http://www.ahmadhsain.malware-site.www/
عنات - أو الخروج من الزمن الهجري
مقدّمة المؤلف
شَـــدْوان
أَدْخُلُ ...
بَدْءًا في التَّكْوينِ عَلَيْهِ ثِيابُ العُرْسِ، نَهارًا أنْقَى مِنْ جَسَدِ الطِّفْلْ.
أسْمَعُ هَمْسًا لا يُشْبِهُ صَوْتَ الرِّيحِ، كَأنَّ الأرْضَ تَبوحُ بِشَيْءٍ فيهْ.
حَقّاً،
إنَّ صُخورَ الكَرْمِلِ مِنْ جِهَةِ البَحْرِ لَها قَسَماتٌ وَمَلامِحُ، فَكَأنَّ وُجوهًا تَخْتَلِسُ النَّظَرَ إلَيْكَ مِنَ الصَّخْرِ وَتوشِكُ أنْ تَتَكَلَّمْ.
لَمْ يَسْكَرْ «شَدْوانُ» بِخَمْرٍ كاذِبَةٍ...!
هذي الأرْضُ مُغَمَّسَةٌ بِنَوايا العِشْقِ، لَها إطْلالَةُ نَهْدٍ عَبْرَ الثَّوْبِ، وَطَرْفُ امْرَأةٍ في التَّقْبيلْ.
لا يَزْعُمُ أسْرارَ الكَوْنِ سِوى الشُّعَراءِ، وَلكِنّي وَتَرٌ حَمَّلَهُ «شَدْوانُ» العَزْفْ...
ناوَلَني البَحْرُ حَنينَ السَّفَرِ الغامِضِ، فَـتَبدَّلْتُ عَلى طَرَفِ الرِّحْلَةِ، وَسَكِرْتُ بِكَأسٍ فيها أسْرارُ الخَمْرِ جَميعًا.
كَلَّمْتُ الصَّخْرَ، فَرَدَّ عَلَيّ.
(مَرَرْتُ بِشَدْوانَ عَلى بابِ اللَّيْلِ، يُفَتِّشُ عَنْ شَيْءٍ وَالرِّيحُ البارِدَةُ تُفَتِّشُ خَلْفَ مَلابِسِهِ.
«لا يَخْرُجُ في هذا اللَّيْلِ سِوى شَبَحٍ».
- مَنْ أنْتْ!
- أنا لا أعْرِفُ أحَدًا غَيْرَ المَطَرِ هُنا.
- هَلْ تَأتي لِمُلاقاةِ المَطَرِ إذا جاءْ؟
- لا. يَأتي المَطَرُ إذا جِئْتُ.
«هَلْ يَخْرُجُ في هذا اللَّيْلِ سِوى مَجْنونٍ؟».
- إِصْعَدْ كَيْ أوصِلَكَ إلى بابِ دِمَشْقْ!
- إنْزِلْ كَيْ تَغْتَسِلَ مَعي!)
تَبَدَّلْتُ عَلى «دَرَجِ الحورِيَّةِ» كَعَلاماتِ الضَّوْءِ، دَخَلْتُ زَمانًا آخَرَ، صارَ العالَمُ خَلْفي.
أشْرَقَ فِيَّ البَحْرُ كَأنّي سَهْلٌ يَمْتَدُّ، دَخَلْتُ هُدوءَ الصَّوْتِ المُقْبِلِ نَحْوَ السّاحِلِ كَنَشيدٍ أُمَمِيّ.
لا تُؤْمِنْ إلاّ لِلْبَحْرْ!
(- لماذا تَرْفُضُ يا «شَدْوانُ» العالَمْ؟
لَيْسَ هُناكَ مَكانٌ غَيْرَ العالَمِ تَقْصُدُهُ.
- ألعالَمُ لَيْسَ مَكانًا!
ألعالَمُ أُمٌّ.
ثَدْيٌ يَعْرِفُهُ الطِّفْلُ بِشَفَتَيْهِ.
ألعالَمُ عُشُّ الطّائِرِ وَوِجارُ الكَلْبِ وَثُقْبُ الأفْعَى.
رَجُلٌ يَطْرُقُ في اللَّيْلِ البارِدِ بابَ حَبيبَتِهِ.
- إخْتَرْ لَكَ شَيْئًا!
- إخْتَرْتُ مَغارَةَ «يامُوتَ» عَلى خاصِرَةِ الكَرْمِلِ مِنْ جِهَةِ البَحْرْ.
هُنالِكَ «دَرَجُ الحورِيَّةِ» يَنْتَظِرُ، كَما أَنْتَظِرُ، وَلكنَّ الدَّرْبَ طَويلٌ وَكَذوبٌ كَالعادَة.
لا تُؤمِنْ إلاّ لِلْبَحْرْ!
- هَلْ تَعْرِفُ كَيْفَ تَعودُ إلَيْها؟
- كُلُّ الأمْواجِ سَتَصِلُ إلى الشّاطِئِ مَهْما طالَ السَّفَرُ، أوِ اسْتَبْدَلَتِ الرِّيحُ مَوانِئَها.)
