مواجهة من اعتبرهم رؤوس الاحتجاج من النزلاء؛وهم:غزالة عبد الرحيم؛رفيع عبدالواحد؛ مومن سعيد؛ م التواجي، وسيحكم عليهم بالسجن النافذ لمدة أربعة أشهر لكل واحد منهم.
خيرية عين الشق: الحاج " الكاسي البلطجي في جبة الرجل الفاضل "
باعتقال النزلاء الأربعة، والحكم عليهم بالسجن النافذ، سيقدم "الحاج الكاسي" للمغرب فئة جديدة من المعتقلين أطلقت عليهم جريدة المنظمة "لسان منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " اسم: "معتقلي الحق في التعليم" باعتبارهم اعتقلوا لمجرد مطالبتهم بحقهم في استكمال تعليمهم...!!
لم يبال " الحاج " بالحملة الإعلامية التي كانت تواكب "غزواته" وانجازاته "الاجتماعية"، بل انه لم يكن يكف عن التصريح بأن "المحسنين الذين وضعوا ثقتهم فيه، لن يتخلوا عنه وأنه مكلف بتنفيذ مهمة "تطهير الخيرية من المشاغبين" وليس إصلاح أوضاعها الاجتماعية " ولهذا سيواصل مهماته الإنسانية بإقدامه على إصدار قرار ثان في سنة 1998، يقضي بإغلاق المؤسسة خلال عطلة الصيف، في وجه النزلاء، وعلى ما يسمون ب " المنقطعين تدبير أمورهم بطرقهم الخاصة "، وهو ما سيفتح أبواب الاحتجاجات من جديد. النزلاء سيخوضون اعتصاما داخل المؤسسة، ستعاينه القناة الثانية، وستبثه في نشرة أخبار الظهيرة وستتوالى أحداث مختلفة: قدوم وزير التنمية الاجتماعية والتضامن "حمو أوحلي" إقالة "الحاج كاسي " من منصبه، تسليم عهدة التسيير لطاقم إداري من مندوبية التعاون الوطني، والشروع في حملة إعلامية توحي بأن الوزارة الوصية تتوفر على مشروع "متكامل، واضح المعالم، يهدف إلى إيجاد حلول عملية لإدماج نزلاء خيرية عين الشق، وإعادة هيكلة هذه المؤسسة من جميع الجوانب دامت هذه "الحركة" خلال أشهر الصيف من سنة 1998، وخلالها،لم نسمع عن موقف "المجلس الإداري للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق "، إلا بعد بداية الموسم الاجتماعي: 89-99 ، ففي بداية سبتمبر سيعود "الحاج محمد السقاط " من عطلته السنوية وسيساهم رفقة الوزارة في تنفيذ مشروعها المتكامل لكن بعد إدخال بعض التعديلات عليه...!
بتاريخ 15شتنبر، ستشهد "خيرية عين الشق" حركة دؤوبة، حيث سيحضر نفس الوفد الذي أشرف على إقالة " المدير الحاج كاسي" المكون من: الوزير " أوحلي " و أعضاء ديوانه عامل عمالة الحي الحسني- عين الشق، وأعضاء ديوانه إضافة إلى " الحاج السقاط "، أعضاء المجلس الإداري للجمعية الخيرية الإسلامية عين الشق. وسيحضرون هذه المرة لتنصيب المدير الجديد للمؤسسة الذي سيتكلف بتنفيذ بنود المشروع الجديد، وسيكون المدير الجديد هو " كاسي الحاج "....!!
ماذا وقع بالضبط.!..؟
كيف يعقل لوزير أن يشرف على إقالة مدير مؤسسة إحسانية، ثم يعود بعد ثلاثة أشهر فقط، ليشرف على حفل تنصيب نفس المدير في نفس المنصب ..!؟
هل كانت سلطة " الحاج محمد السقاط " وهو مجرد " فاعل خير" أكثر ثقلا من سلطة الوزير..!؟
ولماذا صمتت وسائل الإعلام صمتا مطلقا على هذه الأحداث...؟
في ولايته الثانية، سيقطع "الحاج كاسي " شوطا كبيرا في تنفيذ ما أملي عليه، وبسلطة أكبر. سيقوم بعزل العمارة التي يقيم فيها النزلاء الكبار ويحيطها بالأسوار ويقوم بإغلاق قنوات الماء الشروب ويمنع كل الخدمات الاجتماعية عن النزلاء، ويرغم جميع المستخدمين بهذه المؤسسة من: رؤساء المصالح الإدارية, الحراس العامون، الأطر التربوية على توقيع محاضر " الفصل من المؤسسة "تنص على أن طرد النزلاء الكبار تم بناءا على اجتماع داخلي تقرر فيه طردهم بعد دراسة ملفاتهم وسلوكهم داخل المؤسسة الذي يتنافى و الرسالة التربوية للمؤسسة حيث أصبحوا يشكلون خطرا على النزلاء الصغار "وسيضطر هؤلاء على التوقيع مرغمين صاغرين أو طائعين...
