فَاجَأْتُ نَفْسِي
مَا مَرَّةً
أَسِيرُ الْهُوَيْنَى
كَأَنِّي أَخَافُ تَفْتِيقَ السَّحَابِ
بِثِقْلِ خُطَايَ
وَتَرْكَ الْأَثَرْ
وَأُرْسِي الْبَصَرْ
مِنْ حِينٍ
لِحِينٍ
بَينَ الشُّقُوقِ
وَبَيْنَ الْفِجَاجِ
حَوْلِي
عَسَانِي أَرَانِي
عَلَى الْأَرْضِ أَمْشِي
بَيْنَ الْبَشَرْ
قَدْ يَكُونُ الْمَدَى
حَيْرَةً
مَجْلُوَّةً بِالنَّشَازِ
أوْ رُبَّمَا
صَخْرَةً تُجَرْجِرُنَا بِالْمَجَازِ
أَوْ
قَطْرَةً مِنْ نَدَى
يَحْجُبُهَا
جَوْفُ
الصَّحَارِي
أَوْ يَدَ لاَهٍ
تُحَرِّكُنَا بِالْخُيُوطِ
مِثْلَ
الدُّمَى
أَوْ قَدْ يَكُونُ صَدَى
لِيَقْظَتِنَا
حِينَ نَنَامُ
فَقَطُّ
أَوْ
هَا كَمَا...
عَلَى قَدَمِ الْمَوْتِ
وَسَاقِي
صَحْوَةَ نَزْعِي
الْأَخِيرِ
ظَنَنْتُ كُنْهَهُ قَدْ يَكُونْ...:
"هَذَا السَّرَابُ الْجَمِيلُ
الَّذِي
حَذَّرُونِي مِنْهُ
صَغِيراً؛
وَغِنَاءُ الْعَرَائِسِ
خَلْفَ الْعَوَاصِفِ مُخْتَفِيَةْ"
لاَ...
لاَ...
لاَ...
لَيْسَ الْمَدَى
أَبَداً
فِي نُبَاحِ الْقَوَافِلِ
حِينَ تَسِيرُ وَرَاءَ الْكِلاَبِ الرَّسْمِيَّةِ
مُحْتَفِيَةْ...
لَقَدْ عَاشَرْتُ قَوْمِي
مُنْذُ النُّعُومَةِ
كَمَا
بَاحِثٌ قَدْ يُعَاشِرُ
بَعْضَ الْحَرَابِيِّ فِي الْمُخْتَبَرْ
إِلَى أَنْ شَكَكْتُ
فِي كُلِّ
لَوْنٍ
وَفِي كُلِّ طَعْمٍ
وَفِي
الرَّائِحَةْ
فِي كُلِّ شَكْلٍ
فِي
كُلِّ خَيْرٍ
وَفِي كُلِّ شَرّْ
وَكُلِّ الَّذِي
كَانَ يَقِيناً
وَكَانْ..
مِنْ طَبْعِهِ عَادِياً
أَنْ يَكُونْ
وَكُلِّ الَّذِي سَاقَنِي
مُرْغَماً
مِنَ الرَّحِمِ
إِلَى
هَا هُنَا
كُلِّ الَّذِي
يُؤَثِّثُ
بِي
هَذَا الْفَرَاغَ السَّلِيمَ الَّذِي قَدْ يُسَمَّى
وَقَدْ لاَ يُسَمَّى
أَنَا...
كَأَنِّي أَتَيْتُ
هَبَاءً
سُدَى...
أَوَ لَسْتُ أَنَا؟
أَوَ لَسْتُ الَّذِي عَلَّمُوهُ
الْحَذَرْ
عَلَّمُوهُ الْكِتَابَةَ
مُنْذُ
الصِّغَرْ
وَالمَنْطِقَ وَالْحِكْمَةَ...
وَبُعْدَ
النَّظَرْ
وَطَرْحَ السُّؤَالْ؟
أوَ لَيْسَ الْمَدَى هَذَا الْمُحَالْ؟
هَذَا الَّذِي
مُنْذُ الْبِدَايَةِ
كَانَ
مَنِيعاً وَصَعْبَ الْمَنَالْ؟
هَذَا الْعَجِيبُ
الْغَرِيبُ
الَّذِي
يَخْتَفِي فِي مَحَارِ النُّجُومِ
وَيَلْمَعُ
عِنْدَ الظَّهِيرَةِ
مِثْلَ الْحُلِيِّ
يُزِينُ
جُيُودَ الْجِبَالْ؟
لَيْتَ لِي...
كَانَ
لِي
أَنْ أُقَرِّرَ وَحْدِي هَذَا الْمَصِيرْ
لَيْتَ لِي
كَانَ
لِي
أَنْ أَحْقِنَ
سُمَّ الْعُجَيْلَى
فِي وَرِيدِي الأَيْسَرِ لِهَذَا الْمَسِيرْ...