يَرْفُضُ قَدَمَيَّ الصَّخْرُ، تُدَحْرِجُني الخُطُواتُ عَلى الألَمِ الصَّلْدِ، تُنَقِّلُني كَعَصا الأعْمى.
لا تُؤمِنْ إلاّ لِلْبَحْرْ!
هَلْ يَصْعَدُ - مَثَلاً - «دَرَجُ الحورِيَّةِ» نَحْوَ القِمَّةِ، أَمْ يَهْبِطُ نَحْوَ القاعْ؟
عنات - أو الخروج من الزمن الهجري
مقدّمة المؤلف
ألصَقتُمْ بي كُلَّ دَواعي السُّقوطِ وَعُقَدِ المَوْتْ
وَتَرَكْتُموني مُنْفَرِدًا مَعَ أعْدائي.
أحَطْتُموني بُالصَّمْتِ وَنَقيقِ الضّفادِعِ
لِيَسْقُطَ جَسَدي عَلى الأرْضِ الصَّلْدَةِ بِدونِ رَنينْ
وَلكَيْ لا يَسْمَعَ أحَدٌ صَوْتَ دَمي وَهُوَ يَشْخُبْ.
تْفو
إذا زَحَفَتِ الأَشْجارُ عَلى جُذوعِها كَالأفاعي
كَثُرَتِ الطُّفَيْلِيّاتُ ذاتُ الألوانِ المُخْتَلِفَة
وَتَعَفَّنَ الثَّمَرْ.
كُلُّ بَلاهاتِكُمُ المَقْصوصَةِ جَيِّدًا
مِنْ وَرَقِ الجَرائِدِ، وَسَراويلِ العاهِراتِ
وَوُجوهِ الحَمْقى مِنْ أصْدِقائي
سَتَكونُ فَقَطْ
لاسْتِعْمالِيَ الشَّخْصِيّ.
وَبَعْد،
أعْرِفُ أكْثَرَ مِنْ رَجُل
احْتَرَقَ داخِلَ أنْبوبَة
أوْ ماتَ بِهُدوءٍ غامِض
كَما يَموتُ الأغْنِياءُ في المُسْتَشْفَياتِ
مَوْتًا مَخْصوصًا.
وَمَعَ ذلِك
فَإنَّ خَرائِطَ مَوْتِهِمْ مُعَلَّقَةٌ في الفَضاء
وَعَلَيْها مِسْحَةٌ مِنَ السُّخْرِيَة.
أحمد حسين
آب 1983
وَتَرَكْتُموني مُنْفَرِدًا مَعَ أعْدائي.
أحَطْتُموني بُالصَّمْتِ وَنَقيقِ الضّفادِعِ
لِيَسْقُطَ جَسَدي عَلى الأرْضِ الصَّلْدَةِ بِدونِ رَنينْ
وَلكَيْ لا يَسْمَعَ أحَدٌ صَوْتَ دَمي وَهُوَ يَشْخُبْ.
تْفو
إذا زَحَفَتِ الأَشْجارُ عَلى جُذوعِها كَالأفاعي
كَثُرَتِ الطُّفَيْلِيّاتُ ذاتُ الألوانِ المُخْتَلِفَة
وَتَعَفَّنَ الثَّمَرْ.
كُلُّ بَلاهاتِكُمُ المَقْصوصَةِ جَيِّدًا
مِنْ وَرَقِ الجَرائِدِ، وَسَراويلِ العاهِراتِ
وَوُجوهِ الحَمْقى مِنْ أصْدِقائي
سَتَكونُ فَقَطْ
لاسْتِعْمالِيَ الشَّخْصِيّ.
وَبَعْد،
أعْرِفُ أكْثَرَ مِنْ رَجُل
احْتَرَقَ داخِلَ أنْبوبَة
أوْ ماتَ بِهُدوءٍ غامِض
كَما يَموتُ الأغْنِياءُ في المُسْتَشْفَياتِ
مَوْتًا مَخْصوصًا.
وَمَعَ ذلِك
فَإنَّ خَرائِطَ مَوْتِهِمْ مُعَلَّقَةٌ في الفَضاء
وَعَلَيْها مِسْحَةٌ مِنَ السُّخْرِيَة.
أحمد حسين
آب 1983
شَـــدْوان
أَدْخُلُ ...
بَدْءًا في التَّكْوينِ عَلَيْهِ ثِيابُ العُرْسِ، نَهارًا أنْقَى مِنْ جَسَدِ الطِّفْلْ.
أسْمَعُ هَمْسًا لا يُشْبِهُ صَوْتَ الرِّيحِ، كَأنَّ الأرْضَ تَبوحُ بِشَيْءٍ فيهْ.