[b]الورقة السابعة خيرية عين الشق:الطاهر مرفوق/الطاهر الغير طاهر...!!
لم يكن "السي الطاهر"حاجا، ولكنه سافر كثيرا الى " الأرض الحرام " في رحلات عمل،أو استجمام، ومرات كثيرة كمرافق أمين ل " الحاج محمد السقاط ".
حين قدم" الطاهر " إلى مدينة الدارالبيضاء، مهاجرا من بلدته " احمر "، رفقة شقيق له، مصاب بمرض " السكري "، ربما كان الهم هو الهروب من آفة الفقر والضياع الجاثم على البلدة كلها، وربما كان فعلا يخطط لكي يكون في يوم ما، من الأثرياء، أو على الأقل من الذين تجاوزوا عتبة الفقر بكثير. سيلتحق "الطاهر" ب " خيرية عين الشق " كمستخدم بسيط في قسم الحسابات، وبعد ثلات سنوات سيتمكن من إيجاد عمل لشقيقه الأكبر سنا، كعامل في مطبخ المؤسسة، وفيما بعد، سيعرف الناس أن المسألة لا تتعلق بمبدأ التضامن العائلي، بل فقط لعدم رغبة "الطاهر" في تحمل تكاليف مرض الأخ الأكبر...!
في سنوات السبعينات من القرن الماضي سيبدأ المسار الملتبس ل " الطاهر " داخل هذه المؤسسة التربوية، بدأ بتر
ظل الحديث عن دور "آل السقاط" في انهيار خيرية عين الشق دائما حديثا مقصورا على قلة من العارفين بتاريخ هذه المؤسسة التاريخية، ومن جهة أخرى؛ المطلعين على الدور الحقيقي الذي لعبه هذا الرجل؛ غير المأسوف عليه؛ في تحويل هذه المؤسسة إلى أصل تجاري يعود بثروات هائلة على من يوضع على رأسه، لقد شكل تسليم هذه المؤسسة إلى " الحاج محمد السقاط " ليصبح المحسن البار ، إحدى الألغاز التي رافقت محاولة وضع هذه المؤسسة تحت نوع من المراقبة، خاصة بعد إبعاد الحاج عابد الذي كان يعد مقربا من الحركة الوطنية من جهة؛ وأيضا بعد تأسيس جبهة البوليساريو، حيث كان أبناء شهداء جيش التحرير بالجنوب؛ الذين التحقوا بخيرية عين الشق؛ من المساندين لتأسيس هذا التنظيم.
بداية من السبعينيات إذن؛سيتولى آل السقاط مهمة تسيير هذه المؤسسة، وسيرتفع سهمهم عاليا؛ وستتولى جهات إعلامية مهمة القيام بحملات دعائية لصالح "آل السقاط"، وتسويق هذا الاسم؛ ليصبح بمثابة "الأم تيريزا" في طبعتها المخزنية. ومنذ ذاك التاريخ؛ كلما علا نجم "الحاج السقاط" ؛كانت خيرية عين الشق تنهار؛ و كلما ازدادت ثروته؛ كانت المؤسسة تصاب بالفقر. فتحت إشرافه، تخلت الجمعية لخيرية الإسلامية عن: المركز الاجتماعي بالحي الحسني، ليسلم لوزارة الداخلية التي حولته إلى مقر إداري للشرطة، وهو المعروف الآن؛ ب:"الدار الحمرا". ثم؛فيما بعد، سيقوم بتسليم "مأوى الطالب" بعين البرجة الذي تم تحويله الى مستودعات، هي اليوم في ملكية مؤسسة محمد الخامس للتضامن..!!