فَيَا "أَيُّذَا" الْغَامِضُ...؟
[مَعْذِرَةْ؛
(مِنْ "أَيَا أَيُّهَا ذَاكَ وَهَذَا"؟
مِنَ النَّصِّ نَقْلاً
وَبِالْعَقْلِ
فِعْلاً،
وَاقْتِدَاءً وَفِياًّ
بِالْمُقَعِّدِ
وَاقْتِفَاءً
جَمِيلاً
لِجَلاَلَةِ الْقَاعِدَةْ)
مَا الْفَائِدَةْ؟]
أَيُّذَا الْغَامِضُ،
يَا ذَا الَّذِي مَرَّ وَهَا هُوَ
ذَا
يَمُرُّ
كَعَصْفِ الْقَرَفْ
مَلِيئاً
إِلَى التُّخْمَةِ
بِغَيْمٍ فَرَاغٍ
وَعُقْمِ الصُّدَفْ
أَنْبِئْنِي عَنْكَ قَلِيلاً
قَلِيلاً
عَسَانِي أَعُودُ شَرِيداً
عَنِ الْجَهْلِ
بَرَّاءَ دَمٍ
فِي
دَمِي
عَارِياً
مِنَ الاِنْتِمَاءِ
إِلَى بُرْدَةِ الشَّكِ
أَوْ قَرِيباً
مِنَ الْاِرْتِمَاءِ
عَلَى شَفْرَةِ الْمَعْرِفَةْ...
أَوْ غَرِيقاً
فِي غَيْهَبٍ مِنْ يَقِينْ
وَخَبِّرْنِي عَنِّي،
هَلْ أَنَا
مَثَلاً
كَائِنٌ لِلْحَيَاةِ
أَمْشِي سَلاَماً إِلَى مُسْتَقَرْ؟
أَمْ أَنَا
كَائِنٌ لِلْأَمَرّْ
يَتَلَاعَبُ بِي
السَّاسَةُ
وَالسَّادَةُ
بِاسْمِ
الْقَدَرْ؟
أَعْرِفُ نَفْسِي جَيِّداً
وَأَقْرَؤُنِي
كَالصَّحِيفَةِ
فِي كَفِّهَا
وَأُفَسِّرُ كُلَّ رُؤَاهَا
يَقِظَةً
أَوْ فِي الْمَنَامْ
أَسِيرُ الْهُوَيْنَى
مُنْتَخِياً
هِمَّتِي
عَلَى هَامَةٍ مِنْ سَحَابْ
تَحُطُّ الطُّيُورُ عَلَى كَتِفَيَّ
وَبَيْنَ يَدَيَّ
يَسَّاقَطُ حَبُّ المُلُوكِ
وَيَجْرِي
الْخَرِيرْ
وَالنُّورُ حَوْلِي قُرْصٌ
مُشِعٌّ
بِعِشْقِ السَّلاَمْ
كَبُؤْبُؤِ هِرٍّ يَصُدُّ الظَّلاَمْ
(وَهِرِّي الَّذِي هَا أُحَدِّثْكَ عَنْهُ
مِنْ بَابِ المَجَازِ
حَفِيدٌ
لِتِلْكَ الْهُرَيْرَةْ
"بَاسْتِيتَ"
الْإِلَهَةِ
لِلْاِسْتِعَارَةْ...
كَفَانَا كَلاَمْ
نَفْهَمُ بِالسَّوطِ لاَ بِالْإِشَارَةْ
مَدَانَا الصِّرَاعُ
فَأَيْنَ
السَّلاَمْ...؟)
كَفَانَا كَلاَمْ...
الْمَدَى
نَغَمٌ
غَجَرِيٌّ مَدَاهُ
سَجِيٌّ
سَجِينٌ
فِي
مَتَاهَاتِ الدُّرُوبْ
شَجِيناً
تَعْزِفُهُ الْأُمْنِيَاتُ
بِالْاِحْتِضَارِ
فِي عَرَصَاتِ الْقُلُوبْ
خَجُولَ التَّهَادِي
كَخَدِّ النَّخِيلِ حِينَ تَهُشُّ عَلَيْهِ
الرِّيَاحُ
بِشِفَاهِ الْغُرُوبْ
وَأَعْدُو إِلَيْهِ...
وَحِينَ أَجْتَازُهُ - خَطَّ الْمَدَى –
تَرَانِي
أَعُودُ..
جَدِيراً بِهِ
لِأَعْدُوَ إِلَيْهْ...
تَرَاهُ بَعِيداً فِي الزَّمَكَانِ
أَرَاهُ قَرِيباً
فِي
الْخَاطِرِ
وَالْخَاصِرَةْ.
وَلَيْسَتْ
فِي حَاجَةٍ إِلَى حَاجَةٍ
مِنْ مَدِيحٍ
مِنْكُمُ
تِلْكُمُ
"النَّاصِرَةْ".