شهريار عصري يمتطي صهوة جواد بالغ الرعونة و الخفة ، يخترق دروبا معتمة ، و غابات موحشة بقناديل آيلة للانطفاء وأخرى ملتهبة التهاب شعلة عاشوراء في عيدها السنوي العابر .
دفء وجداني بين عواصف عاتية تتقاذفها التيارات الهوائية من كل الجوانب. ونزق سلوكي ينفلت من معايير أغلب الأنساق المتفق عليها .
لباسه متعدد الهوية يجمع ما بين الأضداد انتماءات متحولة حسب الزمان والمكان.: ثوري حد خلخلة أعتى الثوابت و السياجات وتقليدي أحيانا أخرى درجة الاقتتات من منظومة العصر الحجري و الانسحاق داخل القوقعات الإرثية على حساب عقلانية التفكير والتحليل .
مفارقات وداعة حالمة مكسوة بالقسوة الموغلة في الإيلام . وفضاضة ملفوفة بأردية إرث أريكولوجي لا زال يكرس روح الغبن و سيف الإثم والعار .
حبه غرائبي يحرك دواخل الأشجان ، ومعه امتلاك لفن الغزل الصادق حينا والمعلب أحيانا أخرى كسندويتتشات الماكدونالد ،الجاهزة للاستهلاك هنا والآن برغم كل الحذلقة والاستنكار.
يؤثث فضاءه بدفء جوقة أنثوية تحوم في فلك التفاهة و الشعوذة و فتات الوجدانيات بحثا عن الرقة والأمان ..المفقودة في هذا الزمان .
يزرع حوله سراب حنان وأمان ، تصلح وجبة للاقتتات تقسيطا وسط الضجيج الموغل في الزحمة حد الاختناق ، حيث يمارس القلب هواية الاسترزاق في زمن الاسترزاق هذا على كل المستويات .
يتوهم الجميع إسكات صرخات وحدة موغلة في العمق و الانشطار . عبر فتات متعة مسروقة
من سوق نساخة مبطنة بمساحيق متعددة الألوان .
شهريار بلدي يتداخل عنده الخاص بالعام حد الفوضى المنزلقة على حافة التنظيم والترتيب .
وحده يدرك أسرار فوضاه المشحونة بالآهات والأنات والسرد السخيف في أغلب الأحيان المتواتر برتابة بالغة في كل زمان ومكان . ووحده يستطيع ترتيب فوضاه واقتلاع الأنس و نسيخ الإنتاج
و جمع فتات المتعة ،عبرها و من خلالها ،بإصرار مريب حد الانبهار.
وعندما يصادف شهريار بلدي الفطنة و إتقان فن الحكي و اختراق أدغال المشاعر و متاهات الوجدان ، و فن العزف على الأوتار المصقعة بجليد الحضور الغائب....
يخاف الألفة الموغلة في العمق غير القابل للانشطار ، والتواجد الشامخ على أرض العشرة
الصلبة بدون لف أو دوران ،
فيحرك معاول الهدم و التحدي لتكسير أبيات الشعر المنمقة من شوارب الشهرزادات...
و اجتثات رحيق النضارة ..من أجمل الجميلات
رعونة أحصنته غير المسيجة تعمل على اجتثات ورود القرنفل الممتد عبقه من الحدائق الأندلسية في عز مجدها العربي ...
فورودها تلح على كونها آيلة للانبثاق والنمو برغم معاول التسييج و الكوابح والحصار
بما فيها تلك المنتمية للاوعي الفردي والجماعي .
شهريار عصري يبدو بالغ الرعونة لمن يعاين نزقه بحياد مريب . يبهر أحيانا بصراحته المميزة حد الإيلام ....و يربك الإدراك أحيانا أخرى بمراوغاته الموغلة في الالتباس والغموض .
لكن شهرزاد عصري تلح على مداعبة خيوط الألفة ما بين ثنايا انكسار ولو كان موغلا في الإيلام, تنسج بها خيوط تواصل لا مناص منه لاستمرار حياة بشرية برغم كل الاختلالات .
ترقع ثقوب الأردية العتيقة وتنسج أخرى جديدة تحتمي بها من صقيع هذه التناقضات الوجودية . تسعى للف تنافرات الجسد والروح في وحدة متناسقة برغم كل العذابات والتضحيات .
تصر شهرزاد عصري على محاربة كل أساليب الوأد الرمزي مثلما حاربت التقتيل المجاني ذكاء
و إبداعا وعطاء .
تتماهى الشهرزادات مع إكسير الحياة … لأنها برغم كل أنواع الجنون الفردي والجماعي الملتبس سوء الفهم والإمعان أحيانا في الأنانية والخذلان ، تصر على الوجود في أبهى مظاهره و صوره وتجلياته .
تتحول الشهرزادات إلى شحرورة تتغنى بفن السلم والسلام ، حتى و إن تمادى البوم في نعيقه
واخترق عنفه أجواء كل الفضاءات . تعمل على تدبيركل أشكال العصاب الفردية والمجتمعية و تصر على مقاومة الوأد والعنف بتخصيب الوجدان والعقول بقيمتي الفهم والحنان برغم كل شيء.
من أجل هاتين القيمتين ،ليس إلا ، ستقاوم شهرزاد رغبة القتل الشهريارية كيفما كانت و تحت أية لبوس او استيهامات ..وتتعلم لعبة المزاوجة ما بين الحب والعذاب واجتثاث التدمير بحنكة الإبداع . داخل ثقافة مركبة من وجدانيات تلف نكهتها توابل الأنات و الأطلال والبكائيات ،برغم كل الحكي والسرد و الأوهام و حتى التداعيات….
ترتشف حنين الوجبات المفعمة بالمرارة الحلوة برغم كل شيء . لأن الحكمة البشرية قد تعلم الإنسان بأن التناقض هو سر الحياة في نهاية المطاف. المهم هو ترتيب تنافراتهما بإصرار واضح لا يعمل على تحطيم الأنفة والكرامة جملة وتفصيلا. وتوجيه سيرورة الحياة…نحو الحياة.
عائشة التاج