يذكر الباحث المغربي علي بنحدو في كتابه القيم"نخب المملكة",كيف تمتوزيع الأدوار بين العائلات المخزنية للسيطرة على كل المرافق بالمغرب: من الاقتصادالى السياسة الى الرياضة، الى العمل الاجتماعي. في هذا المجال (العمل الاجتماعي) سيظهرذاك التوجه الذي حول رسالة العمل الاجتماعي و الإحساني بالمغرب الى "تجارة مدرةللثروة"، للنفوذ، للسلطة، ولأشياء أخرى منها السعي الحثيث إلى محاولة طمس التاريخالمضيء " للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق" الذي ميز سنواتها الأولى:مند 1927 إلىأواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين. عن طريق إشرافه على تسييرالجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق، سيتسلق الحاج محمد السقاط سلم "المحسنينالكبار" حيث سيصبح فيما بعد، المتحكم في أغلب "المشاريع الإنسانية" بدءا ب: "جمعية دعمالمستشفيات" التي سيصبح لها الكلمة الفصل في الجانب الاجتماعي لقطاع الصحة. وصولا الىرياضة "الشطرنج" التي سيصبح فجأة من وجوهها المعروفة، إلى درجة تنظيم لقاءات تحمل اسمهفي هذه الرياضة. الحاج محمد السقاط سيرتكب أكبر جريمة في حق " أبناء خيرية عينالشق" حينما سيسمح لمجموعة من المجرمين بالسيطرة على دواليب القرار في هذه المؤسسةالاجتماعية، والذين سيعملون طيلة أكثر من 25 سنة على تنفيذ مخطط يهدف إلى تشويه تاريخالمؤسسة من جهة، والسعي الى تكسير الصورة الأولى التي ساهم في بناءها رجالفضلاء، وحاول تكريس استمراريتها أبناء، وشباب مروا من هنا، من جهة أخرى. خلال هذهالمدة سيمسك بزمام هذه المؤسسة، مجموعة من الأشخاص لا يفهمون في العمل الاجتماعي، سوىالاغتناء على حساب الأيتام، واقتناص الفرص من أجل الزج بهم في السجون، أو رميهم إلىالشارع، دونما اعتبار للرسالة الاجتماعية التي أسست من أجلها هذه "الدار". ففي بدايةالتسعينات، حيث كان "العامل عبد العزيز العفورة" عاملا على عمالة عين الشق الحيالحسني، سيقدم بصفته رئيسا للمجلس الإداري لل"جمعية الخيرية الاسلامية بعينالشق" بتنسيق مع"الحاج محمد السقاط" بصفته "الرئيس المنتدب للجمعية الخيرية الاسلاميةبعين الشق" على إصدار قرار، يقضي بطرد 40 نزيلة من نزيلات ملحقة " 2مارس للبنات" التابعةلهذه المؤسسة الخيرية، تتراوح أعمارهن بين 16و 25سنة. و هن من "المقطوعات من شجرة,كمايقال"أي بلا عائلات....
الحجاج الذين اغتالوا بعض أحلامنا...
هل هي الصدفة وحدها التي جعلت أغلب أعضاء المجلس الإداري للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق، يحملون لقب " الحاج " ؟ أسماء مثل: الحاج محمد السقاط / الحاج حسن مول أتاي / الحاج الوليدي عبد الحكيم / الحاج كاسي / الحاج مصطفى أكميل ...
