ما تقوله الزرقة في أذن السجن
عن مجموعة ( ترنيمات الأزرق )
للتشكيلية والشاعرة التونسية راضية العرفاوي
بقلم محررة فراديس
عن مجموعة ( ترنيمات الأزرق )
للتشكيلية والشاعرة التونسية راضية العرفاوي
بقلم محررة فراديس
الكاتبة السعودية ضياء يوسف
منذ الإنسان وملامح التشكيل يمكن طرحها بأكثر من طريقة تتجاوز تاريخ الحضارة
لجوهر التعبير وتتجاوز محدودية التقنية لفضاء أرحب من القول والعمل .
التشكيلية والشاعرة راضية العرفاوي في مجموعتها التشكيلية (ترنيمات الأزرق )
تخرج عن عادة الأنابيب والفراشي في نسج سيرة اللون لتأخذ بللتها شكل الطابعة
وليأخذ كمبيوترها روح الأصابع وسكاكين التلوين وضربات الشعر الرقيق على النفس ..
بمهارة عالية لا يمكن أخطاءها .
لعل اللون في دلالته الجزئيه في نطاق التعبير ما هو إلا نوع من الشعر الذي يقال بلسان بصري .. كل فنان يعمل على صناعة كائن أو أكثر يكشف لنا باللون عن وجوده ..
راضية العرفاوي التونسية الأجمل تجمع البصر المحسوس لتصنع من اللون ذاته كائن يقول عن تواجدنا نحن في إيقوناتها الزرقاء التي أحب جدا أن أسميها طعنة الزرقة التي تحمل من الدلالات ما يساعد على البحث والنزف معا .
على سبيل الإنسان لو أنصتنا قليلا لبث زرقتها لن نُجهد كثيرا في إدراك
صوت الزرقة يحاور أذن السجن / صوت الروح يخاطب الجسد.. يقول له آهته .
تستعير الحضور والقوة ولنقل قسوة حضور الزرقة وطغيانها من هيمنة السماء
ولجاجة المحيطات المسيطرة على كوكب علمه الأزرق . ..
لكنها تدفع من خلال كل هذا بعلامة جديدة زرقاء لها ذات الضخامة/ اسمها الإنسان..
للغرابة / في ترنيماتها لا يخترق برود الزرقة معناها بجمود جليده بقدر ما يبعث
حرقة تشتعل بهدوء تبث حزنها في اطار اللوحة كـأن لا حياة في هذا الداخل
لغير الأزرق الكثيف حزنا وحصارا .
في مجموعتها تتوالى رموزها رغم أنها تحرث اللوحة بمحراث واحد تقريبا
حتى إذا جرحت اللوحة وسال دمها توقفت عن نبش داخلها ..
وكأن الزرقة أحدّ مبضع وأسرع ما يمكن النبش به في جلدة الدم .
قد يتبادر لنا من خلال لوحاتها أن الحمرة كائن قائم بحد ذاته يرتدي الأزرق من شدة البرد
فلا يكاد يبين بعضه .. ويجعل البصر في الصقيع خارج رداءه الأزرق .
كمتلقين سنتمكن ببساطة ونحن نمسك بها متلبسة بالهذيان تحلل النص الشعري إلى ضوء ثقيل كثيف يأخذ بيد السجن لقبضة الروح ..
ويأخذ الروح لسوداوية القيد الذي هو قدرها منذ تعليق طيرها بقفص الجسد.
رغم أن الزرقة لون الماء الذي تكثف فحمله كتف الهواء ورغم أنه لون البلل
إلا أن زرقتها تخفف من حضور كل شيء فيها وتتكثف هي بحيث تبدوا ثقيلة
ثقل الآهة التي لا تمضي لمستقر الخروج كأنها الغصة تتضخم فلا تُبلع
كأنها الحزن بأوضح أشكاله ..بأعقدها وغولا بأكثر حالاته بديهية .
دائما في المنمنمات هناك ما يحدث في الجهة اليسرى من الصدر , هذا الموت الأزرق المتواتر على وشك أن يبدأ نزعه ..لكنه لا يبدؤه وبعد في الظلال كلام يقال يقف فيما بين كثافة البدء وكثافة الانتهاء .. يبقى أمله لطخ النزف ويبقى موته في القضبان الـ تُنشب استقامتها في لحم الماء .. فيأمل بالخلاص بـ لطخ أمله .
راضيه العرفاوي تحقن العين بقصائد رقيق حزنها ..
بالدمعة التي بحجم الحياة على اعتبار أن اللوحة حياة كاملة وعمر يبدأ وينتهي في الأضلع الأربع المسننة .. وعلى اعتبار أن لا فاصل يحد من كتلة أزرقها أو يحلحل تماسكه .
لن نوغل في الذهاب بعيدا عن ذواتنا إذا ما غرقنا في ذاتها ..فنحن في أسفل دمعها لا نتنفس غير ماء الروح الذي كلنا فيه سواء .. وكلنا في قيد طينه سواء .. وكلنا في أسماله عيون يفيض بصرها بدمع لا يُرى تتفانى راضيه بجعله مرئيا للعين والقلب معا .
وعلى سيرة الغرق بقي أن أقول بعد أن ثقافة العطش من شأنها أن تلد في الأماني غابات الماء حتى إذا ما تشكلت في ذهن السجن غرفنا نحن في نعماء البلل غرقا يمكننا من المكوث في التمني أكثر ..ومن إطالة عمر الغابات .
راضية العرفاوي في مجموعتها تختصر اللين الذي في أوان تصلبه ..
وتختصر الارتواء في أزمان تقشفه وتجعل من الدنيا إمبراطورية موغلة في التطرف ..
تقول بوضوح سافر . و.بلغة واحدة إنسانا جديدا يختصر عمق المحيطات وحزن السماء في وجوده / الحياة ..
في حياته ../ الوجود ! . .
لقراءة النص في فراديس
http://www.alwjh.net/frades/ff118.htm