حَقّاً،
إنَّ صُخورَ الكَرْمِلِ مِنْ جِهَةِ البَحْرِ لَها قَسَماتٌ وَمَلامِحُ، فَكَأنَّ وُجوهًا تَخْتَلِسُ النَّظَرَ إلَيْكَ مِنَ الصَّخْرِ وَتوشِكُ أنْ تَتَكَلَّمْ.
لَمْ يَسْكَرْ «شَدْوانُ» بِخَمْرٍ كاذِبَةٍ...!
هذي الأرْضُ مُغَمَّسَةٌ بِنَوايا العِشْقِ، لَها إطْلالَةُ نَهْدٍ عَبْرَ الثَّوْبِ، وَطَرْفُ امْرَأةٍ في التَّقْبيلْ.
لا يَزْعُمُ أسْرارَ الكَوْنِ سِوى الشُّعَراءِ، وَلكِنّي وَتَرٌ حَمَّلَهُ «شَدْوانُ» العَزْفْ...
ناوَلَني البَحْرُ حَنينَ السَّفَرِ الغامِضِ، فَـتَبدَّلْتُ عَلى طَرَفِ الرِّحْلَةِ، وَسَكِرْتُ بِكَأسٍ فيها أسْرارُ الخَمْرِ جَميعًا.
كَلَّمْتُ الصَّخْرَ، فَرَدَّ عَلَيّ.
(مَرَرْتُ بِشَدْوانَ عَلى بابِ اللَّيْلِ، يُفَتِّشُ عَنْ شَيْءٍ وَالرِّيحُ البارِدَةُ تُفَتِّشُ خَلْفَ مَلابِسِهِ.
«لا يَخْرُجُ في هذا اللَّيْلِ سِوى شَبَحٍ».
- مَنْ أنْتْ!
- أنا لا أعْرِفُ أحَدًا غَيْرَ المَطَرِ هُنا.
- هَلْ تَأتي لِمُلاقاةِ المَطَرِ إذا جاءْ؟
- لا. يَأتي المَطَرُ إذا جِئْتُ.
«هَلْ يَخْرُجُ في هذا اللَّيْلِ سِوى مَجْنونٍ؟».
- إِصْعَدْ كَيْ أوصِلَكَ إلى بابِ دِمَشْقْ!
- إنْزِلْ كَيْ تَغْتَسِلَ مَعي!)
تَبَدَّلْتُ عَلى «دَرَجِ الحورِيَّةِ» كَعَلاماتِ الضَّوْءِ، دَخَلْتُ زَمانًا آخَرَ، صارَ العالَمُ خَلْفي.
أشْرَقَ فِيَّ البَحْرُ كَأنّي سَهْلٌ يَمْتَدُّ، دَخَلْتُ هُدوءَ الصَّوْتِ المُقْبِلِ نَحْوَ السّاحِلِ كَنَشيدٍ أُمَمِيّ.
لا تُؤْمِنْ إلاّ لِلْبَحْرْ!
(- لماذا تَرْفُضُ يا «شَدْوانُ» العالَمْ؟
لَيْسَ هُناكَ مَكانٌ غَيْرَ العالَمِ تَقْصُدُهُ.
- ألعالَمُ لَيْسَ مَكانًا!
ألعالَمُ أُمٌّ.
ثَدْيٌ يَعْرِفُهُ الطِّفْلُ بِشَفَتَيْهِ.
ألعالَمُ عُشُّ الطّائِرِ وَوِجارُ الكَلْبِ وَثُقْبُ الأفْعَى.
رَجُلٌ يَطْرُقُ في اللَّيْلِ البارِدِ بابَ حَبيبَتِهِ.
- إخْتَرْ لَكَ شَيْئًا!
- إخْتَرْتُ مَغارَةَ «يامُوتَ» عَلى خاصِرَةِ الكَرْمِلِ مِنْ جِهَةِ البَحْرْ.
هُنالِكَ «دَرَجُ الحورِيَّةِ» يَنْتَظِرُ، كَما أَنْتَظِرُ، وَلكنَّ الدَّرْبَ طَويلٌ وَكَذوبٌ كَالعادَة.
لا تُؤمِنْ إلاّ لِلْبَحْرْ!
- هَلْ تَعْرِفُ كَيْفَ تَعودُ إلَيْها؟
- كُلُّ الأمْواجِ سَتَصِلُ إلى الشّاطِئِ مَهْما طالَ السَّفَرُ، أوِ اسْتَبْدَلَتِ الرِّيحُ مَوانِئَها.)
يَرْفُضُ قَدَمَيَّ الصَّخْرُ، تُدَحْرِجُني الخُطُواتُ عَلى الألَمِ الصَّلْدِ، تُنَقِّلُني كَعَصا الأعْمى.
لا تُؤمِنْ إلاّ لِلْبَحْرْ!
هَلْ يَصْعَدُ - مَثَلاً - «دَرَجُ الحورِيَّةِ» نَحْوَ القِمَّةِ، أَمْ يَهْبِطُ نَحْوَ القاعْ؟