الحاج الوليدي عبد الحكيم:بدأ مشواره،كرجل تعليم لمادة الرياضيات بإعدادية الرازي، وهي الإعدادية التي كانت تتواجد داخل "خيرية عين الشق"، يتذكر جل أبناء الخيرية هذا الرجل، بغليونه، ولكنته الفاسية المتعالية، وكذا طريقة التدريس التي كان يتميز بها، فالرجل لم يكن قادرا على قضاء 15دقيقة من كل ساعة داخل القسم. يكتفي بكتابة درسه على السبورة. ثم ينصرف، ليعود على رأس الساعة، ويكرر نفس العملية، وأثناء الامتحانات، كان يفتح خزانته، ويبحث بشكل عشوائي وسط أكوام الأوراق الموضوعة ليضع يده على ورقة تتضمن أسئلة الامتحان... الذي يعود الى سنوات الستينات، يعيد نسخه على السبورة من جديد، ينفض يداه من غبار الطباشير، بتأفف، ثم ينصرف دون بذل عناء الشرح و التفسير. قضى الرجل بضع سنوات، ثم سيبدأ التسلق... سيشارك في الانتخابات البلدية لسنة 1982 بلون " الاتحاد الاشتراكي " وسيصبح مستشارا بلديا وأصبح اسمه يقترن ب : " المناضل الوليدي " لم يكفه منصب المستشار البلدي وبحكم أنه من أهل فاس، لن يجد صعوبة تذكر في الالتحاق بأول مجلس إداري للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق سنة 1986، حيث ستعرف هذه الجمعية بعض التغييرات، حتى تستجيب، نظريا لقانون الجمعيات، وسيصبح " الكاتب العام للجمعية الخيرية "وهو المنصب الذي سيرفض التخلي عنه الى غاية سنة 2005، حيث سيتم اعتقاله، رفقة بعض المسيريين الآخرين، فيما سيعرف لدى الرأي العام المغربي ب "فضيحة خيرية عين الشق". خلال ما يقرب من 20سنة، ستتغير حال "رجل التعليم الاتحادي"وسيظهر هذا التغيير جليا بعد التحاقه بمنصب الكاتب العام، والتغيير سيشمل جميع مناحي حياته: فالرجل الذي بدأ فقيرا سيصبح من الأثرياء ومن ذوي النفوذ الذين تفتح لهم أبواب البلديات، والعمالات، ثم فيما بعد ستروق له مسألة " العمرة الى البيت العتيق " فتصبح عادة سنوية، يتحمل صندوق الجمعية الخيرية الإسلامية أجرها الاعتباري، ويستفيد " الحاج " من عائدها المادي.كيف لا، وهو الذي يزور بيت الله سنويا، للالتقاء ب " أهل الجود و الكرم " محملا بملفات الجمعية الخيرية، وبتفويض كامل، يجعله ممثلا ل : مجموعة من المحسنين البررة، الذين يتولون دعم الخيريات، والمستشفيات والأطفال، والشيوخ، والنساء.....!!
في سنة 1997، سيعمل الحاج الوليدي على رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بعين الشق، في مواجهة بعض نزلاء خيرية عين الشق، بتهمة التهديد بالقتل، والسرقة، وهم : مومن عبد العالي/محمود سيف الدين/خالد المرسلي / عبد المنعم صابر/ و..عبد الرحيم ناصف، وعلى الرغم من أن ابتدائية عين الشق ستصدر أحكاما بالسجن،كانت كالتالي : شهرا نافذا في حق كل من: صابر عبد المنعم / محمود سيف الدين، وشهران نافذان في حق كل من:مومن عبد العالي/خالد مرسلي، وأربعة شهور نافذة في حق :عبد الرحيم ناصف، بالإضافة إلى غرامات، وتعويض لفائدة المطالب بالحق المدني، فان محكمة الاستئناف، ستستجيب لمطالب دفاع "المتهمين، وستعي أن الملف مجرد وسيلة كيدية للإجهاز على بعض حقوق نزلاء خيرية عين الشق. مما دفعها إلى التصدي للحكم الابتدائي وإلغائه، والحكم ببراءة المتهمين مما نسب إليهم.كان دفاع "الحاج الوليدي عبد الحكيم"ممثلا ب:الأستاذ عبد اللطيف الحاتمي، محامي جماعة العدل والإحسان..!! فيما كان دفاع النزلاء المتهمين مكونا من:ّّ ذ.محمد خليل.نزيل سابق بالخيرية الإسلامية بعين الشق, وذ.سعيد بنحماني, عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي,ذ.ماء العينين الحبيب الفيجح.نزيل سابق بالخيرية، ومن مجموعة " الشناقطة
الورقة السادسة: الحاج كاسي محمد
الحاج " كاسي محمد " أحد الحجاج الآخرين الذين شاركوا في جريمة ً اغتيال تاريخ خيرية عين الشق. قبل تعيينه مديرا لهذه المؤسسة التربوية،كان "الحاج كاسي" مثقلا بسيرة مظلمة راكمت ثقل السواد، فالرجل يملك تاريخا من الفظاعات التي تحكيها بناية "الاتحاد المغربي للشغل"، الذي قضى في أروقتها جزأ من تاريخه الأسود، وجزء آخر؛ يحكيه " المركز الاستشفائي ابن رشد "، حيث كان الحاج ممرضا مسؤولا عن جناح الولادة، واختلط اسمه مع فضائح عرفها هذا الجناح؛ تتعلق بالاتجار في الأطفال الرضع، ليتم إلحاقه بمكتب الأعمال الاجتماعية للمركز،كيف إذن سيتم اختياره ليكون مديرا لمؤسسة اجتماعية إنسانية، وهو الذي راكم الفضائح تلو الأخرى؟ يقولون، أن "جمعية دعم المستشفيات"، والتي كان يرأسها " الحاج السقاط "كانت قد ضاقت بفضائحه، في مكتب الأعمال الاجتماعية للمركز الاستشفائي، وعوض إحالته على المحاسبة، ثم القضاء؛ ارتأى حكماء المحسنين، تعيينه مديرا ل" الجمعية الخيرية الإسلامية " بعين الشق، وهكذا كان. بمجرد تعيينه سنة 1998، سيقدم " الحاج كاسي " على اجتثاث الحديقة الخلفية للمؤسسة، دونما اعتبار لكون الأشجار التي أقدم على اقتلاعها يعود تاريخ غرسها إلى أكثر من أربعين سنة. والهدف؛ تفويت الحديقة، لإنشاء محطة للوقود. خمس سنوات بعد ذلك، سيوقع " الحاج الكاسي " في دفتر تاريخ هذه المؤسسة؛ وذلك حين أصدر القرار القاضي بمنع كل نزيل تجاوز 18سنة من التسجيل بالمؤسسات الدراسية، وهو القرار الذي أشعل حالات الاحتجاج بالمؤسسة وسيسعى الحاج الى سلك الحيل التي تعلمها في بناية " الاتحاد المغربي للشغل"، وذلك بتلفيق ملف متكامل،في مواجهة من اعتبرهم رؤوس الاحتجاج من النزلاء؛وهم:غزالة عبد الرحيم؛رفيع عبدالواحد؛ مومن سعيد؛ م التواجي، وسيحكم عليهم بالسجن النافذ لمدة أربعة أشهر لكل واحد منهم.
خيرية عين الشق: الحاج " الكاسي البلطجي في جبة الرجل الفاضل "
باعتقال النزلاء الأربعة، والحكم عليهم بالسجن النافذ، سيقدم "الحاج الكاسي" للمغرب فئة جديدة من المعتقلين أطلقت عليهم جريدة المنظمة "لسان منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " اسم: "معتقلي الحق في التعليم" باعتبارهم اعتقلوا لمجرد مطالبتهم بحقهم في استكمال تعليمهم...!!
لم يبال " الحاج " بالحملة الإعلامية التي كانت تواكب "غزواته" وانجازاته "الاجتماعية"، بل انه لم يكن يكف عن التصريح بأن "المحسنين الذين وضعوا ثقتهم فيه، لن يتخلوا عنه وأنه مكلف بتنفيذ مهمة "تطهير الخيرية من المشاغبين" وليس إصلاح أوضاعها الاجتماعية " ولهذا سيواصل مهماته الإنسانية بإقدامه على إصدار قرار ثان في سنة 1998، يقضي بإغلاق المؤسسة خلال عطلة الصيف، في وجه النزلاء، وعلى ما يسمون ب " المنقطعين تدبير أمورهم بطرقهم الخاصة "، وهو ما سيفتح أبواب الاحتجاجات من جديد. النزلاء سيخوضون اعتصاما داخل المؤسسة، ستعاينه القناة الثانية، وستبثه في نشرة أخبار الظهيرة وستتوالى أحداث مختلفة: قدوم وزير التنمية الاجتماعية والتضامن "حمو أوحلي" إقالة "الحاج كاسي " من منصبه، تسليم عهدة التسيير لطاقم إداري من مندوبية التعاون الوطني، والشروع في حملة إعلامية توحي بأن الوزارة الوصية تتوفر على مشروع "متكامل، واضح المعالم، يهدف إلى إيجاد حلول عملية لإدماج نزلاء خيرية عين الشق، وإعادة هيكلة هذه المؤسسة من جميع الجوانب دامت هذه "الحركة" خلال أشهر الصيف من سنة 1998، وخلالها،لم نسمع عن موقف "المجلس الإداري للجمعية الخيرية الإسلامية بعين الشق "، إلا بعد بداية الموسم الاجتماعي: 89-99 ، ففي بداية سبتمبر سيعود "الحاج محمد السقاط " من عطلته السنوية وسيساهم رفقة الوزارة في تنفيذ مشروعها المتكامل لكن بعد إدخال بعض التعديلات عليه...!
بتاريخ 15شتنبر، ستشهد "خيرية عين الشق" حركة دؤوبة، حيث سيحضر نفس الوفد الذي أشرف على إقالة " المدير الحاج كاسي" المكون من: الوزير " أوحلي " و أعضاء ديوانه عامل عمالة الحي الحسني- عين الشق، وأعضاء ديوانه إضافة إلى " الحاج السقاط "، أعضاء المجلس الإداري للجمعية الخيرية الإسلامية عين الشق. وسيحضرون هذه المرة لتنصيب المدير الجديد للمؤسسة الذي سيتكلف بتنفيذ بنود المشروع الجديد، وسيكون المدير الجديد هو " كاسي الحاج "....!!
ماذا وقع بالضبط.!..؟
كيف يعقل لوزير أن يشرف على إقالة مدير مؤسسة إحسانية، ثم يعود بعد ثلاثة أشهر فقط، ليشرف على حفل تنصيب نفس المدير في نفس المنصب ..!؟
هل كانت سلطة " الحاج محمد السقاط " وهو مجرد " فاعل خير" أكثر ثقلا من سلطة الوزير..!؟
ولماذا صمتت وسائل الإعلام صمتا مطلقا على هذه الأحداث...؟
في ولايته الثانية، سيقطع "الحاج كاسي " شوطا كبيرا في تنفيذ ما أملي عليه، وبسلطة أكبر. سيقوم بعزل العمارة التي يقيم فيها النزلاء الكبار ويحيطها بالأسوار ويقوم بإغلاق قنوات الماء الشروب ويمنع كل الخدمات الاجتماعية عن النزلاء، ويرغم جميع المستخدمين بهذه المؤسسة من: رؤساء المصالح الإدارية, الحراس العامون، الأطر التربوية على توقيع محاضر " الفصل من المؤسسة "تنص على أن طرد النزلاء الكبار تم بناءا على اجتماع داخلي تقرر فيه طردهم بعد دراسة ملفاتهم وسلوكهم داخل المؤسسة الذي يتنافى و الرسالة التربوية للمؤسسة حيث أصبحوا يشكلون خطرا على النزلاء الصغار "وسيضطر هؤلاء على التوقيع مرغمين صاغرين أو طائعين...
[b]الورقة السابعة خيرية عين الشق:الطاهر مرفوق/الطاهر الغير طاهر...!!
لم يكن "السي الطاهر"حاجا، ولكنه سافر كثيرا الى " الأرض الحرام " في رحلات عمل،أو استجمام، ومرات كثيرة كمرافق أمين ل " الحاج محمد السقاط ".
حين قدم" الطاهر " إلى مدينة الدارالبيضاء، مهاجرا من بلدته " احمر "، رفقة شقيق له، مصاب بمرض " السكري "، ربما كان الهم هو الهروب من آفة الفقر والضياع الجاثم على البلدة كلها، وربما كان فعلا يخطط لكي يكون في يوم ما، من الأثرياء، أو على الأقل من الذين تجاوزوا عتبة الفقر بكثير. سيلتحق "الطاهر" ب " خيرية عين الشق " كمستخدم بسيط في قسم الحسابات، وبعد ثلات سنوات سيتمكن من إيجاد عمل لشقيقه الأكبر سنا، كعامل في مطبخ المؤسسة، وفيما بعد، سيعرف الناس أن المسألة لا تتعلق بمبدأ التضامن العائلي، بل فقط لعدم رغبة "الطاهر" في تحمل تكاليف مرض الأخ الأكبر...!
في سنوات السبعينات من القرن الماضي سيبدأ المسار الملتبس ل " الطاهر " داخل هذه المؤسسة التربوية، بدأ بتر